القاهرة (خاص عن مصر)- كشف باحثون عن أول دليل مباشر على قتال المُصارعين والأسود خاصة والعديد من الحيوانات البرية بشكل عام، في الإمبراطورية الرومانية.

وفقا لتقرير نيويورك تايمز، تم هذا الاكتشاف في حديقة إنجليزية في يورك، حيث كشفت أعمال تنقيب، مدفوعةً في البداية برغبة زوجين في ترميمها، عن مقبرة من العصر الروماني.

يُقدم هذا الاكتشاف المُذهل دليلاً ماديًا حاسمًا على ما كان يُصوَّر في النصوص القديمة والنقوش والفسيفساء فقط لقتال المُصارعين والأسود: مُصارعون يواجهون وحوشًا شرسة لتسلية المواطنين الرومان.

لطالما اشتبه علماء الآثار في أن المُصارعين كانوا يُعانون من إصاباتٍ ناجمة عن الحيوانات، لكنهم لم يعثروا من قبل على أدلةٍ ملموسة تُؤكد هذه المشاهد الوحشية.

قتال المُصارعين والأسود: هيكل عظمي لـ 6DT19

يكمن سر هذا الكشف في الهيكل العظمي المسمى 6DT19، والذي اكتُشف في موقع مستوطنة رومانية. أظهرت البقايا، التي تعود لرجل يُرجّح أنه شارك في معارك مصارعة، إصابات غير عادية، أبرزها انبعاجات صغيرة على عظام الورك.

حُددت هذه العلامات على أنها علامات عضّ محتملة من حيوان كبير، مع افتراضات أولية تُشير إلى أنها لأسد.

قاد تيم تومسون، عالم الأنثروبولوجيا في جامعة ماينوث وباحث رئيسي في الدراسة، التحقيق في هذه الجروح الغامضة. عكست الصدمة على عظام 6DT19 علامات العضّ التي تُسببها عادةً الحيوانات آكلة اللحوم الكبيرة، وخاصة الأسود.

لإثبات صحة هذه النظرية، قارن تومسون وفريقه العلامات الموجودة على الهيكل العظمي القديم بتلك الموجودة على جثث حيوانات من حدائق الحيوان البريطانية، بما في ذلك الأسود والنمور. أكد تحليلهم أن الإصابات تطابقت بشكل وثيق مع أنماط عضات الأسد، مما يوفر رابطًا قاطعًا بين وفاة المصارع والوحش القاتل.

أقرا أيضا.. الجامعة لم تعُد الحلم.. شباب أمريكيون يختارون العمل بدلًا من الغرق في الديون

نظرة ثاقبة على النظارات الرومانية وعنف الدولة

في حين أن الدليل المادي على وفاة المصارع مهم، يعتقد الخبراء أن الآثار الأوسع لهذا الاكتشاف تتجاوز مجرد مصير فرد واحد. أكدت عالمة الأنثروبولوجيا كاثرين ماركلين من جامعة لويزفيل، والتي لم تشارك في الدراسة، أن هذا الاكتشاف يقدم رؤى عميقة في الثقافة الرومانية، وخاصة استخدام النظارات العنيفة كأداة لسلطة الدولة.

أشارت ماركلين إلى أن ألعاب المصارعة لم تكن مجرد شكل من أشكال الترفيه، بل كانت أيضًا وسيلة لإظهار القوة الرومانية وتعزيز النظام الاجتماعي.

كانت عمليات الإعدام العلنية والمعارك مع الحيوانات البرية مثل الأسود، التي غالبًا ما كانت مستوردة من بلاد بعيدة، بمثابة تذكير صارخ بقوة الدولة الرومانية. كانت مثل هذه النظارات ستخيف مواطني الإمبراطورية، مذكّرةً إياهم بعواقب العصيان.

“كانت الموارد – البشرية والحيوانية – المخصصة لهذه العروض مذهلة”، هذا ما أشار إليه ماركلين، موضحًا كيف عكست مصارعات المصارعة قيم الإمبراطورية المتمثلة في الهيمنة والسيطرة.

دور المصارعين وامتداد الإمبراطورية الرومانية

يؤكد هذا الاكتشاف، المنشور في مجلة PLOS One، على الامتداد الواسع للإمبراطورية الرومانية وتركيزها على الترفيه العام الوحشي لترسيخ سلطتها. كان المصارعون، وكثير منهم شباب دُفنوا في نفس المقبرة، على الأرجح جزءًا من جيش الإمبراطورية أو عبيدها، وغالبًا ما كانت أجسادهم تحمل علامات الصدمة.

يشير نمط الإصابات إلى أنهم كانوا مدربين على القتال، ربما حتى في مدارس مخصصة للمصارعين.

يتمتع الموقع، الذي يعود تاريخه إلى ما يقرب من 1800 عام، بأهمية تاريخية بالغة لأنه يُقدم لمحة نادرة عن حياة أولئك الذين قاتلوا في ساحات المصارعة – أفراد كانوا موضع تبجيل وتضحية في المجتمع الروماني.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط