تتداول العديد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ادّعاءات، منها أنّ الحكومة العراقية قررت دفع رواتب الموظفين في سوريا لمدة ستة أشهر، وأنَّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وجّه بزيادة رواتب "مجاهدي رفحاء" في أميركا وكندا وأوستراليا من مليون دينار عراقي إلى مليون ونصف مليون. إلا أن كلّ هذه الادعاءات خاطئة، إذ أنَّ الحكومة العراقية لم تعلن زيادة رواتب رفحاء، ولا دفع رواتب الموظفين في سوريا. FactCheck#

"النّهار" دقّقت من أجلكم

في الادعاء الأول، خبر بالقالب الإخباري لقناة "التلفزيون العربي"، تضمّن صورة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وجاء فيه (من دون تدخّل): "رئيس الوزراء العراقي يوجه وزارة المالية بدفع رواتب الجمهورية السورية لمدة 6 اشهر". وأرفقت الصورة بتعليق تضمّن ادّعاء آخر مفاده (من دون تدخّل): "الجولاني يشكر محمد شياع السوداني على قراره بدفع رواتب الموظفين السوريين لمدة 6 اشهر".

أما الادّعاء الثاني، فيُظهر خبراً بالقالب الإخباري لقناة "العراقية الإخبارية" تضمّن صورة للسوداني، وجاء فيه (من دون تدخّل): "رئيس الوزراء يوجه بزيادة رواتب مجاهدي رفحاء في أميركا وكندا وأوستراليا من مليون إلى مليون ونصف".

الخبر الخاطئ المتناقل (فايسبوك)

وقد تحقّقت "النّهار" من صحة الادّعاءين، واتّضح أنَّهما غير صحيحين:

1-  الخبر المتعلّق بتوجيه رئيس الوزراء العراقي بدفع رواتب موظفي سوريا لم تعلنه أي مؤسسة رسمية عراقية، أو مكتب رئيس الوزراء، بل بالعكس تماماً، فقد نفت وزارة المالية العراقية صحّته، وأكّدت أنَّه "محض أكاذيب وافتراءات".

وقالت الوزارة في بيان: "تنفي وزارة المالية بشكل قاطع ما يتم تداوله عبر منصات التواصل الاجتماعي من معلومات مضللة وشائعات مغرضة تدعي موافقة وزير المالية على دفع رواتب للسوريين. وتشدد الوزارة، على أن ما تم الترويج له في الصفحات المشبوهة لا يمت للحقيقة بصلة وهو محض أكاذيب وافتراءات. وتؤكد أن سياساتها المالية تُبنى على معايير مهنية ومصالح وطنية خالصة، ولا تُتخذ أي قرارات تتعلق بالرواتب أو التعاونات الخارجية إلا ضمن السياقات الرسمية المعتمدة".

ودعت الوزارة المواطنين إلى تحرّي الدقة وعدم الانجرار وراء الأخبار المفبركة، والاعتماد فقط على المصادر الرسمية المعتمدة للحصول على المعلومات. وأكّدت احتفاظها بحقها القانوني في "ملاحقة مروجي هذه الأكاذيب أمام الجهات القضائية المختصة".

2- القالب الاخباري المتداول لقناة "التلفزيون العربي" معدّل. وتم حذف النص الأصلي منه واستبداله بالمتناقل. ويحتوي https://www.instagram.com/p/DHFWIDxKPho/?igsh=MWtpOWo4ODE2ejZvMg%3D%3D المنشور في حساب القناة على منصّة انستغرام يوم 12 مارس/آذار الماضي، على خبر مفاده: "رئيس الوزراء العراقي يوجه بملاحقة ملثمين اعتدوا على عاملين سوريين لدعمهم الإدارة السورية الجديدة".

الصورة الأصلية لمنشور التلفزيون العربي (انستغرام)

وكانت دولة قطر قررت منح سوريا مبالغ مالية تصل إلى 29 مليون دولار شهرياً لمدة 3 أشهر قابلة للتمديد، لسداد رواتب الموظفين المدنيين، بحسب تصريح وزير المالية السوري محمد يسر برنية الذي نقلته الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا).

وأوضح الوزير برنية أنَّ المنحة ستغطي رواتب العاملين في قطاع الصحة وقطاع التعليم وقطاع الشؤون الاجتماعية والمتقاعدين من غير العسكريين. وأشار إلى أنَّه تم استثناء المنحة من العقوبات الأمريكية.

وذكر أنَّ المنحة سيديرها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهي تغطي قرابة خمس فاتورة الأجور والرواتب الحالية. وختم بالقول: "نحن ماضون بالإصلاح المالي لتعزيز النزاهة والثقة بمنظومتنا المالي".

3-  في ما يخص الخبر المتعلق بزيادة رواتب مجاهدي رفحاء، فهو غير دقيق، وجاء في سياق تضليلي واستغلال للتوتر الذي يسبق قمّة بغداد. في الواقع، لن تعلن حديثاً أي مؤسسة حكومية عراقية، مثل وزارة المالية، أو مؤسسة السجناء السياسيين، زيادة رواتب رفحاء في أميركا وكندا وأوستراليا. 

4- تمّ التلاعب ايضا بقالب أخبار قناة "العراقية الإخبارية"، إذ عُدِّلت الصورة الأصلية للخبر، واستبدل النصّ فيها بالمتداول. ويتضمن القالب الأصلي المنشور في حساب "شبكة الإعلام العراقي" على منصّة إكس، يوم 9 فبراير/شباط 2025، خبرا مفاده: "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يوجّه بحسم ملف التحقيقات في سلف المبادرة الزراعية".

الصورة الأصلية لخبر شبكة الإعلام العراقي (إكس)

لرئيس هيئة التقاعد الوطنية العراقي ماهر حسين رشيد، فإنَّ رواتب محتجزي رفحاء تراوح من 400 ألف دينار عراقي، الى مبلغ أقصاه مليون و200 ألف دينار للمشمول الواحد، وفقاً للقانون العراقي. وتبلغ أعدادهم بحدود 30 ألف، ويكلّفون ميزانية الدولة مبلغ بحدود 38 مليار دينار عراقي شهرياً.

ويأتي تداول هذين الخبرين الزائفين بالتزامن مع تحضيرات حكومة بغداد لعقد القمّة العربية في 17 من الشهر الجاري، وسط أجواء مليئة بالتصريحات المشحونة تنوعت بين التهجّم على رئيس مجلس الوزراء بادّعاءات غير دقيقة تتعلق بميزانية التحضير للقمّة، وأخرى تتعلق بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع. وجاءت هذه التصريحات على لسان أقطاب سياسية فاعلة في العراق، خصوصاً تلك المنتمية إلى الإطار التنسيقي، الذي رعى حكومة السودانبي وتبناها. 

وتم التشارك في الخبرين الزائفين عبر مجموعات بما يقارب 50 منشوراً على منصّة فايسبوك وحدها. ولوحظ، من خلال تحليل "النهار" للادّعاءات السابقة التي عملت على كشف زيفها، أنَّ هناك تكرارا في عدد من الادّعاءات الزائفة في الصفحات والمجموعات ذاتها. ولعلّ أهم المجموعات تلك التي تعنى بالواقع الاقتصادي للمواطنين، وتتم فيها المشاركة في المناشدات والمشاكل المجتمعية، الامر الذي يؤشّر  إلى وجود تحرّك ممنهج لاستمالة عواطف المستخدمين من خلال التضليل المعلوماتي، خصوصاً مع قرب انعقاد قمّة بغداد.