في تطور لافت يُعيد إلى الأذهان تجربة الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، كشفت تقارير صحفية عن نقاشات بين واشنطن وتل أبيب بشأن تشكيل إدارة مؤقتة لقطاع غزة، تكون برئاسة مسؤول أمريكي، وتضم في هيكلها إداريين فلسطينيين من التكنوقراط.

وتأتي هذه التحركات في وقت تتسارع فيه المبادرات الدولية والإقليمية لمعالجة الأوضاع الإنسانية والأمنية في القطاع، بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب المستمرة.

إدارة أمريكية مؤقتة لـ غزة

ونقلت وكالة “رويترز” عن 5 مصادر على صلة بالمباحثات، أن المحادثات بين واشنطن وتل أبيب تتركز على إمكانية قيادة الولايات المتحدة لفترة انتقالية في غزة، عبر إدارة مؤقتة تشرف على إعادة ترتيب الوضع الميداني والسياسي في القطاع.

ووفقًا للمصادر ذاتها، لم يتم تحديد مدة زمنية لبقاء هذه الإدارة، وسط تأكيدات بأن وجودها سيظل مرهونًا بالتطورات على الأرض، وعلى رأسها نزع سلاح القطاع وتهيئة الظروف لظهور إدارة فلسطينية “قادرة على الحكم”.

تكنوقراط فلسطينيون تحت الإشراف الأمريكي في غزة

المقترح، بحسب المصادر، يتضمن إشراك شخصيات فلسطينية محسوبة على التيار التكنوقراطي، ممن لا يرتبطون تنظيمياً بحركة حماس أو بأي فصائل مقاومة، على أن يعمل هؤلاء ضمن إطار إداري خاضع بالكامل للإشراف الأمريكي.

ورغم الطابع الأولي لهذه النقاشات، إلا أن الحديث عن إدارة أمريكية مباشرة لغزة أثار مقارنات مع فترة الاحتلال الأمريكي للعراق، حين تم تعيين بول بريمر حاكمًا مدنيًا على بغداد عام 2003، وهو السيناريو الذي أثار جدلاً واسعًا في حينه وما زالت تداعياته قائمة حتى اليوم.

واشنطن تقدم مقترح جديد للمساعدات في غزة

من جهة أخرى، أفادت وسال إعلام  بأن الساعات المقبلة قد تشهد بلورة مقترح أميركي جديد بشأن غزة، يشمل فتح ممرات إنسانية آمنة، وإنشاء نقاط مخصصة لتوزيع المساعدات، وسط تأكيدات بأن الولايات المتحدة قد تتولى بشكل مباشر مسؤولية دخول وتوزيع المساعدات، في ظل رفض إقليمي لتحميل إسرائيل هذه المهمة.

المصادر أضافت أن الوسطاء يسعون لتثبيت هذه الرؤية قبيل زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى المنطقة، دون الكشف عن توقيتها المحدد أو جدول أعمالها.

استمرار وساطة مصر وقطر

وفي موازاة ذلك، أصدرت القاهرة والدوحة بيانًا مشتركًا، الأربعاء، أكدت فيه استمرار جهودهما المنسقة لإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة.

البيان شدد على أن التحرك المصري القطري يتم بالتنسيق الكامل مع واشنطن، سعياً للوصول إلى اتفاق يُنهي الكارثة الإنسانية ويضمن حماية المدنيين.

حصيلة الحرب في غزة

وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الحرب في غزة، وذكرت وزارة الصحة في غزة إن العمليات العسكرية الإسرائيلية أدت إلى مقتل ما يزيد عن 52 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، فيما لا يزال الجزء الأكبر من القطاع مدمراً بالكامل.

حركة حماس، من جانبها، تتهم إسرائيل باستخدام الغذاء والمساعدات كسلاح في الحرب، متهمةً تل أبيب بمنع الإمدادات عن السكان في سياق “حصار ممنهج”، وفق تعبيرها.

تساؤلات حول نوايا واشنطن تجاه غزة

ووفق مراقبون فإن المقترح الأمريكي، رغم غموض تفاصيله، يثير الكثير من التساؤلات حول طبيعة المرحلة المقبلة في غزة، واحتمال تكرار سيناريو الهيمنة السياسية والأمنية الذي شهدته المنطقة بعد غزو العراق.

ويبقى السؤال الأبرز: هل يقود التدخل الأمريكي في غزة إلى تهدئة الأوضاع فعلاً، أم إلى مزيد من التعقيد والانقسام؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط