بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أسرة الممثل المغربي محمد الشوبي، الذي توفي عن عمر ناهز 62 عاماً، بعد مسيرة فنية تجاوزت العقود الثلاثة من العطاء المستمر في مجالات المسرح، التلفزيون، والسينما.

الملك ينعي محمد الشوبي

جاء في البرقية الملكية تعبير صريح عن التأثر العميق برحيل "الممثل المقتدر" محمد الشوبي، ودعاء للفقيد بالرحمة والغفران، وتقدير لمكانته كأحد أبرز الفنانين المغاربة الذين طبعوا ذاكرة المشهد الثقافي الوطني.

وقال جلالته في نص الرسالة: "علمنا ببالغ التأثر نعي الممثل المرحوم محمد الشوبي، تغمده الله تعالى بواسع رحمته وغفرانه... نعرب لكم، ومن خلالكم، لكافة أهلكم وذويكم، ولأسرته الفنية الكبيرة، ولسائر أصدقائه، عن تعازينا الحارة ومواساتنا الصادقة في رحيل ممثل مقتدر، بصم الساحة الفنية بتشخيصه المتميز لأدوار متعددة سواء على مستوى المسرح أو التلفزيون أو السينما".

وجاء في الرسالة أيضاً: "نشاطركم مشاعركم في هذا المصاب الأليم، ونسأل الله العلي القدير بأن يشمله بواسع كرمه ورضوانه، ويجزيه خير الجزاء عما قدمه لفنه ووطنه، وأن يعوضكم عن فراقه صبراً جميلاً وثواباً صادقاً".

الفنانون يودّعون رفيق الدرب

من جانبها، أصدرت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بياناً رسمياً نعت فيه الفنان الراحل، واصفةً إياه بالعضو المناضل والفنان المبدع، الذي ترك بصمة لا تُمحى في المشهد الثقافي المغربي. وذكّرت النقابة بمسيرة الشوبي الزاخرة بالمشاركات المسرحية والتلفزيونية والسينمائية، معتبرة وفاته خسارة للفن المغربي برمته، وليس فقط لأسرته الفنية.

وزارة الثقافة تؤبّن أحد أعمدة الفن المغربي

أعلنت وزارة الشباب والثقافة والاتصال نبأ وفاة الفنان، مؤكدة أنه رحل "بعد معاناة طويلة مع المرض"، وأن غيابه يُعد فقدانًا لأحد أعمدة التمثيل المغربي.

وأكدت الوزارة أن الشوبي ظلّ إنساناً نبيلاً، ملتزماً في فنه ومواقفه، ومحباً للجمهور والحياة، وهو ما جعله يحتل مكانة خاصة في قلوب المغاربة.

محطات فنية متعددة عبر المسرح والسينما والتلفزيون

ولد محمد الشوبي سنة 1963 بمدينة مراكش، وتخرج في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط. لمع اسمه في بداية التسعينيات كممثل متنوع الأداء، قادر على تقمص أدوار درامية وشخصيات مركبة، ما أهّله لأن يكون أحد أكثر الوجوه المغربية ظهوراً وانتشاراً في الأعمال التلفزيونية والمسرحية.

شارك الشوبي في عشرات المسرحيات من بينها "صوت وضوء" للطيب الصديقي، و"الحصار" للحسن إدريسي، و"الباب المسدود" ليوسف فاضل.

كما أخرج مسرحيات منها "ارتجال"، و"المدينة والبحر"، و"هستيريا"، و"حروف الكف"، مما يبرز تعدده الفني وعمق تجربته الإخراجية إلى جانب أدائه التمثيلي.

أعمال درامية رسخت اسمه في وجدان المغاربة

عرفه الجمهور من خلال مشاركته في العديد من المسلسلات الناجحة مثل "مسحوق الشيطان"، و"محمد الحياني"، و"علام الخيل"، و"مول لمليح"، و"هاينة"، إلى جانب ظهوره في أعمال عربية مشتركة منها مسلسل "صقر قريش" التاريخي. وكان حضوره مميزاً أيضاً في السينما المغربية، إذ شارك في أفلام ذات طابع اجتماعي وإنساني عميق، نالت جوائز وطنية ودولية.

تكريمات ومسيرة نضالية موازية

إلى جانب مسيرته الفنية، كان الراحل محمد الشوبي ناشطاً في المجال الثقافي والنقابي، حيث دافع باستمرار عن حقوق الفنانين المغاربة، وكان من بين الأصوات المؤثرة داخل النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية.

حاز خلال مسيرته على تكريمات عديدة من مهرجانات مغربية مرموقة، تقديرًا لمساهماته المتواصلة في تطوير الفنون الدرامية والسينمائية.

وداع مؤثر من الجمهور والمقربين

في وداعه، ضجت منصات التواصل الاجتماعي بكلمات النعي والرثاء، وتشارك فنانون ومخرجون ومتابعون صور الراحل ومقاطع من أعماله، مرفقين إياها برسائل حزن وفخر، مؤكدين أن محمد الشوبي سيبقى حياً في ذاكرة الإبداع المغربي.