نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
دانييلا إلستنر لـ"النهار": نؤمن بسحر القاعة لكن لا نستخفّ بقوة المنصّات - تكنو بلس, اليوم الاثنين 5 مايو 2025 03:46 مساءً
وفي اطار الدورة الأخيرة من المهرجان الرقمي - MyFrenchFilmFestival - الذي أطلقته المؤسسة العريقة لتوسيع آفاق الوصول إلى السينما الفرنسية، تحدّثت إلستنر إلى "النهار" عن خلفيات هذا المشروع الطموح، والتحديات التي يواجهها الفنّ السابع في زمن التحوّل الرقمي، وتقلّبات شبّاك التذاكر العالمي، وتحولات أنماط التوزيع والمشاهدة. بصراحة ووضوح، تناولت إلستنر تفاصيل مهمّتها في نشر الأفلام الفرنسية خارح بلد المنشأ، معترفةً بسحر الشاشة الكبيرة، من دون اغفال صعود نجم منصّات العرض التدفّقي.
* لماذا تنظّمون مهرجاناً سينمائياً عبر الإنترنت، بينما فرنسا معروفة بدفاعها المستميت عن قاعات العرض؟
- انطلقت فكرة هذا المهرجان قبل نحو خمسة عشر عاماً من ملاحظة بسيطة: هناك بلدان لا توجد فيها قاعات سينما البتة، وإن وُجدت، فهي لا تبرمج أفلاماً فرنسية. جاءت المبادرة من رغبة حقيقية في إيصال أفلامنا إلى تلك المناطق، بوسيلة ديموقراطية، وغالباً مجانية، تتيح للجمهور في هذه البقع فرصة مشاهدة أعمال لم يكن في مقدورهم التعرف إليها بوسيلة أخرى. وأطمئنك: نحن لا نهجر القاعات، بل على العكس، نكثّف شراكاتنا مع أصحابها ومع الموزعين. فالترويج للسينما، ولو عن بُعد، يظلّ جزءاً لا يتجزأ من مهمّتنا. حين أُطلق هذا المشروع، كانت فكرة مهرجان سينمائي إلكتروني سابقة لزمنها تماماً. أذكر أنني كنت أعمل آنذاك في مجال بيع الأفلام، وقلتُ لنفسي باستغراب: "ما هذا الشيء العجيب؟". لكن مع الجائحة، تغيّرت الذهنيات. فرضت المنصّات الرقمية حضورها، وأصبح السؤال المطروح: هل لا يزال لهذا النوع من المهرجانات مكان؟ والجواب: نعم، وبقوة! ففي كلّ دورة، نكتشف جمهوراً جديداً، من مختلف الأجيال، يتفاعل مع أفلام لم يكن ليصل إليها عبر القنوات التقليدية. وهذا يعزز قناعتنا بأهمية الاستمرار في هذا النوع من العروض الموازية.
'كونت مونت كريستو'، أحد الأفلام الفرنسية التي حقّقت إيرادات عالية.
* هل الهدف هو تحفيز الناس على حبّ السينما، حتى لو كان خارج الصالات؟
- تماماً. نطمح إلى غرس بذرة الفضول، شغف الاكتشاف، لعلّها تُثمر لاحقاً. لعلّ مَن يشاهد فيلماً اليوم عبر المنصّة، يقرر غداً الذهاب إلى الصالة. هذا المهرجان هو مجرد بُعد من أبعاد عملنا في "أونيفرانس". فنحن حرصاء على دعم المهرجانات الحضورية، ونعمل بتنسيق دائم مع دور العرض والموزعين. الصالة، بالنسبة الينا، هي القلب النابض للسينما، ولا بديل منها. الفيلم السينمائي خُلق ليُشاهَد أولاً في صالة مظلمة، وسط جمهور، وهذه قناعة لا نتنازل عنها. لكننا نواجه واقعاً معقّداً: في أماكن كثيرة من العالم، هذا الإمكان غير متاح. وعندما يكتب لنا شاب أو شابة بعد مشاهدة فيلم: "لم أكن لأتخيل أنني سأُعجب بهذا النوع من السينما"، ندرك أن رسالتنا وصلت. من مسؤوليتنا أن نكسر ما تفرضه الخوارزميات من أنماط، ونقدّم بدائل حقيقية تُوسّع أفق المتلقي.
