في خطوة وُصفت بالمثيرة للجدل، أعلن رئيس المجلس الاستشاري لقوات الدعم السريع، حذيفة أبو نوبة، انتهاء “المعركة العسكرية التقليدية” ضد الجيش السوداني، والانتقال إلى ما وصفه بـ”مرحلة تأسيس الدولة السودانية الجديدة”.

وقد أثار هذا الإعلان تساؤلات حول خلفياته وتوقيته، وفتح الباب أمام مخاوف جدية من دخول السودان في دوامة تقسيم جديدة على غرار السيناريوهات التي شهدتها ليبيا واليمن.

سر إعلان الدعم السريع نهاية المعارك

يرى مراقبون أن إعلان أبو نوبة جاء متزامنًا مع إعلان الجيش السوداني سيطرته الكاملة على ولاية الخرطوم، وهو ما اعتبروه محاولة لصرف الأنظار عن الخسائر العسكرية التي منيت بها قوات حميدتي في عدة جبهات، لا سيما في دارفور وشمال كردفان.

ويشير هؤلاء إلى أن توقيت التصريح يوحي بمحاولة لإعادة التموضع سياسياً، وليس تعبيراً عن نصر ميداني، معتبرين أن الدعم السريع لم يعد يعوّل على الحسم العسكري، بل انتقل إلى إستراتيجية بديلة تعتمد على السيطرة الإدارية، وبناء تحالفات سياسية، وتنفيذ عمليات نوعية لزعزعة استقرار الجيش في عمقه.

تحوّل في الخطاب السياسي لـ الدعم السريع

ويذهب محللون إلى أن خطاب أبو نوبة يُعد خروجًا من إطار الدعوة إلى “إعادة الديمقراطية” إلى ما يمكن اعتباره إعلانًا ضمنيًا لمشروع سياسي بديل يسعى لتجاوز فكرة الشراكة إلى تأسيس سلطة موازية خارج إطار الدولة السودانية الموحدة.

ويحذّر خبراء عسكريون من أن مثل هذا الطرح ينطوي على مخاطر الانزلاق نحو سيناريو تقسيمي، شبيه بما حدث في بعض دول الجوار، حيث استخدمت قوى مسلحة لغة “الشرعية الموازية” لفرض واقع إداري وسياسي خارج مؤسسات الدولة.

رؤية الدعم السريع لما بعد المعركة

بالمقابل، يروّج قادة في قوات الدعم السريع، لرؤية تعتبر أن المرحلة القادمة هي “مرحلة بناء دولة حديثة” قائمة على المساواة والعدالة والكفاءة.

ويؤكدون بحسب وسال إعلام مقربة من حميدتي أن الدعم السريع بات يحظى بما يصفونه بـ”التفاف شعبي واسع”، وتحالفات مع قوى سياسية وعسكرية، في مقدمتها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو.

فرض واقع تفاوضي جديد

يحذّر خبراء من أن تصريحات أبو نوبة قد تكون مقدمة لمحاولة فرض واقع تفاوضي جديد، يُراد منه تثبيت الدعم السريع كفاعل سياسي يملك سلطة فعلية على الأرض.

ويرى البعض أن استخدام تعبير “الدولة السودانية الجديدة” يحمل دلالات انفصالية مقلقة، حتى وإن لم يُصرّح بها بشكل مباشر.

ويذهب محللون عسكريون إلى أن الإعلان يشكّل نقلة خطيرة في خطاب الدعم السريع، تنقل المعركة من ميادين القتال إلى معركة على الشرعية السياسية، ما يستدعي ردًا وطنيًا موحدًا يقطع الطريق على أي مشاريع تقسيم.

رفض شعبي متزايد

في السياق ذاته، أفادت وسال إعلام داخل السودان أن رفضًا واسعًا يسود الأوساط الشعبية لمثل هذه الخطابات، إذ تُحمّل قطاعات كبيرة من المواطنين الدعم السريع مسؤولية دمار المدن والانتهاكات المستمرة بحق المدنيين.

ويؤكد ناشطون أن تراجع الدعم السريع في مناطق كانت تُعتبر من حواضنه الاجتماعية، مؤشر على تآكل قاعدته الشعبية، ما يجعل أي محاولة لفرض واقع سياسي أو إداري جديد على الأرض “منفصل عن الواقع”، حسب تعبيرهم.

دعوات إلى توافق وطني لصدّ مشروع التقسيم

يشدّد محللون سياسيون وعسكريون على أهمية بناء توافق وطني بين المؤسسة العسكرية والقوى المدنية في هذه المرحلة الحساسة. ويؤكدون أن أي فراغ سياسي أو انقسام داخلي قد يُستغل لفرض أجندات خارجية أو مشروعات تجزئة.

ويرى هؤلاء أن السودان اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يتجه إلى مشروع وطني جامع يعيد بناء الدولة على أسس مدنية، أو أن ينزلق إلى دوامة من الانقسامات، تبدأ من الخطاب وتنتهي بتمزيق الخارطة السياسية للبلاد.

اقرأ أيضا: تحالف السوداني ورئيس الحشد الشعبي يشعل الجدل بالعراق.. هل يخطط لولاية ثانية؟ 

نسخ الرابط تم نسخ الرابط