في خطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا كبيرًا، دعا كبار قادة القوات الجوية الأمريكية وقوة الفضاء، خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إلى إعادة تشكيل شاملة للقوة الجوية لمواكبة التهديدات المتزايدة، وعلى رأسها الصين.

الرسالة كانت واضحة: التفوق العسكري في المستقبل لن يتحقق إلا عبر التجديد الجذري في التكتيكات، والتكنولوجيا، والهيكل التشغيلي.

الجيل السادس يدخل المعركة: F-47 تقود الهيمنة الجوية

في صلب هذا التحول تأتي مقاتلة F-47 الجديدة، المنتمية إلى مشروع الهيمنة الجوية للجيل التالي (NGAD). هذه الطائرة، التي تُعد من الجيل السادس، تمثل نقلة نوعية في قدرات القتال، من خلال تصميم متطور يُقلل من بصمتها الرادارية، وقدرات دفع عالية تتيح لها التحليق بسرعات فوق صوتية، إلى جانب أنظمة دمج بيانات تمنح الطيار وعيًا شاملاً بالمعركة في الوقت الفعلي.

وتتميز F-47 بهيكل مفتوح يُسهل تحديث أنظمتها ودمج الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى قابليتها للتكامل مع الطائرات غير المأهولة ضمن “العمليات الجماعية” التي تعتمد على تنسيق فوري بين العنصر البشري والآلي في بيئة القتال.

اقرأ أيضاً.. حروب المستقبل| روسيا تكشف عن “توفيك”.. مسيّرة انتحارية جديدة بقدرات ذكاء اصطناعي متطورة

أمريكا تكشف عن قاذفات شبحية وطائرات قتالية بالذكاء الاصطناعي

بالتوازي، يتم تطوير برنامج الطائرات القتالية التعاونية (CCA)، وهي منظومة من الطائرات بدون طيار المزودة بالذكاء الاصطناعي، والتي ستعمل جنبًا إلى جنب مع الطائرات المأهولة مثل F-47 وF-35. هذه الدرونز ستتولى مهام الحرب الإلكترونية، والاستطلاع المتقدم، والتشويش، بل وحتى تنفيذ ضربات هجومية، مع تقليل المخاطر على الطيارين البشر.

منصات حالية في مرحلة انتقالية: تحديث شامل لأهم المقاتلات

رغم التطلع للمستقبل، لا تزال القوات الجوية تعتمد على أسطولها الحالي. حيث تستمر التحديثات لطائرة F-35، بينما تقدم F-15EX بديلاً فعالاً لبعض مهام التفوق الجوي. أما طائرة F-16، فتعاني من تراجع في الجاهزية التشغيلية، مع معدل لا يتجاوز 62%، ما يدفع لضرورة مراجعة استراتيجيات الصيانة والتحديث المؤقتة.

الضربة من بعيد: B-21 رايدر تكتب مستقبل القاذفات

أما على صعيد الضربات الاستراتيجية، فتتأهب قاذفة B-21 رايدر الشبحية للدخول في الخدمة، لتكون العمود الفقري للمهام بعيدة المدى.

تتميز رايدر بقدرات تخفٍ متقدمة، وخيارات للتشغيل الذاتي، وقابلية اختراق أنظمة الدفاع الجوي المتطورة. إلى جانبها، يجري تحديث قاذفة B-52 القديمة بمحركات جديدة وإلكترونيات طيران رقمية، لتمتد صلاحيتها حتى خمسينيات القرن الحالي.

الفضاء لم يعد مجالًا منفصلًا عن المعركة، بل أصبح جزءًا حيويًا من العمليات الجوية. حيث تعتمد القوات على الأقمار الصناعية في الملاحة، والاتصالات، والإنذار المبكر. لكن هناك مخاوف متزايدة من قدرات الخصوم في التشويش أو ضرب هذه الأصول عبر هجمات سيبرانية أو حركية، في ظل تحديات تمويل تهدد برامج التطوير.

منطقة الهندي والهادئ: توزيع جديد للقواعد لردع الصين

وفي ظل تصاعد التوترات مع الصين، تتبنى القوات الجوية خطة توزيع مرنة لقواعدها في المحيطين الهندي والهادئ. وتشمل هذه الاستراتيجية تخزين الإمدادات مسبقًا، وإنشاء مواقع عمليات متعددة، وتدريب القوات على إعادة الانتشار السريع، ما يعزز قدرة البقاء والردع في بيئات الصراع المحتملة.

العنصر البشري محور القوة: تدريب، دعم، واستبقاء الطيارين

شدد المسؤولون على أن تحديث المعدات لا يُغني عن الاهتمام بالأفراد. فالتوظيف والاحتفاظ بالطيارين، وتحسين جودة حياتهم ودعم عائلاتهم، تُعد أولوية قصوى. حيث يمثل ذلك عاملًا حاسمًا في الحفاظ على الجاهزية والمرونة في المدى الطويل.

الحرب تتغير بسرعة

الرسالة التي خرجت من قادة القوات الجوية واضحة: الحرب الحديثة تتغير بسرعة، وعلى الولايات المتحدة أن تسبق الزمن في تطوير تكتيكاتها، معداتها، وبيئة عمل قواتها. ومع دخول طائرات مثل F-47 وB-21 للخدمة، واستمرار التكامل مع الذكاء الاصطناعي والأنظمة الفضائية، يبدو أن ساحة المعركة القادمة لن تشبه أي مما سبق.

اقرأ أيضاً.. القوات جاهزة للعبور .. مناورة برمائية للصين على بُعد أميال من تايوان

نسخ الرابط تم نسخ الرابط