نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الفيدرالي الأميركي في 2025: بين ضغط التضخم والضغوط السياسية ماذا ينتظرنا اليوم؟ - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 02:06 مساءً
على مدار العامين الماضيين، اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) خطوات استثنائية للحد من التضخم الذي بلغ مستويات تاريخية بعد جائحة كوفيد-19. فمنذ أوائل عام 2022، رفع الفيدرالي أسعار الفائدة بوتيرة سريعة وغير مسبوقة منذ عقود، لتنتقل من قرب الصفر إلى ما يزيد عن 5% بحلول منتصف عام 2023. كما بدأ في تطبيق سياسة التشديد الكمي عبر تقليص ميزانيته العمومية، في مسعى لسحب السيولة من الأسواق والحد من الطلب الاستهلاكي.
ومع تراجع التضخم تدريجيًا خلال عام 2023، أوقف الفيدرالي الزيادات الإضافية وأبقى أسعار الفائدة ثابتة طيلة عام 2024. ومع استمرار اتجاه الأسعار نحو الاعتدال، بدأ الفيدرالي في خفض الفائدة تدريجيًا عبر ثلاث دفعات، بدءًا من سبتمبر 2024، متبعًا نهجًا حذرًا يعتمد على قراءة دقيقة للبيانات الاقتصادية.
توقعات عام 2025: الحذر عنوان المرحلة
في عام 2025، تتمحور توقعات الاحتياطي الفيدرالي حول إدارة السياسة النقدية في ظل توازن هش بين استقرار الأسعار والمحافظة على زخم النمو الاقتصادي، وذلك في بيئة مشحونة سياسيًا واقتصاديًا. وقد صرح عدد من مسؤولي الفيدرالي بأنهم يفضلون مراقبة التطورات بحذر، خاصةً في ظل السياسات الحمائية الصارمة التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض.
وقد أثارت الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب على المنتجات المستوردة، بما في ذلك السلع القادمة من الصين ودول أخرى، مخاوف من عودة التوترات التجارية التي قد تُقوّض التجارة العالمية وتضغط على الاقتصاد الأميركي. كما فرضت الإدارة رسومًا إضافية بنسبة 10% على واردات تشمل حتى سلعًا أساسية مثل الكاكاو، مما يزيد من التكاليف على الشركات والمستهلكين الأميركيين على حد سواء.
تحديات النمو والتضخم
رغم أن المؤشرات الاقتصادية الأساسية لا تزال في نطاق السيطرة — حيث بلغ معدل البطالة 4.2% في أبريل، والتضخم 2.3% في مارس (أي أعلى بقليل من هدف الفيدرالي البالغ 2%) — فإن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي خفّضوا مؤخرًا توقعاتهم لنمو الاقتصاد، متوقعين تباطؤًا في النمو وارتفاعًا طفيفًا في كل من التضخم والبطالة. وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة تخفيض أسعار الفائدة أو حتى تجميدها مؤقتًا.
وتدور تساؤلات في الأوساط الاقتصادية حول ما إذا كان الاقتصاد الأميركي يتجه نحو ركود خفيف أم مجرد تباطؤ في النمو. وعلى الرغم من نفي الفيدرالي وجود أي حالة "ذعر"، فإن أي خطوة استباقية بخفض حاد في أسعار الفائدة قد تُفسَّر على أنها مؤشر قلق من جانب البنك المركزي، وهو ما قد يزعزع ثقة الأسواق والمستثمرين.
الضغوط السياسية تتصاعد
تتزامن هذه التحديات مع تصعيد مستمر في لهجة الرئيس ترامب تجاه رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول. فخلال تصريحات له في نهاية أبريل، وصف ترامب باول بأنه "خاسر كبير"، وأضاف لاحقًا عبر منصته "تروث سوشال" أن الوقت قد حان لإنهاء ولايته. كما أصر ترامب على أنه "لا يوجد تضخم" وأن الفيدرالي يجب أن يخفض أسعار الفائدة بشكل عاجل، في تكرار لنمط التدخل السياسي الذي ميّز علاقته السابقة مع البنك المركزي.
ورغم أن الرؤساء الأميركيين يعبرون أحيانًا عن آرائهم بشأن السياسة النقدية، فإن المدى الذي بلغه ترامب في مهاجمة رئيس الفيدرالي علنًا يُعد غير مسبوق، مما يضع البنك المركزي أمام اختبار صعب للحفاظ على استقلاليته وهدوئه في مواجهة الضغوط.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب (وكالات)
نحو "هبوط ناعم"
في هذه الظروف، يواصل صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي محاولة تنفيذ "هبوط اقتصادي ناعم" — أي خفض التضخم إلى المستويات المستهدفة دون التسبب في ركود اقتصادي. ويتطلب ذلك موازنة دقيقة بين دعم سوق العمل، وضمان استقرار الأسعار، وتحقيق نمو مستدام.
من المتوقع أن يظل الفيدرالي يقظًا حيال أي إشارات على عودة الضغوط التضخمية، إذ قد تؤدي مثل هذه الإشارات إلى إبطاء أو حتى عكس مسار التيسير النقدي. ومع استمرار التحديات الخارجية والداخلية، سيبقى العام 2025 عامًا حاسمًا في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، عنوانه الرئيسي: الحذر تحت الضغط.
**جو يرق، رئيس قسم الأسواق العالمية - Cedra Markets
0 تعليق