نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المهيدب.. نصراوي هارب من زمن لن يعود - تكنو بلس, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 06:55 مساءً
يخسر النصر المنافسة على أي لقب، فيهرع جمهوره العريض باتجاه الرجل الأول عن ناديهم.. يسألونه.. يحاسبونه.. يلومونه.. يرمون بين يديه عشرات الحلول.. يعرضون عليه مئات اللاعبين والمدربين.. يطالبونه بالتغيير السريع، الذي سيعيد الأصفر الكبير إلى حيث يجب أن يكون.. تفعل جماهير الأندية الأخرى ذات الشيء.. لكن المشهد داخل النصر مختلف ومتضخم ومتفرد.. هذا نتاج طبيعي ومفهوم وبديهي، كون النصراويين يرون بكل من يتولى زمام قيادة ناديهم يستوجب أن يكون فيه شيء من مؤسس النصر الحقيقي، وباني ثقافته الوجودية وراسم هويته الشعبوية، عبد الرحمن بن سعود بن عبد العزيز.. رجل تصبغت شخصية النصر كمنظومة رياضية متكاملة من وراء أفكاره وطموحاته ورؤيته لكل ما يحيط به.. ما من أحد في تاريخ كرة القدم على الأقل في العالم العربي تجلى أثره وتأثيره على فريق كروي يتولى مسؤوليته وشؤونه، كما حدث مع هذا القائد الكروي الاستثنائي.. كان رمزًا مغايرًا بلا أشباه، لدرجة أن فكرة الرمزية في ذهنية المشجعين السعوديين انطلقت من علاقته المتوثقة بالنصر، فراح الهلاليون والأهلاويون والاتحاديون يقلبون صفحات التاريخ والوجوه والمساعدين والمساندين، ليمنحوا أولئك المتمايزين بينهم مكانة خاصة تستدعي مناداتهم ووصمهم بالرموز أسوة برجل النصر الكبير..
لم يستطع النصراويون حتى الآن التواؤم مع التغيير.. لم يتعايشوا مع المنهجية الجديدة في إدارة الأندية.. لم يتأملوا المشهد بعين لديها إيمان كامل بأن طرق الماضي ما عادت هي التي تؤدي إلى الأفق المفتوح.. يريدون فريقًا يحصد الإنجازات ويعتلي المنصات وينتزع الأمجاد والبطولات، ويريدون مع هذا الفريق رجلًا تنسج حوله أساطير التحدي والقوة والنجاحات المستحيلة.. يريدون البطولات، ويريدون معها قادة تعيد حكايات عبد الرحمن بن سعود وفيصل بن تركي وسعود آل سويلم.. يريدون النصر الذي تغلغل في شغاف قلوبهم.. نصر لا يكتمل في أعينهم دون أسطورية القائد المنقذ.. نصرهم، ورئيسه.. جسدان يتناغمان كلحن مقطوعة موسيقية تأتي حزينة حينًا، وفرحة حينًا تغمر العالم كله بتداعيات مكاسب تساوي الدنيا بأسرها في لحظة محبة تلامس حدود الجنون.. النصر والرئيس الذي لا تكتمل أي مشروعية بدونه.. وكان إبراهيم بن عبد الله المهيدب في الموعد المنتظر..!!
جاء إبراهيم المهيدب، وتداعت رياح أجواء يبخسها النصراويون ليعيد معشوقهم إلى سيرته الأولى.. هناك حيث فرضية الرجل الذي يكون النصر بين كفيه في أمان وقوة، وشموخ ليس له منتهى.. شاب متحمس، ورجل أعمال ذو نصيب وافر من القدرة على التنوع في سباقات التنمية والتطور والمال والثروة، وقبلها نصراوي داعم ومؤازر ومحب دون النظر إلى من يمسك بتلابيب القرار داخل العملاق الأصفر.. عرفه النصراويون في حقبة فيصل بن تركي فكان ضمن طليعة أعضاء الشرف الجدد الذين مدوا أيديهم في كل أزمة تستدعي تكاتف من يهمهم مستقبل النصر.. ومن يومها لم يسجل أي غياب بذريعة الغضب أو العلاقات المقطوعة أو البطولات الضائعة.. كان مع النصر فقط.. وهذا للحق وللتاريخ ليس سوى طبائع تغلفها الندرة في كتائب المنتمين لهذا النصر.. لا حسابات، ولا اشتراطات، ولا تدخلات.. نموذج المهيدب الذي لم يعتد عليه النصر كثيرًا وطويلًا.. نموذج غريب غرابة عازف الليل.. غرابة الحب المستمر العمر كله من طرف واحد..
حين وصل المهيدب إلى مراتع الرئاسة، تسلل إلى أفئدة المتعلقين بنصر عبد الرحمن بن سعود وفيصل بن تركي وسعود آل سويلم أن ليالي الصرخات المنفلتة بعد الانتصارات المدوية حان قطافها، عقب سنين عجاف تكبدت فيها جوارح النصراويين فجائع مؤذية جعلتهم يهربون من الواقع ويرتمون في أحضان الزمن ويتخذون من أهداف ماجد عبد الله متنفسًا يسليهم أمام نوائب الدهر.. لكن المهيدب لوّح لهم من بعيد وبصوت هامس متطربًا بأغنية ليلى مراد: «الماضي مالنا وماله.. خلونا في الحاضر وجماله».. أحيا المهيدب، المراد الذي كان في طريقه إلى مواكب الجنائز.. أعاد ترتيب الآمال المتبعثرة.. رتب تلك البيادق المتناثرة في شتات يستعصي على الإلتام.. كان حقًا وقولًا وفعلًا رجل الأحلام.. في الواحد والعشرين من يونيو للعام 2024 تسلم وبشكل رسمي ما يسمى رئاسة مجلس إدارة مؤسسة نادي النصر غير الربحية.. تلك أسماء سمّيتموها.. ما توقف النصراويون عندها وقتًا مديدًا.. الذي يعرفونه عز المعرفة أن الأمر سيكون بيده.. قالوا نريد عودة النصر للنصراويين.. مع المهيدب ومع الاتفاقيات التي نسجت خيوطها في الغرف المغلقة، حصل ما يتمنونه وما جاء المهيدب من أجله.. سيتولى الرجل المسؤولية مع صلاحيات شبه كاملة.. مقابل هذا سيسد كل النواقص المادية لصناعة نصر لا يقهر.. يبدأ رجل الأعمال النصراوي المهمة الشائكة وسط محاذير معقدة، وأرض تسبح فوق بحر من الألغام.. تتصادم تلك الصلاحيات في الخطوة الأولى.. يحاول عبثًا التوافق مع الواقفين على الضفة المقابلة.. يسمع صوتًا متعقلًا يقول له :«إذا لم ينفذوا ما تم الاتفاق عليه في البدايات فلا تكن أنت في وجه المدفع أمام جمهور النصر.. إما رئيسًا كامل الصلاحيات، أو غادر ولا تترك صورتك الناصعة تطالها الأغبرة في عيون النصراويين».
ينتوي الرحيل بأسرع مما كان متوقعًا.. يكتب النهاية بتغريدة حفرت في ذاكرة النصر.. كلمات صرخت بهامة مرفوعة:«من مصلحة الكيان النصراوي، أن يدار النادي من جهة واحدة، وتكون المسؤولية عليها من الجميع، ووجود إدارتين للنادي قد تعطل دفة النجاح.. لذلك تقديمًا لمصلحة النادي أقدم استقالتي ومتأكد سيتغير الوضع للأفضل بوجود إدارة واحدة تدير النادي، وسأظل داعمًا لكل من يعمل لخدمة النادي.. بالتوفيق لمعشوقنا العالمي».. تغريدة نسجت حروفها بعد شهرين مترادفين بلا زيادة أو نقصان من بداية المهيدب.. تغريدة تفاعل معها النصراويون بخمسة عشر مليونًا، وستة عشر ألف رد، جلها مؤيدة وشاكرة ومقدرة تصديه للمهمة وأيضًا خروجه المشرف وموقفه البطولي الذي سيكون محوريًا في تاريخ النصر.. قالها بكل وضوح.. اتركوا النصر لي، او اتركوني أرحل.. فعلًا رحل..!!
ماذا حدث بعد هذا.. لا شيء.. لا شيء يتغير.. المهيدب كما كان في حقبة فيصل بن تركي.. مجددًا يردف النصر في وقت الحاجة، فيما الآخرون تركوا الأصفر يواجه العاصفة دون سنيد.. يعيد عقارب الساعة في مشهد ما عاد مألوفًا في دعائم الأندية.. يدفع تذاكر مباراة آسيوية في النخبة الأخيرة.. ذاك فعل قادم من زمن ذهب بلا رجعة.. هو المهيدب.. هو النصر.
اليوم.. هي حكاية الزمن النصراوي.. هي ذاكرة عبد الرحمن بن سعود وفيصل بن تركي وسعود آل سويلم.. هي الخطابات المتكهربة التي تبحث عن رئيس تتوجه له في وضح النهار.. لا أحد هناك.. لا أحد في النصر الآن يشبه الرمز.. لا أحد يشبه كحيلان.. لا أحد يشبه الشامخ.. أيضًا لا أحد يشبه المهيدب.. لا أحد يمكنه الدعم على طريقة المهيدب.. لا أحد يعرف الرحيل على طريقة المهيدب، وهذه هي الكارثة التي لا ترى من ورائها القلوب الصفراء ضوءًا في آخر النفق..!!
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : المهيدب.. نصراوي هارب من زمن لن يعود - تكنو بلس, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 06:55 مساءً
0 تعليق