ميرتس مستشاراً لألمانيا عقب فشل انتخابي تاريخي... ماذا بعد الانتكاسة المؤلمة؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ميرتس مستشاراً لألمانيا عقب فشل انتخابي تاريخي... ماذا بعد الانتكاسة المؤلمة؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 9 مايو 2025 01:07 مساءً

عاشت جمهورية ألمانيا الاتحادية ساعات من عدم اليقين والارتباك مطلع الأسبوع الجاري، بعد فشل البوندستاغ - لأول مرة في تاريخه - في انتخاب مرشح الاتحاد المسيحي فريدريش ميرتس مستشاراً من الجولة الأولى، إثر عدم حصوله على 316 صوتاً من أصل 630 نائباً، وهو العدد اللازم لدخوله المستشارية. جرى تدارك الأمر سريعاً، فانعقدت جلسة ثانية نال خلالها ميرتس 325 صوتاً بدعم من حزبي الخضر واليسار، ما مهّد له الطريق لتولي المنصب.

إلا أنّ هذه الانتكاسة خلّفت شرخاً بين شركاء "التحالف الكبير"، الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديموقراطي بقيادة ميرتس، الموصوف بالمشاكس والعنيد. فهل سيتمكن من الحكم بسلاسة، أم تتجه ألمانيا نحو أزمة حكم؟

ضرر كبير
وفيما لم يتردّد حزب "البديل" في المطالبة بانسحاب ميرتس من السباق والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، فإن التحليلات السياسية والردود الأولية اعتبرت تعثر ميرتس في الجولة الأولى بمثابة "هزيمة كارثية". ومن المرجح أن تترك تداعياتها أثراً عميقاً داخل الاتحاد المسيحي والاشتراكي الديموقراطي على حد سواء. وسيحتاج الأمر إلى وقت لإعادة بناء الثقة ومنع انتقال التوتر إلى داخل الحكومة، خصوصاً أن ميرتس يدخل المستشارية مثقلاً بأغلبية هشة وغير موثوق بها، رغم ضخامة المهام الملقاة على عاتقه.

وحذّر محللون من أن تلك الأغلبية الضعيفة ستبقى "وصمة" في سجلّ الحكومة الفيديرالية الجديدة، التي تواجه تحديات جسيمة تمتد من ملف الطاقة إلى دعم أوكرانيا بصواريخ "تاوروس".

 

ميرتس خلال جلسة التصويت في البوندستاغ. (ا ف ب)

 

أزمة مصداقية
في هذا السياق، قال الباحث السياسي كارل رودولف كورتي، في حديث لقناة "فينيكس" التلفزيونية، إن "ميرتس يواجه حالياً أزمة مصداقية مع شركاء التحالف، وفرصة الانطلاق المريحة قد تبخرت". وأشار إلى أن التعويل الآن ينصبّ على تحقيق حكومته إنجازات سريعة، قد تتيح له استعادة جزء من الثقة بحلول الخريف.
وأضاف أن أي مناكفات داخلية لن تصبّ إلا في مصلحة "البديل"، المصنّف كتيار يميني متطرف من قبل المكتب الاتحادي لحماية الدستور، والذي يراهن على الفوضى وفشل الآخرين لتعزيز حضوره. وشدد على ضرورة أن تبادر الأحزاب التقليدية إلى ترميم الخلافات، لأن من غير المنطقي الحديث عن "أزمة دولة" في هذا التوقيت.

توازن هش
ويقول الباحث السياسي كاي مورشلات، لـ"النهار"، إن ميرتس سيكون مطالباً بـ"السير على حبل مشدود" لإرساء الاستقرار في حكومته الائتلافية. ويوضح أن التحدي الأكبر أمامه هو إيجاد التوازن المناسب وتعزيز الخط الوسطي في مقاربة الملفات الاقتصادية والاجتماعية، ما قد يضطرّه للتخلي عن بعض قناعاته الشخصية، كالمواقف المتشددة من قضايا المناخ واللاجئين.

ورغم افتقاره إلى أغلبية الثلثين في البرلمان، بإمكان ميرتس البناء على التعديلات الدستورية التي صادق عليها البوندستاغ السابق، والخاصة بمخصّصات ضخمة للجيش والبنية التحتية. ويلفت مورشلات إلى أن "ألمانيا باتت مهمّشة جيوسياسياً منذ أشهر، وعلى ميرتس أن يحدث الفارق سريعاً لتفادي الكارثة السياسية".

تمرّد داخلي
ورأى مطلعون أن ما حدث لم يكن متوقعاً، خصوصاً بعد امتناع 18 نائباً من الائتلاف المستقبلي عن التصويت لميرتس، ما يعكس خلافات داخلية معقدة. وأشاروا إلى أن الدوافع وراء هذه "الخيانة" كانت متنوّعة، من بينها الاعتراض على تهميش شخصيات بارزة داخل الحزب الاشتراكي، مثل ساسكيا إسكن وهوبرتوس هايل، وأيضاً احتجاجات داخل الاتحاد المسيحي من نواب شعروا بالتجاهل في توزيع المناصب.

وفي هذا السياق، يعتبر مورشلات ما حصل "أسوأ سيناريو سياسي يمكن أن يحدث"، مضيفاً أن ما قام به النواب الرافضون ينمّ عن "عدم مسؤولية"، ويقوّض الاستقرار الديموقراطي، في وقت تحتاج فيه ألمانيا إلى انتعاشة سياسية واقتصادية عاجلة.

ويشير إلى أن الجميع كان يعوّل على قيادة قوية من ميرتس تسهم في معالجة أعمق أزمة تعيشها ألمانيا وأوروبا منذ عام 1945، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، لا سيما في ظل منافسة دولية حادة واضطرابات في العلاقات عبر الأطلسي.

فيما وصف حزب الخضر يوم 6 أيار/مايو 2025 بأنه "يوم لن يُنسى في تاريخ البلاد"، ذكرت شبكة "ARD" الإخبارية أن الضغوط الداخلية والخارجية، وتفاعل الأسواق المالية ومؤشر "داكس" سلباً، عجّلت بانعقاد الجلسة الثانية في اليوم نفسه لتفادي تفاقم الأزمة. وبالفعل، أُنجزت التسوية تجنباً لمهاترات لا تُحمد عقباها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق