حلم التمثال في لوحة قيصر ميخايل ميخايل - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حلم التمثال في لوحة قيصر ميخايل ميخايل - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:21 صباحاً

لم تكن ألوان قيصر ميخائيل مجرّد خربشات نتج عنها لوحة تجريديّة، كما ولم تكن ريشته تحمل مجرّد شعيرات، لانّها ملأت الرسم بعبق المجد، فوُلدت لوحة بطل لبنان يوسف بك كرم من رحم التاريخ.

اختلطت المشاعر، والمخيّلة، ودروس التاريخ، ومسيرة البطل يوسف بك كرم في عناصر اللّوحة، وتقاطعت وتلاقت. فجعلت الناظر إليها يدرك لحظة صاخبة مرّت في تاريخ الوطن، واستيقظت في ألوان هادئة.

مشهد لبنانيّ وطنيّ بحت في لوحة مخايل، أفق ليس كأي أفق، واتّجاه لا يسمح بالنظر إلى الخلف، وبطل لم يلتفت إلى الوراء تيمّناً بكلام السيد المسيح: "ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يَصلح لملكوت الله." (لو 9: 62)

وينظر بطل لبنان إلى الأفق الأرجواني، فقد حرّره الفنّان من المعدن، ولم يعد ذاك اللّون يرمز إلى القوقعة والعزلة في تمثال، بل قابله لون آفاق وصلت الأرض مع البحر، وهذه إشارة إلى اتّصال لا ينقطع بين التاريخ والحاضر، مذ أعلن بطل لبنان حربه على السلطة العثمانيّة.

 

يعكس البعد السريالي للّوحة، رؤية الفنّان لماضي الأبطال في أوطانها، وجهادها من أجل الحرّيّة، وقد ظهر هذا في الجزء الأمامي من اللّوحة الذي عكس الأصرار على القتال من أجل لبنان، وبان سيف البطل في غمده وهو على صهوة الجواد. فلرهبة البطل على سواه، مشاعر في قلب الناظر إلى اللّوحة، دلالة على سرعة الحاضر في استحضار الماضي. وقد خصّص ميخايل البعد الروحي من اللّوحة للحلم، فالشمس رمز الحرّيّة التي يحلم بها التمثال، حتّى ولو غابت، فستشرق على الوطن في صباحات متوالية.

في فضاء اللّوحة، تلاصَق السديم، وتكوّن الحلم. وها هنا تحت الأرزة الشامخة سمعنا لحناً من أوتار الفضاء البراح. وتحرّرت الأرواح وتمرّدت مع البطل وامتزجت بالضياء.

خلال زمن الثورات والحروب، أصبحت الكتابة لعنة، والخيانة افتراضاً، والعقل شيطاناً، والأحلام غمامة، والمتسوّل عاشقاً لأرصفة المجد. واستمرّ الوعد قدر التمثال يذكّرنا بالماضي من خلال الحاضر، يشمت بأوهام البلاد، ويحزن لشقاوة العباد، ويتحسّر على حكمة الأجداد. وكأنّ قيصر مخايل قد وضع الحلم في الجماد، فاشتهى التمثال عودة الروح إليه ليصول ويجول ويبتسم وفاءً للبنان، ويذهب الحلم بالوطن إلى الحزن الساكن بالشعب العظيم.

ينتصب التمثال في وسط اللّوحة، كاهناً للحرّيّة، ووسط الرسم مركز بلدة إهدن التي جعلها البطل يوسف بك كرم مركزاً للكون. 

تمثالٌ يرقص فرحاً مع الريح، يستمتع حتّى الثمالة بانبعاث العشق مجدداً في ساحات الوغى ذوداً عن الوطن. فقد نذره قيصر ميخايل لمراقبة شهب الثورات المتأنّقة بضياء الخلود، لحظات انبلاج الوطنيّة على أفق الساحات الرحيبة. 

لوحة بطل لبنان، تظهر تمثالاً ينتظر نبوءة هاربة من رماد الفينيق تحت ظلال الأرز. وتغسل كلّ صباح حواسه شمس جنّة عدن، وتطالبه بضّخ الدم في عروق المستقبل، فيعود نبض الحرّية إلى الاستحقاقات الوطنيّة.

 
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق