نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحرب الاستخباراتية بين إيران وإسرائيل: وجه آخر للعداء التاريخي بين الجانبين - تكنو بلس, اليوم الخميس 8 مايو 2025 08:22 صباحاً
أعلن القضاء الإيراني مؤخراً أن محسن لنكرنشين، الذي كان يُتهم بالتعاون الاستخباراتي والتجسس لصالح إسرائيل، أُعدم شنقاً، ليُصبح آخر ضحايا الحرب الاستخباراتية بين طهران والدولة العبرية.
وفي لائحة الاتهام ضدّ لنكرنشين، ورد أنه خلال سنتين من التجسس والتعاون الوثيق والعملي مع ضباط كبار في إسرائيل ووكلاء عملياتها، نفّذ أعمالاً هامة تشمل دعم العمليات الإرهابية والمشاركة في مسرح جريمة اغتيال صياد خدائي، أحد عناصر الحرس الثوري الإيراني، في طهران.
محسن لنكرنشين، آخر من أعدمتهم إيران من المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل.
غالباً ما تقول إسرائيل إن لديها نفوذاً واسعاً في هيكل صنع القرار في إيران من خلال جواسيسها، وحتى لإثبات هذا الادعاء، أنتجت ونشرت أعمالاً درامية مثل مسلسل "طهران"، الذي يُظهر أن الجواسيس الإسرائيليين يستطيعون تنفيذ أعمال تخريبية في إيران متى شاؤوا.
وكان علي يونسي، الوزير السابق للاستخبارات في الجمهورية الإسلامية، قال قبل سنوات عدة إن نفوذ إسرائيل في بعض أقسام البلاد واسع للغاية، وعلى جميع القادة أن يقلقوا على حياتهم. وقد أثبت اغتيال محسن فخري زاده، أحد أبرز المدراء وخبراء البرنامج النووي الإيراني، في ضواحي طهران، صحة تحذير الوزير السابق، خاصة عندما أعلن سيد محمود علوي، الوزير السابق للاستخبارات، أن أياً من الإرهابيين الذين نفّذوا اغتيال فخري زاده لم يُعتقل، وأن الجميع فرّوا من البلاد.
لكن استعراض سجل اعتقال الجواسيس في إيران، وخاصة الجواسيس الإسرائيليين، يُظهر أن القوات الاستخباراتية والأمنية الإيرانية تمكنت من ملاحقة واعتقال عدد كبير منهم، وقد أدانتهم المحاكم الإيرانية وأُعدم معظمهم، وكان آخرهم لنكرنشين.
وفي حادثة مشابهة، دخلت كاترين بيريز شكدم، الجاسوسة الإسرائيلية، إلى إيران قبل 8 سنوات بجواز سفر فرنسي، كامرأة مسلمة وزوجة لرجل يمني، وادّعت أنها تمكنت من إقامة علاقات مع نحو 100 فرد من الإيرانيين المرتبطين بالمؤسسات السياسية والثقافية، وسحبت منهم معلومات.
ولعل أشهر عملية تجسس إسرائيلية في إيران هي سرقة الوثائق المتعلقة بأنشطة إيران النووية في كانون الثاني/يناير 2018، إذ أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بهذا الإنجاز بقوة، مدعياً أن 55 ألف صفحة و183 ألف قرص مدمج سُرقت من جنوب طهران بواسطة جواسيس إسرائيل، وذكر اسم فخري زاده خلال مؤتمر صحافي بشأن هذا الموضوع.
ويُذكر أن محور الدعاية والأعمال الإسرائيلية ضد إيران يركّز على الأنشطة النووية الإيرانية، إذ تدّعي تل أبيب أن هذه الأنشطة تشكل تهديداً لوجود إسرائيل.
لكن هذه الحرب لها مسرح آخر أيضاً. فقد نشرت "بلومبرغ" العام الماضي تقريراً يقول إن إسرائيل تشهد تزايداً غير مسبوق في عدد المواطنين الذين يتجسسون لصالح إيران، إذ بلغ عدد المشتبه بارتباطهم بهذه العمليات مستوى جعل السلطات الأمنية الإسرائيلية تفكّر في تخصيص جناح في السجن للمتهمين بالتجسس لصالح طهران.
ونفت ممثلية إيران في الأمم المتحدة هذه الادعاءات، ووصفتها بـ"الباطلة"، مؤكدة أنها "غير دقيقة على الأرجح".
ويبدو أن البلدين، بخلاف الحرب الاستخباراتية، يتبادلان الردود بكشف جواسيس الطرف الآخر. وعلى سبيل المثال، جاءت هذه التقارير الإعلامية الإسرائيلية بعدما أعلنت إيران أن 4 من أعضاء فريق عمليات الموساد، الذين اعتقلتهم السلطات الإيرانية في سياق عملية تفجير في أصفهان عام 2022، أُعدموا بعد محاكمتهم. وكان هذا الفريق قد دخل إيران بشكل غير قانوني عبر إقليم كردستان العراق، بهدف تفجير مصنع تابع لوزارة الدفاع في أصفهان، لكنهم اعتُقلوا قبل تنفيذ العملية. وكان أفراد الفريق الرئيسيون قد تدرّبوا في دولة أفريقية، وحتى التقوا برئيس الاستخبارات ديفيد بارنيع.
ويقول وزير الاستخبارات الإيراني سيد إسماعيل خطيب إن الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية أعدمت أيضاً أشخاصاً آخرين بتهم التجسس لصالح الولايات المتحدة وفرنسا والسويد وبريطانيا.
وفي السنوات الأخيرة، أطلقت إيران سراح بعض الأشخاص المتهمين بالتجسس، والذين كانوا يحملون الجنسية الإيرانية-الأميركية، مقابل استلام 6 مليارات دولار من الأموال المجمدة في كوريا الجنوبية.
وتتّهم المعارضة السلطات في الجمهورية الإسلامية بالاختطاف وكسب الأموال بهذه الطريقة، لكن إيران تنفي هذه التهمة، مؤكدة أن لديها أدلة كافية على تجسس هؤلاء الأفراد، وأن إطلاق سراحهم تم في إطار تبادل المجرمين.
ويُشار إلى أن تاريخ اعتقال وإعدام الجواسيس من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق وبريطانيا في إيران منذ الثورة طويل جداً.
أما أحد أكثر الجواسيس جدلاً الذين أُعدموا، فهو علي رضا أكبري، الذي لُقّب بـ"الجاسوس الأعظم" لبريطانيا. كان مسؤولاً بارزاً في الأمن والدفاع، وعمل في المؤسسات العسكرية والأمنية الإيرانية، وحمل الجنسيتين الإيرانية والبريطانية. وكان نائباً للشؤون الدولية في وزارة الدفاع الإيرانية، قبل أن يُعتقل بعد سنوات من المطاردة ويُعدم في عام 2023.
ويُظهر هذا التوجه أن خلف الحرب العسكرية والسياسية والدعائية بين إيران وإسرائيل، توجد حرب أكثر جدية وأوسع، وهي الحرب الاستخباراتية التي يقودها الجواسيس والقوات الأمنية والاستخباراتية، وهذا النزاع لا يزال مستمراً، ويلعب دوراً هاماً، وإن كان سرياً، في الديبلوماسية والنزاعات.
0 تعليق