في خطوة تنظيمية حاسمة للحد من ظاهرة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، فعلت هيئة الدواء المصرية القرار رقم 268 لسنة 2024، الذي يقضي بحظر صرف أو تداول مجموعة من المضادات الحيوية المصنّفة ضمن فئة “الاحتياطي – Reserve” دون روشتة طبية معتمدة.

تنظيم صرف المضادات الحيوية الحرجة

نص القرار، الصادر عن رئيس هيئة الدواء المصرية، على ضرورة الالتزام الكامل بضوابط صرف المضادات الحيوية المُدرجة ضمن فئة “الاحتياطي”، وهي تلك المخصّصة فقط لعلاج العدوى الناتجة عن البكتيريا متعددة المقاومة (MDR)، وتُعد من الخط الدفاعي الأخير في المنظومة العلاجية.

آلية تطبيق القرار

•يُحظر صرف المضادات الحيوية من مجموعة الاحتياطي في الأشكال الفموية (مثل الأقراص والشراب) إلا من خلال تذكرة طبية (روشتة) موقعة ومختومة من الطبيب المعالج، مع تحديد الاسم العلمي والجرعة ومدة العلاج.

•كما يُحظر تداول أو صرف المضادات الحيوية المخصصة للحقن من نفس المجموعة إلا من خلال منشآت طبية مرخصة مثل المستشفيات والمراكز العلاجية، لضمان الاستخدام السليم والآمن لها.

•وشدد القرار على ضرورة التزام شركات الإنتاج والاستيراد والتوزيع والصيدليات بتنفيذ التعليمات بشكل كامل، على أن يتم متابعة التنفيذ من خلال أجهزة التفتيش والرقابة الدوائية.

قائمة المضادات الحيوية المحظورة خارج النظام الطبي

شمل القرار 11 مضادًا حيويًا من الأكثر خطورة في فئة “الاحتياطي”، وهي:

-أزتريونام (Aztreonam) من فئة المونوباكتامز.

-سيفتارولين-فوساميل (Ceftaroline-fosamil)، سيفتارولين/أفيباكتام (Ceftaroline/avibactam)، وسيفتارولين/تازوباكتام (Ceftaroline/tazobactam)، وهي جميعًا من الجيل الخامس لمضادات السيفالوسبورين.

-كوليستين (Colistin) سواء في صورته الوريدية أو الفموية، ويُصنف ضمن مجموعة البوليميكسينات.

-دالبافانسين (Dalbavancin) وتيجي سايكلين (Tigecycline) من فئة الجلايسيل سايكلين.

-دابتومايسين (Daptomycin) من فئة الليبوببتيدات.

-لينيزوليد (Linezolid) وتيديزوليد (Tedizolid) من فئة الأوكسازوليدينونات.

وتُستخدم هذه المضادات في علاج الحالات المستعصية من العدوى البكتيرية المقاومة، لذا قررت هيئة الدواء المصرية قصر صرفها على وصفات طبية معتمدة أو من خلال منشآت طبية مرخصة فقط.

حماية الصحة العامة ومواجهة “مقاومة المضادات”

يأتي القرار في إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة مقاومة المضادات الحيوية، وهي أزمة صحية متصاعدة عالميًا تهدد فاعلية العلاجات الطبية، وتزيد من نسب الوفيات المرتبطة بالعدوى البكتيرية المستعصية. ويُعد تفعيل الرقابة على صرف الأدوية خطوة جوهرية لضمان بقاء هذه المضادات فعالة في الحالات الحرجة فقط.

مقاومة المضادات الحيوية: خطر صامت يهدد البشرية

تُعد مقاومة المضادات الحيوية واحدة من أخطر التهديدات الصحية التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين. فالاستخدام العشوائي والواسع النطاق للمضادات الحيوية على مدار العقود الماضية – سواء من خلال صرف الأدوية دون إشراف طبي أو استخدامها في تربية الحيوانات – أدى إلى ظهور سلالات بكتيرية شديدة المقاومة لا تستجيب للعلاجات المتوفرة، حتى تلك المصنفة ضمن الخطوط الأخيرة للعلاج مثل مجموعة “الاحتياطي”.

نحو عصر ما قبل البنسلين

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن استمرار هذا الاتجاه قد يعيد البشرية إلى ما يُشبه “العصر ما قبل البنسلين”، حيث تصبح العدوى البسيطة والعمليات الجراحية الروتينية مهددة للحياة، وتنهار أنظمة الرعاية المركزة وزراعة الأعضاء وعلاج السرطان.

اقرأ أيضا.. الأقمار الصناعية ترصد تقدمًا كبيرًا في مشروع زراعي عملاق بمصر أشبه بـ”المزرعة السعيدة” (صور)

خطوة على المسار الصحيح

في هذا السياق، يمثل قرار هيئة الدواء المصرية خطوة بالغة الأهمية نحو ترشيد استخدام المضادات الحيوية وحماية فعاليتها للأجيال القادمة. فمواجهة هذا التحدي تتطلب تضافر الجهود بين الجهات الصحية والمواطنين، عبر تعزيز التوعية، وتطبيق الرقابة، والامتناع عن استخدام أي مضاد حيوي دون استشارة طبية دقيقة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط