في خطوة مفاجئة، بدأت السعودية ترفع أسعار النفط الخام للمشترين في آسيا لشهر يونيو، رغم إعلان أوبك+ عن زيادة أكبر من المتوقع في إنتاج النفط.

وفقا لتقرير بلومبرج، زاد هذا القرار، الذي اتخذته أرامكو السعودية، الشركة الوطنية المنتجة للنفط في المملكة، من تعقيد سوق النفط العالمية المتقلبة أصلاً، في ظل زيادة أوبك+ في الإنتاج، واستمرار ضغوط أسعار النفط العالمية نتيجةً لزيادة الإنتاج والتوترات التجارية.

السعودية ترفع أسعار النفط لآسيا

رفعت أرامكو السعودية سعر جميع خاماتها، بما في ذلك الخام العربي الخفيف، بمقدار 20 سنتًا للبرميل لشهر يونيو لعملائها الرئيسيين في آسيا.

يأتي هذا الارتفاع في أعقاب انخفاض كبير في الأسعار لشهر مايو، ويعكس محاولةً لضبط الأسعار لتعود إلى مستوياتها السابقة في العام. ورغم أن الزيادة كانت أقل من المتوقع، إذ بلغت 30 سنتًا، إلا أنها لا تزال تمثل تحولاً ملحوظاً بعد تخفيضات الشهر السابق.

تأتي هذه الخطوة السعودية رغم إعلان أوبك+ عن زيادة كبيرة في إنتاج النفط لشهر يونيو، بزيادة قدرها 411 ألف برميل يوميًا، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان متوقعًا.

إلا أن ارتفاع الأسعار في آسيا يتناقض مع انخفاض الأسعار في مناطق أخرى مثل أوروبا والولايات المتحدة، مما يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تُوازن بين الطلب الإقليمي وظروف السوق.

زيادة المعروض في أوبك+ وتأثيرها على السوق

يهدف قرار أوبك+ برفع الإنتاج إلى إنهاء تخفيضات الإنتاج السابقة، ولكنه يأتي في وقت يواجه فيه سوق النفط العالمي تحديات بالفعل، بما في ذلك انخفاض أسعار النفط القياسية بنسبة تقارب 20% هذا العام.

تعود زيادة إنتاج أعضاء أوبك+، وخاصة المملكة العربية السعودية، إلى مخاوف من الإفراط في الإنتاج من قبل بعض دول المجموعة، مما ساهم في وفرة عالمية في المعروض النفطي.

في الوقت نفسه، أدى إحباط السعودية من الإفراط في الإنتاج من قبل بعض أعضاء أوبك+ إلى دعوات إلى التزام أكثر صرامة بحدود الإنتاج.

وفي هذا السياق، يُنظر إلى زيادة الأسعار في آسيا على أنها إجراء موازنة، مما يشير إلى نية المملكة إدارة السوق على الرغم من زيادة الإنتاج التي فاقت التوقعات.

حرب ترامب التجارية والديناميكيات الجيوسياسية

يأتي قرار رفع الأسعار أيضًا في خضم الحرب التجارية العالمية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب، والتي أثرت على قطاعات مختلفة، بما في ذلك قطاع النفط، مع التوترات المحيطة بالبرنامج النووي الإيراني والتهديد بفرض عقوبات على الدول التي تشتري النفط الإيراني، قد تتأثر تحركات المملكة العربية السعودية جزئيًا بحسابات جيوسياسية أوسع.

أشار التجار إلى ارتفاع أرباح تكرير النفط الخام في الشرق الأوسط بنهاية الشهر الماضي، مما يُنظر إليه على أنه علامة على تحسن ظروف السوق.

قد يتماشى النزاع التجاري المستمر وجهود الولايات المتحدة لخفض أسعار النفط مع أهداف سياسة ترامب، حيث يواصل الضغط على الدول المنتجة للنفط لضمان إمدادات نفطية مستقرة وبأسعار معقولة، لا سيما قبل زيارته المقبلة إلى الشرق الأوسط.

أقرا أيضا.. الشرطة الفرنسية تحقق في عمليات اختطاف مليونيرات العملات المشفرة

الضغط على رؤية السعودية 2030

على الرغم من ارتفاع أسعار النفط في آسيا، إلا أن الانخفاض العالمي في أسعار النفط يُلقي بضغوط متزايدة على خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الطموحة “رؤية 2030”.

تهدف هذه الخطة إلى تحديث اقتصاد المملكة العربية السعودية من خلال استثمارات واسعة النطاق في البنية التحتية والسياحة والتنمية الصناعية، وتتطلب أسعارًا للنفط أعلى من 100 دولار أمريكي للبرميل لتمويل هذه المبادرات بفعالية.

يُشكل الانخفاض الحالي في أسعار النفط تحديًا للاستراتيجية المالية للمملكة، التي تعتمد على عائدات النفط لتمويل تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط.

في حين أن تحركات أوبك+ الأخيرة قد أتاحت بعض الراحة المؤقتة، فإن التحدي الأطول أجلًا للمملكة العربية السعودية يتمثل في التعامل مع تقلبات السوق العالمية وتحقيق التحول الاقتصادي المتوخى في رؤية 2030.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط