نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سلام القوة أو استثمار القوة؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 09:03 صباحاً
عبارة "نحن نؤمن بالسلام عبر القوة" كررها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهي تخفي في ما تخفيه رؤيته في التعاطي مع الملفات الساخنة عبر استراتيجية القوة الناعمة والضغط، والهدف الظاهر من كل ذلك هو السلام برأيه والذي تسوده الولايات المتحدة وتتحكم من خلاله بموارد العالم وطاقاته.
وبما أن السلام إذا ما أردنا تحقيقه بحسب الرؤية الأميركية فلا بد من إعداد قوة السلاح واستخدام القوة ضد الخصم، لا بل خلق القوة من أجل امتصاص التحديات وهضم المشاكل والتعقيدات التي تفرضها تشابكات المصالح الدولية.
إنه ليس السلام عبر القوة، بل الاستثمار عبر القوة، إنه عصر الصفقات المربحة وزمن وضع اليد على الثروات، من قناة السويس وصولاً إلى قناة بَنما وجزيرة غرينلاند وكندا واتفاق المعادن مع أوكرانيا وتعزيز النفوذ الأميركي في القارة الإفريقية في وجه المد الصيني والروسي.
لقد جربت القوة المطلقة والاستراتيجية التوسعية في العراق وأفغانستان والصومال وسوريا وغيرها من الدول، وكان من جملة أهداف ذلك تكريس الهيمنة شبه المُطلقة على السياسة والاقتصاد في العالم، والتي بدأت بالتراجع خلال السنوات الأخيرة خصوصاً في وجه الصين
أضف إلى ذلك تأمين بيئة مُستقرّة وآمنة لمصالح الولايات المتحدة (النفط والغاز والموارد الطبيعية الأخرى، الأسواق الاستهلاكية...).
ما لفت في زيارة ترامب الأخيرة إلى المنطقة عدم كلامه أصلاً عن حل الدولتين وقضية فلسطين، وهو الذي انتشى بصفقة غزة لتهجير الفلسطينين ووجد في ذلك صفقة عقارية ومالية كبيرة.
كذلك الحرب على اليمن ورفع الحصار عنه، وحرب السودان المفجعة، والعدوان المستمر على لبنان حيث لم يرقَ الضغط الأميركي - وهم المعنيون الأوائل - حتى الآن على كيان العدو لإلزامه اتفاق وقف النار ووقف تفلّته منه بالاعتداءات المتتالية واليومية على المناطق اللبنانية.
من هنا تبقى الإشكالية حول إمكان فرض السلام الأميركي عنوة وكيفية تطبيقه في مناطق تضج بالتعقيدات السياسية والمذهبية، كما هي الحال في الشرق الأوسط وتحديداً في لبنان؟
ما يهمنا نحن في لبنان والمنطقة هو السياسة المعتمدة في إبقاء الكيان الإسرائيلي في قوته المتفلتة وترسيخ وجوده التوسعي في جسم المنطقة العربية وعدم ضبط هذا التفلت.
باعتقادي، فإن الخطورة في لبنان تكمن في عدم فهم القراءة السياسية المعتمدة حالياً حياله، سياسة الضغط الناعمة والقوة في حلحلة بعض الملفات الداخلية الشائكة، وهو ما ينذر بتهديد السلم الأهلي والوحدة الوطنية. من هنا أهمية أن يدرك الساسة اللبنانيون دقة المرحلة وخطورتها وأن يرتفعوا عن سياسة الحسابات الضيقة وسياسة الزواريب المحلية، وأن يعتمدوا الخطاب الهادىء غير الصدامي فليس أمام اللبنانيين إلا التماسك والاستثمار في قوتهم عبر الوحدة والحوار والتلاقي.
ترامب السوبرمان الافتراضي بدا استعراضياً مبدعاً عن قصد ولعب دوره ببراعة، فهل من يتنبه في بلادنا الى أن ينجرف في جوقة الاستعراضات
هذه؟
0 تعليق