شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تصعيداً أمنياً خطيراً، بعد قيام مجموعة مسلحة باقتحام مبنى المحافظة واحتجاز المحافظ مصطفى البكور مؤقتاً.

وأثارت الحادثة تساؤلات واسعة حول حالة الفوضى الأمنية ودور الفصائل المحلية، كما أعادت تسليط الضوء على الصراع المزمن بين السلطة المركزية وواقع السيطرة غير الرسمية في المنطقة.

اقتحام مسلح وسط الدوام الرسمي بمحافظة السويداء

بحسب المعلومات التي تداولتها وسائل إعلام سورية، فإن مجموعة مسلحة من أبناء قرية ذيبين اقتحمت مبنى محافظة السويداء أثناء الدوام الرسمي، في وقت كان المحافظ مصطفى البكور وعدد من الموظفين حاضرين داخله.

المجموعة، التي ضمّت مسلحين تربطهم صلة قرابة بمدانين بقضايا سرقة سيارات، أقدمت على إغلاق أبواب المبنى، وهددت باستخدام السلاح، مطالبة بالإفراج الفوري عن المدعو راغب قرقوط، المحتجز على خلفية تهم جنائية سابقة تعود لفترة حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

تحت ضغط السلاح، اضطر المحافظ إلى إصدار قرار بإطلاق سراح المحتجز، وفقاً لروايات محلية تحدثت عن احتكاك مباشر داخل مكتبه، وصل حد الاستيلاء على مقتنيات شخصية، بينها هواتف محمولة.

الفصائل المحلية تنجح في احتواء الموقف في السويداء

عقب الحادثة، تدخلت فصائل محلية بشكل مباشر لاحتواء التصعيد. وأفاد محافظ السويداء، في تصريح مقتضب لقناة “الإخبارية”، أن “لواء الجبل” قام بطرد المجموعة المسلحة من مبنى المحافظة، في حين تولّت حركة “رجال الكرامة” تأمين مخرج آمن للمحافظ وإنهاء الموقف دون مزيد من التدهور الأمني.

المحافظ شدد على أن “فرض القانون وحماية الأمن خيار لا رجعة عنه”، مؤكداً أن مؤسسات الدولة ستعمل بالتعاون مع الفعاليات الوطنية لضمان الاستقرار ومنع أي محاولة لزعزعة الأمن أو التطاول على مؤسسات الدولة، محذّراً من تبرير الفوضى تحت أي ذريعة.

موقف مشيخة العقل من أحداث السويداء

بعد ساعات على الحادثة، زار وفد من وجهاء السويداء ومشايخ العقل مقر المحافظة وقدّم اعتذاراً رسمياً للمحافظ، مؤكدين دعمهم لهيبة الدولة ورفضهم أي أعمال خارجة عن القانون. الزيارة اعتُبرت رسالة مجتمعية واضحة بأن الحادثة لا تعبّر عن إرادة عموم أهالي المحافظة.

وفي تطور متزامن، أصدرت مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحّدين الدروز بياناً رسمياً أعربت فيه عن دعمها الكامل لمهام الضابطة العدلية والمؤسسات الشرطية والقضائية، داعية الفصائل المحلية للتعاون الكامل مع هذه الأجهزة وتفويضها بالمساعدة في ضبط الأمن، وفق اتفاق سابق بين المرجعيات الدينية ووجهاء المحافظة مطلع شهر أيار الحالي.

البيان وصف التكرار المتزايد للتجاوزات بحق الضابطة العدلية بـ”المسيء”، محذراً من تبعات التهاون مع أي اعتداء على مؤسسات الدولة أو أفرادها، ومؤكداً أن تحقيق الأمن والاستقرار أولوية قصوى لا تحتمل التأجيل.

 هل تستعيد الدولة سلطتها في جنوب سوريا؟

رغم احتواء الحادثة مؤقتاً، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل ستنجح مؤسسات الدولة في استعادة زمام المبادرة في السويداء؟ وهل تستطيع الفصائل، رغم انقسامها، أن تتحول من قوة ميدانية إلى شريك حقيقي في فرض القانون؟ أم أن مشهد الاحتجاز والابتزاز سيظلّ يتكرر في ظل غياب قرار حاسم ينهي فوضى السلاح؟

ووفق مراقبون فإن السويداء تقف اليوم على مفترق طرق، وما حدث في مبنى المحافظة ليس سوى إنذار مبكر على ما قد تتجه إليه الأمور في حال استمرار تآكل سلطة الدولة وتراجع دور القانون.

اقرأ أيضا

غضب دولي ضد تل أبيب| كيف استقبل العالم استهداف إسرائيل لـ الوفد الدبلوماسي؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط