بين عيد الشهداء والتتريك: صدام الذاكرة السورية مع سياسات الإدارة الجديدة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين عيد الشهداء والتتريك: صدام الذاكرة السورية مع سياسات الإدارة الجديدة - تكنو بلس, اليوم الخميس 8 مايو 2025 08:22 صباحاً

دمشق - "النهار"

مرّ عيد الشهداء في سوريا من دون أيّ فعالية رسمية لإحياء المناسبة، حتى من دون أيّ فعاليات شعبية. وعكس هذا الصمت الرسمي موقفاً حذراً من مناسبات تاريخية ترى فيها التيارات الإسلامية، التي تنتمي الإدارة السورية إليها، مخالفةً للشريعة أو مغالطةً تاريخية تقلب الحقائق.
غير أنّ الأمر، على ما يبدو، لا يتوقّف هنا فحسب، إذ من الواضح أنّ سياسة التتريك التي كانت متّبعة في الشمال السوري بدأت تمتدّ إلى مفاصل الإدارة الجديدة بهدف تطهير الذاكرة السورية من ممارسات العهد العثماني.
وقد تجلّى ذلك في يوم الشهداء بأمرين:
الأول، إعلان القنصلية السورية في إسطنبول عن تعطيلها يوم 6 أيار، من دون أن تذكر أنّ العطلة بسبب عيد الشهداء، بل ذكرت أنّها "لأسباب إدارية".

 

 

والثاني، تمثّل في الدعوة التي وجّهها أبو ثابت الكفري، مدير تربية محافظة درعا، التي لم تكن محسوبة على النفوذ التركي خلال سنوات الحرب، وطالب من خلالها بإلغاء بعض المناسبات الوطنية التي كانت تُقام في عهد النظام البائد، بما فيها مناسبة عيد الشهداء.
وقال الكفري في منشور على صفحته في فايسبوك: "ما يُسمّى عيد الشهداء هو ذكرى لإعدام حاكم دمشق أيام الخلافة العثمانية، جمال باشا السفّاح، لمجموعة من السياسيين في سوريا ولبنان، وهم أصحاب فكر قومي، عندما اكتشف وثائق تُثبت عمالتهم لفرنسا وبريطانيا".
وأثارت دعوة الكفري جدلاً واسعاً بين السوريين، لا سيّما أنّها أكّدت على أنّ خطوة تعديل مناهج التعليم التي أقدمت عليها وزارة التربية في كانون الثاني/يناير، كانت مجرّد خطوة أولى في مسار طويل قد يقود إلى تغييرات أعمق في الثقافة والتاريخ السوريين.
ومن ضمن التعديلات التي قامت بها وزارة التربية آنذاك، حذف الدروس والقصائد التي تتحدث عن ممارسات الاحتلال العثماني في الدول العربية، أو تلك التي تُمجّد التصدّي له. ودفاعاً عن هذه التعديلات، قال وزير التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ نذير القادري إنّ العثمانيين في سوريا كانوا بمثابة فتح تاريخي وليسوا احتلالاً، مشيراً إلى عدم وجود أدلة تُدينهم بالإجرام أو الظلم.
ويشير ما سبق إلى وجود سياسة متعمّدة تهدف إلى تلميع تاريخ العثمانيين وإبعاد أيّ تُهم عنهم، سواء تلك المتعلقة بالماضي، من حيث تكريس التخلف في البلاد العربية التي احتلوها لما يقارب 500 عام، أو المتعلقة بالوقت الراهن، من حيث تجديد أنقرة لسياسة التتريك في بعض المناطق التي سيطرت عليها. وقد كان الشمال السوري من أهمّ البؤر التي عانت من ذلك.
ونظراً لخطورة هذه السياسة، اضطرّ الدكتور محمد حبش، الداعية الإسلامي المعروف باعتداله، للردّ على الدعوة التي وجّهها الكفري لإلغاء يوم الشهداء.
وكتب حبش على صفحته: "يوم الشهداء هو اليوم الذي تقدّم فيه أحرار الشام وأبرارها يطلبون الحرية في مواجهة طاغية لا يرحم، فنصب لهم مشانق الموت عام 1916".
وأضاف: "هناك، على المشانق، التقوا، وكانوا شيوخاً وعلمانيين ومسلمين ومسيحيين، ولكن رسالتهم واحدة، وهي الدفع باتجاه الحرية والكرامة ودرء الظلم عن المستضعفين من العرب الرافضين لمشروع التتريك الظالم".
وهكذا، لا يبدو تغييب عيد الشهداء عن المشهد الرسمي والشعبي مجرّد صدفة أو إهمال عرضي، بل يُعطي مؤشراً إضافياً على مسار متعمّد لإعادة صياغة الوعي التاريخي لدى السوريين. ويبقى الخوف قائماً من أن تُستبدل الذاكرة الجمعية للشعب بروايات مصمّمة على مقاس التحالفات السياسية والمصالح الإقليمية.

 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق