في خطوة تحمل دلالات استراتيجية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن احتمال تخفيف القيود المفروضة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي إلى دول الخليج، وذلك قبل أيام من زيارته المرتقبة إلى المنطقة، والتي من المقرر أن تبدأ من المملكة العربية السعودية وتشمل كلاً من الإمارات وقطر.

وتأتي هذه التصريحات وسط تقارير عن مراجعة الإدارة الأمريكية الحالية، بقيادة ترامب في حال عودته إلى البيت الأبيض، لسياسة الرقابة التكنولوجية التي فرضتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، خاصة تلك المتعلقة بشركة «إنفيديا» الأمريكية، الرائدة في تصنيع معالجات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

اهتمام خاص بالإمارات والسعودية في مجال الذكاء الاصطناعي

أشارت مصادر مطلعة إلى أن الحكومة الأمريكية تدرس حالياً إمكانية تخفيف القيود التكنولوجية على صادرات الرقائق المتقدمة إلى الإمارات العربية المتحدة، في ظل الطلب المتزايد من دول الخليج على تقنيات الذكاء الاصطناعي، والاهتمام الكبير الذي تبديه تلك الدول في التحول الرقمي والتحول إلى اقتصادات معرفية.

وقد أثارت هذه التوجهات جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية والتجارية الأمريكية، لا سيما أن القواعد التي اقترحتها إدارة بايدن كانت تهدف إلى تقييد الوصول العالمي إلى الرقائق عالية التقنية التي يمكن استخدامها في التطبيقات العسكرية أو الأمنية.

ترامب متمسك بالتشدد الجمركي تجاه الصين

في سياق موازٍ، أكد دونالد ترامب أنه لا ينوي التراجع عن سياسة الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، موضحاً أنه لا يرى جدوى من تخفيف تلك الرسوم في سبيل إعادة بكين إلى طاولة المفاوضات التجارية.

ورغم إشارته إلى استعداده للنظر في إعفاءات محدودة لبعض القطاعات—مثل منتجات الأطفال كمقاعد السيارات—فقد شدد على أنه يفضل بقاء العقوبات التجارية واسعة النطاق وبسيطة في تطبيقها، لتفادي التعقيدات التي قد تضعف فاعلية السياسة التجارية الأمريكية.

الرياض تستعد لزيارة ترامب بلقاءات مكثفة مع قادة الأعمال

على الجانب الخليجي، تتأهب المملكة العربية السعودية لزيارة ترامب عبر تنظيم سلسلة من اللقاءات الاقتصادية والاستثمارية الكبرى، بالتعاون مع القطاع الخاص، تزامناً مع زيارة الوفد الأمريكي رفيع المستوى الذي سيرافق ترامب، والمتوقع أن يضم عدداً من أبرز الرؤساء التنفيذيين في كبرى الشركات الأمريكية.

ومن بين الأسماء اللامعة المشاركة في الجولة: لاري فينك رئيس شركة «بلاك روك»، وجاين فريزر الرئيسة التنفيذية لـ«سيتي غروب»، وكريستيانو آمون رئيس شركة «كوالكوم»، وآرفيند كريشنا رئيس «آي بي إم»، إلى جانب ستيفن شوارزمان مؤسس «بلاكستون»، وروث بورات من «غوغل» و«ألفابت».

وسيشارك هؤلاء في منتدى الاستثمار السعودي – الأمريكي الذي سيُعقد في الرياض في اليوم نفسه لوصول ترامب، حيث يُتوقّع توقيع اتفاقيات واسعة في مجالات التكنولوجيا والطاقة والبنية التحتية.

السعودية تستهدف شراكة استثمارية بـ600 مليار دولار

وفيما يعكس طموحات المملكة العربية السعودية لتوسيع شراكاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة، كشفت مصادر حكومية أن الرياض تسعى إلى مضاعفة حجم استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع واشنطن خلال السنوات الأربع المقبلة، لتصل إلى 600 مليار دولار.

وقد أشار ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في اتصال هاتفي سابق مع دونالد ترامب، إلى أن المملكة ترى في عودة ترامب إلى البيت الأبيض فرصة استراتيجية لدفع عجلة النمو الاقتصادي المشترك، خاصة في ظل الإصلاحات الاقتصادية المتوقعة في الولايات المتحدة.

ملف الرقائق.. بين الجيوسياسة والاستثمار

تسلط تصريحات ترامب الأخيرة الضوء على الأهمية المتزايدة لملف الرقائق الإلكترونية في العلاقات الدولية، إذ باتت هذه التكنولوجيا المتقدمة تمثل سلاحاً اقتصادياً واستراتيجياً في معادلة النفوذ العالمي.

وفي هذا السياق، تتطلع دول الخليج إلى تجاوز العقبات التقنية، وبناء شراكات مع شركات أمريكية متقدمة مثل «إنفيديا»، بما يعزز من قدراتها التكنولوجية ويمنحها موطئ قدم في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

اقرأ أيضًا: وسط توترات اقتصادية وجيوسياسية.. ماذا تحمل زيارة ترامب لدول الخليج؟

مستقبل العلاقة الخليجية-الأمريكية في ظل ترامب

تشير المعطيات الحالية إلى أن ترامب يسعى لاستعادة زخم العلاقة الخاصة بين واشنطن والعواصم الخليجية، عبر تقديم حوافز اقتصادية واستثمارية، وتخفيف بعض القيود التي فرضتها إدارة بايدن.

وتبقى زيارة ترامب المقبلة للمنطقة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة إدارته المحتملة على إعادة رسم سياسة واشنطن الخارجية، لاسيما في ملفات التكنولوجيا والتجارة والطاقة، وسط تنافس متصاعد مع الصين، وسعي حثيث من دول الخليج لتعزيز استقلاليتها الاقتصادية والتقنية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط