أنهى الجيش الروسي بنجاح اختبارات طائرته المسيّرة الانتحارية الجديدة، التي أطلق عليها اسم “توفيك”، وذلك في إطار عملياته الجارية ضمن “المنطقة العسكرية الخاصة”. ووفقًا لمصادر روسية، دخلت الطائرة مرحلة الإنتاج التسلسلي، ما يعني أنها باتت جاهزة للدخول في الخدمة العسكرية الميدانية على نطاق أوسع.

قدرات توفيك.. ذكاء اصطناعي يغير قواعد المواجهة

تتمتع “توفيك” بقدرات ذكاء اصطناعي متقدمة تتيح لها التغلب على أنظمة الدفاع الجوي ووسائل الحرب الإلكترونية المعادية.

وقد تم دمج تقنيات التتبع الذاتي والتعرف على الأهداف ضمن منظومة التوجيه النهائي للمسيّرة، ما يضمن دقة عالية في الضربات دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر أو اتصال مستمر بالمشغل.

مواصفات تقنية دقيقة:

مدى التحليق: يصل إلى 30 كيلومترًا.

مدة البقاء في الجو: تصل إلى 25 دقيقة.

السرعة القصوى: حتى 180 كيلومترًا في الساعة.

وزن الرأس القتالي: 2 كغ (يعادل قنبلة “آر بي جي” مجوفة).

نظام الإطلاق: يتم عبر منجنيق خاص.

الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي: لا تحتاج إلى ملاحة فضائية أو اتصال مباشر.

وصف مصممها، المعروف باسم “أوبي-فان”، الطائرة بأنها نسخة مصغرة من المسيّرة الشهيرة “غيران” ، لكنها أكثر تقدمًا في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مما يسمح لها بالعمل في بيئة تشويش إلكتروني مكثف دون فقدان الهدف.

كيف تعمل المسيرة “توفيك”؟

تعتمد الطائرة على مقارنة صورة المشهد الطبيعي أمامها مع خريطة رقمية مدمجة في نظامها، ما يتيح لها التحليق بشكل ذاتي وتجاوز العوائق. وللتعرف على الأهداف بدقة، تحتوي على قاعدة بيانات إلكترونية مسبقة تُحمل بها أنواع الأهداف المحتملة، لتقوم بتحديد الهدف وتوجيه الضربة بدقة متناهية، دون حاجة لإشارة خارجية.

اقرأ أيضًا: روسيا تعزز وجودها الجوي في القطب الشمالي.. قاذفتان إضافيتان في قاعدة أولينيا

سعر تقريبي وسهولة الإنتاج

رغم عدم الإعلان الرسمي عن تكلفة “توفيك”، إلا أن حجمها الصغير وتصميمها الذي لا يعتمد على أنظمة ملاحة متطورة أو معدات اتصالات معقدة قد يجعل تكلفتها الإنتاجية منخفضة نسبيًا، ما يتيح إنتاجها بكميات كبيرة وبسعر لا يتجاوز عدة آلاف من الدولارات للوحدة الواحدة، مقارنة بمسيّرات انتحارية أكبر حجمًا مثل “شاهد-136” الإيرانية أو “Switchblade” الأميركية.

المسيّرات الانتحارية: سلاح المستقبل بلا طيار

أصبحت المسيّرات الانتحارية، المعروفة أيضًا باسم الذخائر الجوالة (Loitering Munitions)، من أكثر الأسلحة تطورًا وانتشارًا في النزاعات الحديثة، نظرًا لقدرتها على التحليق لمدد زمنية متوسطة أو طويلة حتى ظهور هدف مناسب لتدميره.

وتتميز هذه الطائرات بأنها تدمج بين قدرات الطائرات بدون طيار والذخائر الموجهة، ما يجعلها مثالية للضربات الدقيقة خلف خطوط العدو.

وقد لعبت المسيّرات الانتحارية دورًا بارزًا في نزاعات مثل الحرب في أوكرانيا، واشتباكات جنوب القوقاز، والنزاعات في الشرق الأوسط، حيث أثبتت قدرتها على تغيير مسار المعارك بتكلفة منخفضة وفاعلية عالية.

المسيّرات الروسية: تطور تكتيكي وتكنولوجي

تشير التطورات الأخيرة إلى أن روسيا تمضي قدمًا في تطوير عائلة متكاملة من الطائرات بدون طيار، تشمل مسيّرات استطلاع وهجوم ومسيّرات انتحارية.

ومن أبرز الأسماء التي ظهرت مؤخرًا إلى جانب “توفيك” هناك مسيّرات “غيران-2” و”كوب”، حيث تسعى موسكو إلى التحول نحو الاعتماد الأكبر على الأنظمة الذاتية.

وتكشف طائرة “توفيك” عن توجه روسي لتصميم مسيّرات صغيرة الحجم، قليلة الكلفة، لا تعتمد على الملاحة عبر الأقمار الصناعية، مما يصعب اعتراضها ويزيد من مرونتها التشغيلية في ظروف الحرب الحديثة.

الذكاء الاصطناعي في الحروب: بداية لعصر جديد؟

يوفر الذكاء الاصطناعي قدرات غير مسبوقة للطائرات المسيّرة، مثل التعرف التلقائي على الأهداف، التتبع الذاتي، اتخاذ القرار في الوقت الحقيقي، وتفادي الدفاعات الجوية أو البيئات المشوشة. ومع زيادة الاعتماد على هذه التقنيات، قد تصبح المسيّرات ذاتية التشغيل حجر الزاوية في حروب المستقبل، متجاوزة الحواجز التقليدية في العمليات القتالية.

نحو مستقبل تقوده المسيرات الانتحارية

في ضوء التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي والأنظمة الجوية غير المأهولة، يتجه العالم نحو مستقبل عسكري تحكمه المسيّرات الانتحارية. ومع تزايد قدراتها التدميرية والذكاء التوجيهي، قد تشكل هذه الأسلحة تهديدًا خطيرًا للتوازنات العسكرية التقليدية، لا سيما إذا ما أصبحت متاحة على نطاق واسع للجيوش الصغيرة وحتى الفاعلين غير الدوليين.

وبينما يرى البعض أن هذه الطائرات قد تقلل الخسائر البشرية عبر استبدال الجنود بالآلات، يحذر آخرون من تصاعد حروب “الروبوتات القاتلة”، التي قد تُدار في المستقبل دون تدخل بشري مباشر.

اقرأ أيضاً: سباق التسلح يصل الفضاء.. سلاح صيني خارق يربك حسابات واشنطن

نسخ الرابط تم نسخ الرابط