بين سيارات الأجرة والنقل الذكي: المغرب تتجه لعصرنة قطاع النقل بقانون صارم وتقنيات حديثة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين سيارات الأجرة والنقل الذكي: المغرب تتجه لعصرنة قطاع النقل بقانون صارم وتقنيات حديثة - تكنو بلس, اليوم الأحد 18 مايو 2025 06:29 صباحاً


من الدار البيضاء إلى الرباط، ومن مراكش إلى طنجة، تتصاعد في الشوارع المغربية بوادر توتر خفي لا يدركه كثيرون، لكن نتائجه أصبحت ملموسة؛ مشادات، مطاردات، بل وأحياناً اشتباكات دموية بين سائقي سيارات الأجرة وممارسي النقل الذكي عبر التطبيقات. إنه صراع لا يدور فقط حول استقطاب الزبون، بل يمتد ليشمل الاعتراف والحق في العمل، وأحقية التواجد ضمن سوق تتغير بسرعة ولا تنتظر.

في ظل هذا السياق المتوتر، جاء موقف وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، الذي يمكن اعتباره أول رد رسمي صريح وشامل تجاه هذه الظاهرة المتنامية. تحدث الوزير بلغة القانون والحزم، واضعاً حدوداً واضحة بين المسموح والممنوع، ومعلناً رؤية الدولة لتنظيم قطاع طالما اشتكى من الفوضى والارتجال.

في رده المكتوب على سؤال تقدمت به البرلمانية عزيزة بوجريدة عن الفريق الحركي، والذي اطلعت عليه جريدة "النهار"، شدد لفتيت على أن استخدام التطبيقات الذكية لتقديم خدمات النقل دون ترخيص قانوني يُعد "من الممارسات غير المشروعة"، مشيراً إلى أن ذلك يخالف مقتضيات الظهير الشريف رقم 1.63.260 المتعلق بالنقل عبر الطرق، وكذلك القانون رقم 52.05 الخاص بمدونة السير.

لم يكتفِ الوزير بالتوصيف القانوني، بل وجه رسائل مباشرة، قائلاً: "لا يحق لأي جهة، سواء كانت فرداً أو هيئة، التدخل لمواجهة سائقي النقل الذكي غير المرخص، وأي تدخل من هذا القبيل يُعد خرقاً للقانون ويعرض صاحبه للمساءلة".

وفي خطوة تعكس جدية وزارة الداخلية في التعامل مع هذه الظاهرة، كشف لفتيت عن تنسيق مباشر بين مصالح الأمن الوطني والمصالح الإقليمية، حيث تقوم هذه الجهات بتنفيذ حملات ميدانية تستهدف السائقين الذين يستخدمون سياراتهم الخاصة لنقل الركاب دون ترخيص، مع توقيفهم وحجز مركباتهم.

وأوضح الوزير أن هذه الحملات "لا تهدف فقط إلى إنفاذ القانون، بل أيضاً إلى حماية السير العادي للطرقات وضمان أمن المواطنين"، مشدداً على أن "أي تدخل من خارج السلطات القضائية والأمنية يعد غير قانوني، حتى وإن كان بدافع الدفاع عن المهنة".

معركة الشوارع: وجهتا نظر متناقضتان
في قلب الدار البيضاء، حيث تحتضن المدينة أكبر شبكة من سيارات الأجرة والسائقين العاملين عبر التطبيقات الذكية، استمعت "النهار" إلى آراء الأطراف المتنازعة.

حمزة (33 عاماً)، سائق ضمن تطبيق ذكي معروف، يقول: "أنا حاصل على شهادة جامعية ولم أجد وظيفة منذ أربع سنوات.. هذه التطبيقات منحتنا فرصة للعمل بكرامة، حيث نعمل بشفافية ونقدم خدمات مريحة وآمنة. الزبون يطلبنا بكامل إرادته ويعرف مسبقاً المسافة والتكلفة. أين الضرر؟ بدلاً من محاربتنا، يجب تنظيمنا".

على الجانب الآخر، يقف مصطفى (52 عاماً)، سائق سيارة أجرة منذ أكثر من عشرين عامًا، معبرًا عن استيائه: "نعمل في ظروف صعبة، وندفع الضرائب، ونتحمل تكاليف رخصة الثقة والتزامات مالية معقدة. فجأة يظهر من يستخدم سيارته الخاصة لنقل الركاب دون احترام أي إجراء قانوني. هذه ليست منافسة، بل اجتياح غير عادل".

ويضيف: "لسنا ضد التحديث، لكننا نرفض الفوضى. إذا أرادت الدولة اعتماد هذا النمط الجديد، فيجب أن يكون ضمن إطار قانوني عادل".

إصلاحات تنظيمية وإدماج التكنولوجيا
كشف الوزير لفتيت عن إجراءات إصلاحية بدأ تنفيذها منذ أكثر من عامين، فأشار إلى الدورية الوزارية رقم 444 الصادرة بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2022، والتي توجه الولاة والعمال إلى اتخاذ تدابير صارمة لضبط استغلال رخص سيارات الأجرة.

من بين هذه التدابير:
- قصر استغلال الرخص على السائقين المهنيين الحاصلين على رخصة الثقة وبطاقة السائق المهني.
- منع تجديد عقود الاستغلال مع غير المهنيين بعد انتهاء صلاحيتها.
- تقييد الحق في استغلال الرخصة الواحدة لكل شخص.
- منع تدخل الوسطاء وتكريس مبدأ المهنية.

وأعلن الوزير عن إنشاء سجلات محلية للسائقين المهنيين على مستوى جميع العمالات والأقاليم، لمنع توقيع عقود استغلال خارج هذا السجل. كما أُلزم من يقومون بتحويل رخصهم من غير المهنيين بتوقيع عقود فقط مع مستغلين مهنيين معترف بهم، ما ساهم في تقليص دور السماسرة وضبط القطاع.

التكنولوجيا في خدمة القانون
أكد الوزير أن الوزارة تعمل على تنفيذ خطة شاملة على المستويين المركزي والمحلي بهدف تحسين تنظيم القطاع وتكريس المهنية ورفع جودة خدمات سيارات الأجرة، من خلال تحديث القطاع واعتماد وسائل التدبير الذكي والتكنولوجي.

وفي هذا السياق، يعبّر فؤاد (سائق مهني) عن دعمه لهذا النهج قائلاً: "لسنا ضد التكنولوجيا، بل نطالب بإدماجها تحت مظلة القانون. إذا كانت التطبيقات الذكية ستبقى، فيجب أن تكون تحت إشراف الدولة وتخضع للشروط نفسها التي نلتزم بها".

مع التغيرات المتسارعة في أنماط النقل عالمياً، يجد المغرب نفسه أمام خيار حاسم: إما تنظيم الواقع الرقمي المتسارع أو إبقاؤه في الظل، ما سيزيد من التوتر. وبين مطالب التقنين، وشروط المهنية، وخطط الدولة لتحديث القطاع، يبقى الزبون المغربي في المنتصف، يبحث عن الراحة والأمان وسعر عادل، بعيداً عن صراعات المصالح والمواقف المتشنجة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق