ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطابًا متلفزًا حافلًا بالتحدي يوم الأربعاء، ويتعهد بالسيطرة الكاملة على غزة مؤكدًا عزم إسرائيل على الحفاظ على السيطرة الأمنية على كامل قطاع غزة، على الرغم من تزايد الانتقادات الدولية والدعوات لوقف إطلاق النار الفوري.

السيطرة الكاملة على غزة

وفقا لتقرير تليجراف، في حديثه الأول منذ شهور، أعلن نتنياهو: “في النهاية، سيتم السيطرة الكاملة على غزة وستكون جميع أجزاء القطاع تحت السيطرة الإسرائيلية”. وأكد أن الحصار المستمر على قطاع غزة “لم ينتهِ بعد”، مشيرًا إلى أن الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد حماس ستستمر بلا هوادة.

جاءت تصريحات نتنياهو في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، حيث أدانت المملكة المتحدة وفرنسا وكندا الحصار وعواقبه الإنسانية على سكان غزة المدنيين. كما أمر الاتحاد الأوروبي بمراجعة تعاونه مع إسرائيل، بينما جمّدت بريطانيا المفاوضات التجارية وفرضت عقوبات على عدد من مستوطني الضفة الغربية.

وقف إطلاق نار مؤقت مشروط بالإفراج عن الرهائن

على الرغم من لهجته المتشددة، أشار نتنياهو إلى استعداده المحتمل للنظر في وقف إطلاق نار مؤقت إذا أدى ذلك إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس.

قال: “إذا كان هناك خيار لوقف إطلاق نار مؤقت لتحرير الرهائن، فسنكون مستعدين”، مضيفًا أنه تم التأكد من وجود 20 رهينة على الأقل على قيد الحياة.

إسرائيل والولايات المتحدة تعلنان خطة مساعدات من ثلاث مراحل

ردًا على الاستنكار الدولي للأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، كشف نتنياهو عن خطة جديدة من ثلاث مراحل وُضعت بالتنسيق مع الولايات المتحدة لإيصال المساعدات الأساسية إلى القطاع.

تشمل الخطة إنشاء نقاط توزيع آمنة للغذاء والضروريات الأساسية، تديرها شركات أمريكية وتحميها القوات الإسرائيلية. وسيتم إنشاء “منطقة معقمة” في جنوب غزة للسماح بما وصفه نتنياهو بـ “المساعدات الإنسانية الكاملة”.

مع ذلك، انتقدت منظمات الإغاثة والأمم المتحدة حجم المساعدات ووصفته بأنه “غير كافٍ بشكلٍ مثير للسخرية”، ووصفت منظمة أطباء بلا حدود الإجراءات الجديدة بأنها “ستار دخاني” للتهرب من المسؤولية عن النقص المستمر.

نتنياهو يضاعف جهوده وسط تداعيات دبلوماسية

كما تناول خطاب نتنياهو الخلاف الدبلوماسي المتنامي مع المملكة المتحدة. فعلى الرغم من قرار بريطانيا وقف المحادثات التجارية وفرض عقوبات، ظل الزعيم الإسرائيلي ثابتًا على موقفه: “الطرف الوحيد المهم في العالم الآن هو الولايات المتحدة”، كما جاء في أحد التحليلات. “لا يمكن إلا لموجة من العقوبات الأوروبية أن تجبر على مزيد من التنازلات، ولكن في الوقت الحالي، يبدو ذلك بعيد المنال”.

كما رفض انتقادات المملكة المتحدة الأخيرة للتكتيكات العسكرية الإسرائيلية، حيث صرّح مسؤول إسرائيلي: “ستنتصر إسرائيل في هذه الحرب العادلة وستحقق جميع أهدافها. سنحرر الرهائن وندمر قدرات حماس”.

إيران والتوترات الإقليمية تلوح في الأفق

أكد نتنياهو مجدداً أن إيران لا تزال تُشكل “تهديداً كبيراً” لإسرائيل، معرباً عن أمله في أن تمنع المناقشات الجارية مع الولايات المتحدة طهران من امتلاك أسلحة نووية.

تستمر التوترات الإقليمية في التصاعد، مع تقارير تفيد بأن إسرائيل تدرس توجيه ضربة استباقية للمنشآت النووية الإيرانية، مما يُفاقم حالة عدم اليقين في أسواق النفط ويدفع الأسعار إلى الارتفاع.

السياسة الداخلية: إقالة رئيس الشاباك تُشعل معركة قانونية

أكد رئيس الوزراء أيضاً نيته تعيين الرئيس القادم لجهاز الأمن العام (الشاباك)، بعد أن قضت المحكمة العليا بأن محاولته السابقة لإقالة الرئيس الحالي رونين بار غير قانونية ومخالفة للقانون الإسرائيلي. وأشار الحكم إلى المخاوف بشأن “فضيحة قطر”، وهو تحقيق فساد يُورّط نتنياهو.

غزة: معاناة المدنيين مستمرة وسط هجوم متجدد

لا تزال حصيلة الصراع كارثية على المدنيين. أفادت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة القتلى في القطاع تجاوزت 53600، مع سقوط عشرات القتلى والجرحى خلال الـ 24 ساعة الماضية وحدها. ولا تزال عمليات تسليم المساعدات متقطعة، حيث يحاول النشطاء والجماعات الإسرائيلية اليمينية منع الشحنات عند المعابر الحدودية.

على أرض الواقع، تبدو الحقائق اليومية قاتمة. قال أحد النازحين الفلسطينيين: “لم نعد نخطط لوجباتنا. نعمل فقط بما نستطيع إيجاده”. وتشهد أسعار المواد الغذائية ارتفاعًا حادًا، وتحذر المنظمات الدولية من أن المجاعة وشيكة إذا استمرت القيود.

أقرا أيضا.. اغتيال أندريه بورتنوف المساعد السابق للرئيس الأوكراني في مدريد

حادث دبلوماسي في جنين يصعد التوترات

في حادث منفصل، أطلقت القوات الإسرائيلية طلقات على وفد من الدبلوماسيين والصحفيين الأجانب الذين كانوا يزورون مدينة جنين المضطربة في الضفة الغربية.

اعتذر الجيش الإسرائيلي، لكن السلطة الفلسطينية اتهمت القوات الإسرائيلية باستهداف الدبلوماسيين “عمدًا”، مما أثار احتجاجات واستدعاءات دبلوماسية من حكومات أوروبية.

الطريق إلى الأمام

مع استمرار إسرائيل في هجومها على غزة ومواجهة ردود فعل دولية غاضبة، لا تزال احتمالات التوصل إلى وقف إطلاق نار تفاوضي غير مؤكدة. تواجه حكومة نتنياهو تحديات محلية ودولية متزايدة، لكن في الوقت الحالي، يبدو الزعيم الإسرائيلي عازمًا على المضي قدمًا في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط