أكّد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر الحلف ببروكسل، أن ألمانيا تلعب دورًا محوريًا في أمن أوروبا وداخل منظومة الناتو، مشيدًا بقيادتها العسكرية والتزامها بالأمن الجماعي، لا سيما دعمها المتواصل لأوكرانيا.

وفي رده على سؤال حول نسب الإنفاق الدفاعي، رفض الأمين العام تأكيد أرقام محددة، موضحًا أن هناك مناقشات داخلية مستمرة في الناتو لتحديد أفضل السبل للوفاء بالمهام المستقبلية، خصوصًا في ظل التهديد الروسي طويل الأمد.

وأكد أن "الالتزام بنسبة 2% فقط غير كافٍ للدفاع عن أنفسنا"، مشددًا على ضرورة رفع مستويات الإنفاق الدفاعي وتوسيع القاعدة الصناعية الدفاعية عبر منطقة اليورو-أطلسية بأكملها، بما يشمل الولايات المتحدة وكندا وجميع دول أوروبا الأعضاء.

وفي مقارنة لافتة، قال روته إن روسيا تنتج في غضون ثلاثة أشهر من الذخيرة ما يعادل إنتاج الناتو بأكمله خلال عام، رغم أن اقتصاد الحلف يفوق نظيره الروسي بـ25 ضعفًا، معتبرًا أن هذا الوضع "غير مستدام"، وداعيًا إلى الجمع بين الإنفاق المتزايد والإنتاج العسكري المعزز.

وفي ما يتعلق بأوكرانيا، أكّد الأمين العام أن "جميع دول الناتو متفقة على أن مسار انضمام أوكرانيا إلى الحلف لا رجعة فيه"، لكنه أوضح أن "العضوية لم تُدرج يومًا كجزء من اتفاق سلام"، لافتًا إلى أن المسألة تتعلق بـ"أفق بعيد المدى" وليست جزءًا من المفاوضات الجارية حاليًا.

وقال روته مخاطبًا ميرتس: "أهنئك على انتخابك مستشارًا اتحاديًا. يشرفني ويسعدني أن أرحب بك في مقر الناتو بعد أيام قليلة من توليك منصبك"، مشيرا إلى أن ألمانيا "قوة رائدة في أوروبا" وتؤدي "دورًا حاسمًا" ضمن الحلف.

ونوّه الأمين العام إلى أن ألمانيا تقود القوات البرية الأمامية للناتو في ليتوانيا، وتقوم بدوريات جوية فوق دول البلطيق، وتوفر دعمًا بحريًا حاسمًا لطرق الإمداد والبنية التحتية الحيوية في بحر البلطيق، كما أنها "أكبر مساهم أوروبي في المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ما يساعد الشعب الأوكراني على الدفاع عن حريته وسيادته".

واعتبر روته أن التزام ألمانيا بالأمن الجماعي "يهم ألمانيا، ويهم أوروبا، ويهم الحلف بأكمله"، لافتًا النظر إلى احتفاله الأسبوع الماضي مع الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس بمرور 70 عامًا على انضمام ألمانيا للناتو، واصفًا المناسبة "محطة بارزة تعكس التزام ألمانيا، وتُظهر أنه بالإرادة والقيادة يمكننا تغيير الأمور نحو الأفضل".

وأشار الأمين العام إلى أن المستشار الألماني أظهر قيادة استثنائية حتى قبل توليه المنصب، من خلال إدخال تغييرات على ما يُعرف بـ"كبح الديون" لإتاحة زيادة الإنفاق الدفاعي، واصفًا ذلك بأنه "اتفاق تاريخي بحق"، وأضاف: "هذا النوع من القرارات الحاسمة هو بالضبط ما نحتاجه لبناء ناتو أقوى وأكثر عدالة وفعالية".

وأوضح أن تعزيز قدرات الجيوش للدفاع والردع يتطلب زيادة الإنفاق الدفاعي وتوسيع الطاقة الإنتاجية للصناعات الدفاعية على جانبي الأطلسي. وقال: "علينا أن نبعث برسالة واضحة أننا لا نملك فقط الوحدة والعزم، بل القدرة الكاملة على توفير دفاع جماعي قوي في مواجهة أي تحدٍ. وهذا سيكون محور قمتنا المقبلة في لاهاي الشهر المقبل".

وأعرب عن ارتياحه لتقدم المفاوضات بعد تدخل الرئيس الأميركي وفك حالة الجمود، وأعلن تأييده لاقتراح المستشار الألماني بوقف إطلاق نار لمدة 30 يومًا، قائلًا إن "الكرة الآن في ملعب روسيا".

وختم بالإشارة إلى التعاون الوثيق القائم حاليًا بين الناتو وأوكرانيا، بما يشمل قيادة مركزية في مدينة فيسبادن لتنسيق المساعدات العسكرية، وتنظيم تدريبات مشتركة للقوات الأوكرانية، وجمع الدروس العسكرية المستفادة من الحرب في مركز خاص في بولندا.

المملكة