نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
البحث عن الذهب.. السوريون يفتشون عن كنوز دفينة في بلد مزقته الحرب والفقر - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:24 مساءً
منذ الانهيار المفاجئ لنظام بشار الأسد في ديسمبر، برزت ظاهرة جديدة وملفتة في شوارع دمشق وريفها. مع انتهاء القمع والخوف الدائم من عهد الأسد، يغامر السوريون الآن بالخروج ليلاً، حاملين أجهزة كشف المعادن في مهمة البحث عن الذهب، مدفوعين بأمل اكتشاف كنوز دفينة دفنت تحت أرضهم التي مزقتها الحرب.
بحسب تحقيق صحيفة فاينانشال تايمز، بعد أن تخلصوا من خوفهم من السلطات، ينقب هؤلاء المنقبون المحتملون في الأراضي الزراعية الخاصة والمواقع التاريخية بالمجارف والخرائط، منجذبين بأساطير الذهب والعملات القديمة والقطع الأثرية الثمينة.
بالنسبة للكثيرين، لا يُعد هذا البحث عن الذهب في العصر الحديث مجرد بحث عن الثروة، بل هو شكل من أشكال التحرر من سنوات الفقر والحرب.
تجارة مزدهرة في أدوات البحث عن الكنوز
ما كان في السابق نشاطًا سريًا أصبح الآن شائعًا، تجار التجزئة في دمشق، الذين لم يكن مسموحًا لهم سابقًا ببيع أجهزة كشف المعادن قانونيًا، يديرون الآن متاجر تعرض أحدث الموديلات علنًا – بعضها يصل سعره إلى 10000 دولار. متاجرهم مزينة بالأعلام السورية وقطع الذهب وصور لصائدي الكنوز أثناء عملهم.
وفقًا لأحد التجار، فقد شهدت حقبة ما بعد النظام طفرة في الطلب: “هناك مرونة الآن في شراء هذه الأجهزة”، مشيرًا إلى أن البحث عن الكنوز، الذي كان في السابق سرًا كتومًا، أصبح الآن من هوايات الهواة وحتى الأطفال.
تُسوّق المتاجر في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، الآن أجهزة كشف معادن متخصصة للسوريين، واعدةً بأجهزة يمكنها اختراق التضاريس الصخرية في سوريا، بل وتوفر أيضًا عروضًا ثلاثية الأبعاد للأجسام المدفونة. ومن بين الابتكارات الحديثة أجهزة كشف مقاومة للماء مُصممة خصيصًا للغواصين الباحثين عن الذهب.
ثقافةٌ تُشكّلها أساطير الثروات المدفونة
يتجذر شغف السوريين بالكنوز المدفونة في تاريخ البلاد الغني. يُشير عمرو العظم، الأستاذ السوري في تاريخ وأنثروبولوجيا الشرق الأوسط، إلى أن “كل شخص في منطقتنا يعرف قريبًا كان يحفر في منزله ذات مرة فعثر على جرة مليئة بالذهب”.
هذه القصص، التي توارثتها الأجيال، أدّت إلى نشأة أسطورة وطنية تعتقد فيها كل عائلة تقريبًا أن أرضها قد تحتوي على ثروات عريقة – أصداء حضاراتٍ مرّت على طريق الحرير أو حجاجٍ في طريقهم إلى المملكة العربية السعودية.
مع ذلك، خلال حكم الأسد، مُنع أي شكل من أشكال البحث عن الكنوز، رسميًا لحماية التراث الأثري، ولكن أيضًا كوسيلةٍ لسيطرة الدولة. دُفع هذا النشاط إلى الخفاء – حرفيًا ومجازيًا.
اليأس يقابل الفرصة في سوريا ما بعد الحرب
مع انهيار النظام وفوضى أجهزة أمن الدولة، نشأ فراغٌ. ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يعيش 90% من السوريين الآن في فقر، في هذا السياق، أصبح إغراء الثراء السريع لا يُقاوم، مما دفع الناس إلى الحفر في ساحات منازلهم، وهدم الجدران القديمة، والتوافد على المواقع التاريخية.
انتشرت شائعات في دمشق – قصص عن رجال عثروا على الذهب وتحولوا بين عشية وضحاها – لكن الخبراء ما زالوا متشككين، يشير الكثيرون إلى أن الكنوز الحقيقية لا تنبع على الأرجح من باطن الأرض، بل من المتاحف المنهوبة ومنازل أتباع النظام السابق.
يشير العظم إلى أن “الحرب دمرت الاقتصاد وسبل عيش الناس، فبحثوا عن مصادر دخل أخرى”. ويضيف أنه مع الكثافة الأثرية في سوريا، “يعيش معظم السوريين في موقع أثري أو بالقرب منه”.
اقتصاد الظل: خرافات، احتيال، ومخاطر حقيقية
على الرغم من الضجة الإعلامية، لم تظهر أي اكتشافات رئيسية مؤكدة. فالحكومة، غير القادرة على مراقبة كل عملية حفر، غضت الطرف، مما جعل عمليات الحفر غير قانونية من الناحية الفنية، لكنها في الغالب تمر دون عقاب.
اجتذبت هذه التجارة المزدهرة أيضًا عمليات احتيال: فالعديد من الاكتشافات المزعومة – مثل العملات الذهبية العثمانية أو الرومانية التي تُعلن عنها مواقع التواصل الاجتماعي – مزيفة، مدفوعة باليأس والخيال الجامح.
يقول العظم: “معظم ما يُعرض للبيع مزيف”، مُقرًا في الوقت نفسه بظهور قطع أثرية حقيقية في السوق السوداء. سُرقت بعض هذه القطع من متاحف سوريا خلال سنوات الصراع، لتجد طريقها الآن إلى هواة جمع التحف الأثرياء حول العالم عبر شبكات سرية.
يصف الصياد المخضرم أبو وائل، الذي أمضى 40 عامًا في هذا المجال، المخاطر التي تصاحب هذا البحث: هجمات من القرويين المحليين الساعين للاستيلاء على أي ثروات مُكتشفة، واستغلال “السحرة” ومن يُسمّون أنفسهم سحرة والذين يدّعون امتلاك معرفة خارقة للطبيعة بالكنوز المدفونة – مقابل ثمن.
اقرأ أيضا.. رغم المخاوف الأمريكية.. صندوق الثروة السيادية القطري يواصل نشاطه بالصين
بين الأمل وخيبة الأمل: أصوات من الميدان
بالنسبة لمعظم السوريين، أصبح البحث عن الكنوز رمزًا للأمل والقدرة على التصرف في مشهدٍ اتسم بالدمار والخسارة. ومع ذلك، لا يزال حلم أبو وائل بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، مثله. فرغم عقود من البحث، لم يعثر بعد على كنز حقيقي. يقول: “لعلّه الأفضل”، مردِّدًا المثل السوري القديم: “من وجد ذهبًا فقد عقله”.
في النهاية، لا يقتصر البحث السوري الكبير عن الذهب على الرغبة الإنسانية الدائمة في التغيير بقدر ما هو ثراء حقيقي – انعكاس مؤثر لأمة تسعى إلى المعنى والفرص وسط أنقاض الحرب.
نسخ الرابط تم نسخ الرابط
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : البحث عن الذهب.. السوريون يفتشون عن كنوز دفينة في بلد مزقته الحرب والفقر - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:24 مساءً
0 تعليق