* كيف ترين حضور السينما الفرنسية خارج فرنسا؟
- في 2024، بيعت قرابة 38 مليون تذكرة خارج فرنسا. هناك تراجع طفيف مقارنةً بالسنوات الماضية، ويُعزى ذلك أساساً إلى الانكماش الحاد الذي تشهده السينما الأميركية، والذي انعكس بدوره على الحضور الفرنسي، إذ خلّف فراغاً لم يكن سهلاً ملؤه.
* رغم هذا التراجع النسبي، لا تزال هناك نجاحات لافتة، أليس كذلك؟
- بلى، هناك إنجازات بارزة تؤكّد أن السينما الفرنسية لا تزال قادرة على اجتذاب الجمهور العالمي. أفلام مثل "الكونت دو مونت كريستو"، "تشريح سقوط"، "مملكة الحيوان"، "عائلة هيندريكس"، تلقّى صدى واسعاً. كذلك، تواصل أفلام التحريك تحقيق رواج كبير، كما في حال "فرسان الأدغال 2". هذه النجاحات دليل على أن للسينما الفرنسية حضوراً حياً في الخارج.

'موسيو أزنافور'، اقبال جماهيري كبير في لبنان والبلدان الفرنكوفونية.
* فيلم "موسيو أزنافور" لاقى استحساناً كبيراً في لبنان.
- صحيح. لقد حقّق انطلاقة قوية في فرنسا أيضاً، وواصل انتشاره دولياً. لدى الفيلم كلّ عناصر الجذب: شخصية أسطورية، موسيقى فرنسية محبوبة، وممثّل لامع مثل طاهر رحيم يترقّبه الجمهور بشغف. هذا النوع من الأفلام يقدّم صورة متكاملة ومؤثّرة عن فرنسا، ويساهم في إشعاعها الثقافي.
* وأين تجدون أفضل الأسواق للفيلم الفرنسي؟
- هذا العام، تتصدّر ألمانيا القائمة. أوروبا عموماً تبقى تربة خصبة لأفلامنا، لأن بنى العرض لا تزال متماسكة. القاعات موجودة، والجمهور يتحلّى بالفضول، منفتح على السينما الأوروبية. أينما وُجدت قاعة، وُجد جمهورنا. لذلك، فإن خبر افتتاح صالة عرض جديدة مثل "متروبوليس" في لبنان، هو بالنسبة إلينا خبر مفرح بكلّ ما للكلمة من معنى. لا يمكننا العمل في الفراغ. نحتاج إلى شغف أصحاب الصالات المستقلّة، وهم العمود الفقري لشبكة التوزيع، خاصةً حين يتحلون بالجرأة والولع الحقيقي بالسينما.

ملصق المهرجان الرقمي الذي تنظّمه 'أونيفرانس' منذ 15 دورة.
* السينما الفرنسية معروفة بتنوّعها. أليس أمراً محيراً اختيار تسعة أفلام طويلة فقط لمهرجانكم؟
- إنه تحدٍّ حقيقي. نحاول أن نؤمّن توازناً بين الأنواع: رسوم متحركة، وثائقي، أعمال معروفة لكن ليست بالضرورة متداولة تجارياً، لأن بعض الموزّعين يرفضون عرض أفلامهم بالمجان. نتلقى عدداً هائلاً من الطلبات، فالمشاركة في المهرجان باتت مرغوبة جداً. نسعى إلى التوازن بين التنوع الفنّي والانتشار والتمثيل الجندري العادل. ولحسن الحظ، في فرنسا، هناك عدد كبير من المخرجات الموهوبات، ممّا يتيح تحقيق المناصفة من دون تكلّف.
* أدرجتم مؤثّرين وصنّاع محتوى في لجنة تحكيم الدورة الأخيرة من المهرجان الرقمي. ما الذي دفعكم إلى ذلك؟
- نحن في "أونيفرانس" نموضع الصحافة الدولية في صميم استراتيجيتنا. لا شيء يضاهي مقالة مكتوبة بعناية، أو قراءة نقدية معمّقة. الكلمة المكتوبة تملك قوة لا غنى عنها. لكن، في المقابل، لا يمكننا أن نغضّ الطرف عن التأثير المتزايد لصنّاع المحتوى على وسائط التواصل، خصوصاً في صفوف الشباب. بعضهم، كهوغو ديكريبت، باتوا من الأصوات البارزة في صناعة الرأي العام. لذا أنشأنا لجنة تحكيم مخصصّة للأفلام القصيرة، مؤلّفة من مؤثّرين، إلى جانب لجنة الصحافيين. لا نضع أحداً بديلاً من الآخر، بل نعتبرها وسيلة إضافية، تُثري وتنوّع آليات إيصال الرسالة.
0 تعليق