أعلنت شركة "وايلد في سي" (Wyld VC) المتخصصة في رأس المال المغامر، عن تدشين أول صندوق استثماري لها بقيمة 50 مليون دولار، ليصبح بذلك أول صندوق يركز على دعم شركات الذكاء الاصطناعي يتم إنشاؤه من داخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. جاء هذا الإعلان في بيان صحفي أصدرته الشركة يوم الأحد، مشيرة إلى أن توقيت إطلاق الصندوق يتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة خلال هذا الأسبوع، في خطوة تشير إلى التداخل بين المسارات السياسية والاقتصادية في دعم الابتكار التكنولوجي.

دعم ثنائي بين الخليج وسان فرانسيسكو

يهدف الصندوق إلى تمويل شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في مراحلها المبكرة، وذلك عبر نطاق جغرافي مزدوج يشمل دول مجلس التعاون الخليجي من جهة، ومنطقة خليج سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة من جهة أخرى. ووفقاً لما ورد في البيان، فإن هذا الصندوق يحظى بدعم مؤسسة مقرها نيويورك، إلى جانب عدد من المستثمرين البارزين في وادي السيليكون، ما يعزز من ثقله المالي والتقني ويمنحه فرصاً أوسع لنجاح الشركات التي سيستثمر فيها.

السعودية تتصدر مشهد الاستثمار الجريء

تشير بيانات منصة "ماجنيت" المتخصصة إلى أن المملكة العربية السعودية احتلت صدارة مشهد استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال الربع الأول من عام 2025، متقدمة أيضاً على المستوى العالمي بين الأسواق الناشئة، حيث استقطبت استثمارات بقيمة 391 مليون دولار. في المقابل، جمعت دولة الإمارات العربية المتحدة ما يقارب نصف هذا المبلغ، مما يوضح حجم الزخم الذي تشهده منطقة الخليج في مجال دعم الشركات الناشئة والتقنيات المستقبلية.

الفجوة في المواهب والتحدي الأكبر

في تعليق لها على هذه المبادرة، قالت تالا الجابري، الشريكة المؤسسة والمديرة في شركة "وايلد في سي"، إن التحدي الأبرز الذي تواجهه المنطقة هو فجوة المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، موضحةً أن الموهبة موجودة بالفعل، ولكنها تحتاج إلى الشريك المناسب والموارد الملائمة كي تزدهر وتحقق إمكاناتها الكاملة. هذا التصريح يعكس أهمية توافر بيئة متكاملة تجمع بين رأس المال والخبرة لتمكين الشباب والمواهب التقنية من التحول إلى رواد أعمال ناجحين.

دعم أمريكي من وادي السيليكون

يحظى الصندوق بدعم من مكتب عائلة رجل الأعمال لورانس غولوب، الرئيس التنفيذي لشركة "غولوب كابيتال" في نيويورك، والتي افتتحت بدورها في وقت سابق من العام الجاري مكتباً لها في "سوق أبوظبي العالمي". هذه الخطوة تشير إلى اهتمام المؤسسات المالية العالمية بالأسواق الخليجية، وإدراكها للفرص الاستثمارية المتنامية في المنطقة، خاصة في المجالات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي.

السعودية تطمح إلى ريادة الذكاء الاصطناعي

تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تتحول إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، حيث أعلنت عن خطط لاستثمار 20 مليار دولار في هذا القطاع بحلول عام 2030. كما أفادت وكالة "بلومبرغ" أواخر العام الماضي بأن المملكة تعمل على إطلاق مشروع ضخم جديد في الذكاء الاصطناعي بدعم مالي قد يصل إلى 100 مليار دولار، يتم توجيهه إلى مجالات متنوعة مثل مراكز البيانات، الشركات الناشئة، والبنية التحتية التقنية اللازمة لدفع عجلة التطوير في هذا المجال الحيوي.

تهيئة بيئة متكاملة للابتكار

في أكتوبر الماضي، وخلال فعاليات "مبادرة مستقبل الاستثمار"، أشار وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى أن المملكة تسعى إلى تأسيس بيئة أعمال متكاملة تحتضن شركات الذكاء الاصطناعي، والخوارزميات، ومراكز البيانات، وتوفر لها كل ما يلزم لتنمية أعمالها. هذه التصريحات تتكامل مع الخطط الاستثمارية الحكومية لتشكيل منظومة متماسكة تدعم التحول الرقمي وتخلق فرصاً نوعية في الاقتصاد المعرفي.

فرص اقتصادية وطاقات كامنة في الخليج

يرى جيريمي جورجنز، المدير الإداري للمنتدى الاقتصادي العالمي، أن دول الخليج تُركّز حالياً على تحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة من الذكاء الاصطناعي، لافتاً إلى أن شركات التكنولوجيا العالمية أصبحت أكثر رغبة في الدخول بشراكات مع هذه الدول، نظراً لتوفر مصادر الطاقة الرخيصة التي تدعم تشغيل مراكز البيانات، إلى جانب وجود موارد بشرية شابة ومؤهلة يمكنها المساهمة في دفع عجلة التطوير.