كتب - محمود طلبة 

منحت بوركينا فاسو الناشطة السويسرية الكاميرونية ناتالي يامب، التي تعرف بمعارضتها الشديدة للنفوذ الفرنسي في أفريقيا، وسام فارس من رتبة الحصان الأصيل، وهو أرفع الأوسمة الوطنية في البلاد.  

ويأتي هذا التكريم في إطار دعم بوركينا فاسو لخطاب يامب المناهض للهيمنة الفرنسية وتعزيز السيادة الأفريقية ويعكس توجهات جديدة في المنطقة نحو تعزيز الاستقلال الوطني والتعاون الإقليمي بعيداً عن النفوذ الفرنسي.  

ويعتببرهذا التكريم بمثابة وسام مشفر، يحمل رسائل سياسية ضمنية تعبر عن رفض الهيمنة الخارجية ودعما لخطوات التحرر الوطني في القارة. 

تعرف يامب على موقعها الإلكتروني بلقب السيدة سوتشي، نسبة إلى خطابها الشهير في القمة الروسية الأفريقية عام 2019 التي عقدت في منتجع سوتشي على البحر الأسود، حيث هاجمت فيه السياسات الفرنسية بشدة ووصفته بالاستعمار الجديد. 

تأسس هذا الوسام الوطني بعد استقلال بوركينا فاسو عام 1961، ويُمنح تكريماً للأشخاص الذين ساهموا في خدمة الدولة أو الدفاع عن سيادتها. 

ويمثل الحصان الأصيل رمزاً للشجاعة والكرامة في الثقافة المحلية، ويُكرم به مواطنون وأجانب اعتبروا فاعلين في دعم استقلال القرار الوطني. 

وتمنح في فرنسا وسام جوقة الشرف كأعلى وسام مدني وعسكري، ولكن دون رموز حيوانية، حيث تبدأ رتبته بفارس وتتصاعد إلى ضابط وكوماندان وغيرها. 

رأت مجلة جون أفريك الفرنسية أن تكريم ناتالي يامب في بوركينا فاسو يسلط الضوء على دورها كواحدة من أبرز المدافعين عن الاستقلال الحقيقي للقارة الأفريقية، ومعارضتها الشرسة للفرنك الأفريقي ولما تبقى من تأثير فرنسا في القارة. 

وأتيحت لها فرصة الظهور في وسائل الإعلام البوركينية، حيث استعرضت خطابها السياسي المعتاد الذي يدعو إلى الوحدة والسيادة الأفريقية، ومكافحة التدخلات الأجنبية، وفضح التواطؤ الداخلي الذي يضر بأمن واستقرار الدول الأفريقية. 

يرى الباحث السنغالي كوامي نكروماه جونيور المتخصص في السيادة الأفريقية، أن منح هذا الوسام لناشطة مناهضة للنفوذ الفرنسي يعكس رمزية سياسية أكثر منها مجرد مكافأة شخصية.  

واعتبر ذلك تجسيدا لخطاب القارة الأفريقية في معركتها ضد الهيمنة، واستخدام شخصيات خارج دوائر النظام الرسمي كرموز للمعارضة.  

وأوضح الباحث الفرنسي بيير جوسلان أن تكريم يامب يعكس تحولا في المخيال السياسي للأنظمة العسكرية الجديدة في منطقة الساحل الأفريقي، ويعزز القطيعة مع النموذج الفرنكوفوني التقليدي. 

تشتهر ناتالي يامب بخطابها الحاد ضد النفوذ الفرنسي في أفريقيا، خصوصاً منذ خطابها في قمة 2019 في روسيا حيث طالبت بانسحاب فرنسا من مستعمراتها السابقة ودعت إلى تعزيز التحالفات الجديدة التي تتجاوز باريس.  

وتعرف إعلامياً بأنها المرأة التي تقلق فرنسا، وهي اليوم رمز لنضال أفريقيا من أجل استعادة استقلال قرارها الوطني والتحرر من النفوذ الاستعماري المستمر.