أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سعيَه للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران بشأن برنامجها النووي، يهدف إلى منع المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط. وخلال زيارته للخليج، جدَّد ترامب رغبته في التوصل إلى اتفاق، مُشددًا على أهمية تجنب الحرب.

وفقًا لتقرير نيويورك تايمز، قال: “أريد إبرام اتفاق مع إيران”، مؤكدًا أن اتفاقًا ناجحًا من شأنه أن يجعل المنطقة والعالم مكانًا أكثر أمانًا.

يتزايد الدعم لهذا النهج بين قادة الخليج، الذين يسعون الآن، بعد سنوات من عزل إيران، إلى تسوية تفاوضية لتجنب المزيد من عدم الاستقرار، لا سيما مع استمرار صراعات مثل حرب غزة في إشعال المنطقة.

ستواجه جهود ترامب للتوسط في اتفاق سلام تحديًا كبيرًا، لا سيما من داخل حزبه، حيث طالب العديد من المحافظين منذ فترة طويلة بتفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل.

يتعارض هذا الموقف مع موقف إيران، إذ تُصرّ طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم للأغراض المدنية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي. هذه الاختلافات الجوهرية تُعقّد المفاوضات إلى حدّ كبير.

الطريق المسدود بين الولايات المتحدة وإيران

لا يزال الوضع متوترًا، إذ رفضت إيران الدعوات إلى وقف كامل لتخصيب اليورانيوم، وهو مطلب رئيسي من الولايات المتحدة وحلفائها، وخاصة إسرائيل. وبينما أبدى المسؤولون الإيرانيون استعدادهم لوقف التخصيب على المستويات الأعلى المستخدمة في صنع الأسلحة النووية، فإنهم يرفضون التخلي عنه تمامًا.

أدى هذا الموقف المُختلف إلى حالة جمود في المفاوضات. ويحاول المفاوضون الأمريكيون، بقيادة كبير مبعوثي ترامب ستيف ويتكوف، صياغة اتفاق يُقدّم للطرفين حلاً وسطًا – قد يشمل تجميد تخصيب إيران لليورانيوم على المستويات المدنية وتطبيق رقابة دولية أكثر صرامة.

أحد الحلول المُحتملة يتمثل في تجميد التخصيب على المدى الطويل في ظلّ تفتيش دولي مُعزّز، مما يسمح للطرفين ببناء الثقة تدريجيًا. من الخيارات الأخرى المطروحة للنقاش، إلغاء إيران تدريجيًا برنامجها للتخصيب مع ضمان حصولها على وقود نووي موثوق من مصادر دولية.

تعكس هذه المقترحات سعيًا لإيجاد أرضية مشتركة دون المطالبة بوقف فوري ومطلق للأنشطة النووية الإيرانية، وهي نقطة خلافية جوهرية.

الضغوط الداخلية ومعارضة الكونجرس

بينما يسعى ترامب للتوصل إلى اتفاق مع إيران، يواجه معارضة متزايدة من داخل حزبه. يواصل المحافظون الجدد والمتشددون في الكونجرس، إلى جانب القادة الإسرائيليين، الضغط من أجل التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك حظر جميع أنشطة التخصيب.

ترى هذه الشخصيات أي اتفاق يسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم تسوية خطيرة. تؤكد رسالة من أكثر من 200 عضو جمهوري في الكونجرس اعتقادهم بأن على إيران تفكيك بنيتها التحتية النووية بالكامل ليكون أي اتفاق مقبولًا.

إن استعداد ترامب لقبول اتفاق لا يرقى إلى مستوى نزع السلاح النووي الكامل قد يُنفّر بعض مؤيديه، الذين يرون في مثل هذا الاتفاق تراجعًا عن استراتيجية “الضغط الأقصى” التي تبناها خلال ولايته الأولى. إن رغبته في إبرام اتفاق، رغم اعتراضات الفصائل المتشددة في حزبه، تُشير إلى نهج دبلوماسي أكثر براغماتية، يُعطي الأولوية للاستقرار على النقاء الأيديولوجي.

اقرأ أيضًا: ترامب يتهم جيمس كومي بالدعوة لاغتياله.. رسالة مشفرة وحرب كلامية

التداعيات الاستراتيجية للاتفاق

سيكون لاتفاق ناجح مع إيران تداعيات كبيرة على الاستقرار الإقليمي، وخاصة في منطقة الخليج. لطالما كان البرنامج النووي الإيراني مصدر توتر في الشرق الأوسط، حيث تُراقبه دول مجاورة، مثل المملكة العربية السعودية، عن كثب.

يتضمن الحل الذي يقترحه ترامب رفع العقوبات على مراحل، مما يُعزز الاقتصاد الإيراني المتعثر، مع ضمان بقاء طهران مسؤولة عن أنشطتها النووية.

مع ذلك، لا تزال تفاصيل هذا النهج التدريجي غير مؤكدة، كما أن تجارب إيران السابقة مع السياسة الأمريكية – وخاصة انسحاب ترامب الأحادي من الاتفاق النووي لعام 2015 – تعني أن طهران، وهو أمر مفهوم، قلقة من أي اتفاق يفتقر إلى ضمانات قوية.

اتفاق نووي إقليمي: اقتراح إيران لإشراك السعودية

في المحادثات الأخيرة، أحيت إيران اقتراحًا من عام 2007 لإنشاء اتحاد من الدول الإسلامية، بما في ذلك السعودية، لإدارة التخصيب النووي. وبموجب هذا الاقتراح، ستنتج إيران اليورانيوم المخصب للأغراض المدنية وتزود به أعضاء آخرين في الاتحاد، مقابل استثمارات.

بينما قد يُعالج هذا الاقتراح بعض المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني، فإنه سيجعل دولًا مثل السعودية تعتمد على إيران للحصول على وقودها النووي، وهي قضية حساسة بالنسبة للجهات الفاعلة الإقليمية. يتحدى هذا الاقتراح مطالب ترامب بالوقف الكامل لأنشطة التخصيب الإيرانية، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيحظى بقبول الولايات المتحدة أو حلفائها.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط