في عملية بارزة، فكك محققو الجرائم الإلكترونية من أوروبا وأمريكا الشمالية شبكة جرائم إلكترونية وبرمجيات خبيثة رئيسية يُعتقد أن مُجرمي الإنترنت الروس يُديرونها، مُوجهين بذلك ضربةً قاصمة للجريمة الإلكترونية الدولية.

بحسب الجارديان، أدى هذا الجهد التعاوني، الذي شاركت فيه قوات شرطة من المملكة المتحدة وكندا والدنمارك وهولندا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، إلى إصدار أوامر اعتقال دولية بحق 20 مشتبهًا بهم، معظمهم يقيمون في روسيا.

في الوقت نفسه، كشفت الولايات المتحدة عن لوائح اتهام ضد 16 شخصًا يُزعم تورطهم في عمليات البرمجيات الخبيثة سيئة السمعة “Qakbot” و”Danabot”.

المشتبه بهم الرئيسيون والجماعات المستهدفة

من بين المتهمين العقول المدبرة المزعومة وراء العديد من جماعات الجرائم الإلكترونية واسعة الانتشار. حددت وزارة العدل الأمريكية رستم رافايليفيتش غالياموف، المقيم في موسكو، وألكسندر ستيبانوف (“جيم بي”) وأرتيم ألكسندروفيتش كالينكين (“أونيكس”)، وكلاهما من نوفوسيبيرسك، كقادة لعمليات البرمجيات الخبيثة “كاكبوت” و”دانابوت”.

يُتهم فيتالي نيكولايفيتش كوفاليف، وهو شخصية محورية أخرى، وهو مواطن روسي يبلغ من العمر 36 عامًا، برئاسة “كونتي” – التي وصفها المحققون الألمان بأنها “أكثر مجموعات ابتزاز برامج الفدية احترافية وتنظيمًا في العالم”.

يُعتقد أن كوفاليف، المعروف باسميه المستعارين “ستيرن” و”بن”، قد دبر هجمات على مئات الشركات حول العالم، وابتزاز ملايين الدولارات عبر حملات برامج الفدية. ويربط المحققون بينه وبين “كونتي” أيضًا، بالإضافة إلى مجموعات برامج الفدية “تريكبوت” و”رويال” و”بلاك سوت”. تُقدر قيمة محفظته الرقمية الشخصية بنحو مليار يورو، مما يُبرز الحجم المالي الهائل للعملية.

أثر العملية ونطاقها

أسفرت العملية، التي أُطلق عليها اسم “نهاية اللعبة”، والتي قادها المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية (BKA) في ألمانيا، عن تحديد هوية 37 مجرمًا، مع وجود أدلة كافية لإصدار 20 مذكرة توقيف.

وفقًا لرئيس المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، هولغر مونش، فإن ألمانيا كانت هدفًا خاصًا لمجرمي الإنترنت، مما جعل هذه العملية إنجازًا هامًا في جهود مكافحة الجرائم الإلكترونية. كما أصدر المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية نداءات عامة للمساعدة في تعقب 18 مشتبهًا بهم متورطين في برمجيتي Qakbot وTrickbot الخبيثتين.

كشف التحقيق أن منظمة الجرائم الإلكترونية سيطرت على برمجيات خبيثة ونشرتها، واخترق أكثر من 300 ألف جهاز كمبيوتر حول العالم، مما أثر على ضحايا في الولايات المتحدة وأستراليا وبولندا والهند وإيطاليا.

استخدمت المجموعة منتديات باللغة الروسية للترويج لبرمجياتها الخبيثة، واستُخدمت نسخة تجسسية خصيصًا لاستهداف المنظمات العسكرية والدبلوماسية وغير الحكومية. غالبًا ما كانت البيانات المسروقة في هذه الهجمات تُخزن على خوادم داخل روسيا، مما يُعقّد جهود إنفاذ القانون الدولية.

حملات برامج الفدية سيئة السمعة وضحايا دوليون

استهدفت عمليات البرامج الضارة مجموعة واسعة من الضحايا، بدءًا من متاجر تجزئة مرموقة مثل ماركس آند سبنسر في المملكة المتحدة وصولًا إلى مستشفيات أمريكية، لا سيما خلال جائحة كوفيد-19. حتى أن السلطات الأمريكية عرضت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى قادة كونتي، مما يؤكد خطورة التهديد.

كما حددت عملية “نهاية اللعبة” مشتبهًا أوكرانيًا، رومان ميخائيلوفيتش بروكوب، يُعتقد أنه عضو رئيسي في “كاكبوت”. لا يزال معظم المشتبه بهم يعملون انطلاقًا من روسيا، ويُقال إن بعضهم يقيم في دبي.

لا يزال تسليمهم إلى أوروبا أو الولايات المتحدة مستبعدًا، لكن تحديد هوية هؤلاء المشتبه بهم وكشفهم دوليًا يُعد خطوة كبيرة إلى الأمام في تعطيل شبكات الجرائم الإلكترونية.

اقرأ أيضا.. علامات حياة خارج الأرض؟ الأمل يتراجع بعد إعادة تحليل بيانات الكوكب K2-18b

آراء الخبراء: خطوة حاسمة في إنفاذ قوانين الأمن السيبراني

يشيد المسؤولون الألمان والدوليون بالعملية باعتبارها إنجازًا كبيرًا. أكد هولغر مونش، رئيس المكتب الاتحادي للتحقيقات الجنائية، على الأثر الرمزي والعملي لعملية “نهاية اللعبة”، قائلاً: “مع عملية “نهاية اللعبة 2.0″، أثبتنا مجددًا فعالية استراتيجياتنا – حتى في الشبكة المظلمة التي يُفترض أنها مجهولة المصدر”.

لا يقتصر تركيز المحققين الآن على الجوانب التقنية للجرائم الإلكترونية فحسب، بل يشمل أيضًا الأنشطة الأوسع نطاقًا المتعلقة بالعصابات، والابتزاز التجاري، وعضويات المنظمات الإجرامية.

في حين لا تزال التحديات العملية لتسليم المواطنين الروس قائمة، تعتقد جهات إنفاذ القانون أن الكشف والضغط القانوني سيكون لهما تداعيات كبيرة على منظومة الجرائم الإلكترونية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط