قراءة في نتائج انتخابات بعلبك 2025: ثبات في الولاء السياسي لـ"الثنائي" في مقابل بداية تحوّل في المزاج العام - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قراءة في نتائج انتخابات بعلبك 2025: ثبات في الولاء السياسي لـ"الثنائي" في مقابل بداية تحوّل في المزاج العام - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 21 مايو 2025 02:05 مساءً

في مشهد انتخابي يختزن رمزية سياسية بقدر ما يعكس دلالات شعبية، حسمت لائحة "وفاء وتنمية" المدعومة من "الثنائي الشيعي" ("حزب الله" وحركة "أمل") نتائج انتخابات بلدية بعلبك لعام 2025، بإحرازها جميع مقاعد المجلس البلدي الـ21، متفوقة بفارق كبير على اللائحة المنافسة "بعلبك مدينتي" ذات الطابع المدني المعارض.

أظهرت النتائج وفق وزارة الداخلية والبلديات، أرقاماً واضحة لا تحتمل التأويل: فقد نال علي محمد حسن، المرشح الأول في لائحة "الوفاء والتنمية"، 12199 صوتاً، فيما حصل المرشح الثاني السني في اللائحة نفسها عبد الرحيم شلحة على 12161 صوتاً. وتجاوزت نتائج باقي المرشحين 11674 صوتًا، ما يعكس انضباطاً كبيراً لدى القاعدة المؤيدة لـ"الثنائي" والتزامًا شبه تام بالتصويت اللائحة من دون تشطيب.

في المقابل، نال حكمت محمد عواضة، المرشح الأول في لائحة "بعلبك مدينتي" المعارضة 5802 أي بفارق نحو 5872 صوتًا عن آخر الفائزين في اللائحة المنافسة، و6397 صوتًا عن أول الفائزين فيها. وقد توزعت أصوات المعارضة على عدد كبير من المرشحين، ما كشف عن غياب الانضباط التنظيمي، وضعف الماكينة الانتخابية، وفشلها في تحويل الحضور الشعبي إلى تمثيل فعلي.

هذا التشتت لا يفقد المعارضة شرعيتها، بل يدل على طيف مدني معارض في طور التشكّل، يعاني من نقص في التنظيم والخبرة الانتخابية، إضافة إلى افتقاره للدعم اللوجستي والسياسي الذي يتمتع به "الثنائي".

قراءة في المزاج السياسي
بعيداً من الأرقام، تعكس هذه الانتخابات دلالات سياسية عميقة. فمن جهة، تؤكد نتائجها أن "الوفاء والتنمية" لا تزال تحظى بثقة جمهورها التقليدي، الذي يرى في التصويت لها حفاظًا على الهوية السياسية والمقاوِمة.
ومن جهة أخرى، فإن نسبة التصويت للوائح المعارضة، رغم ضعف الإمكانات، تشير إلى بداية تحوّل تدريجي في المزاج العام، ووعي مدني متنامٍ يطرح أسئلة حول الحكم المحلي، الشفافية، والتنمية.

استخلاص العبر للإنتحابات المقبلة. (أرشيف)

ما بعد الانتخابات: تحديات مشتركة
رغم فوزها الساحق، فإن مسؤولية "الوفاء والتنمية" لا تنتهي عند صندوق الاقتراع، بل تبدأ منه. فالمطلوب ترجمة هذا الانتصار إلى خدمات ملموسة وتحقيق تنمية مستدامة تواكب تطلعات الناس، فالثقة الشعبية قد تتآكل إذا لم تُترجم إلى خدمات ملموسة وتنمية فعلية.
أما المعارضة، ورغم خسارتها الرقمية، فقد حققت مكسباً رمزياً مهماً بإثبات أن التغيير ممكن. ومع تحسين الأداء والتنظيم وتوسيع الخطاب المدني، قد تتحول إلى قوة مؤثرة في الاستحقاقات المقبلة.

كذلك أظهرت النتائج ضعف الحضور الشعبي للائحة "بعلبك مدينتي" في البيئة الشيعية، رغم أنها ضمت 12 مرشحاً شيعياً، إذ لم تنل أكثر من 400 صوت شيعي، وفق ما أظهر التشطيب داخل الأقلام الشيعية.
هذا التفاوت يكشف أن التمثيل الطائفي الشكلي لا يكفي لكسب الثقة الانتخابية، في ظل استمرار جمهور هذه البيئة في التصويت وفق انتمائه السياسي التقليدي. كما يعكس ضعف اللائحة من حيث الماكينة التنظيمية والخطاب السياسي القادر على إقناع القواعد الشعبية بالتغيير.

إنها إشارة واضحة إلى أن خوض الانتخابات في بعلبك لا يُقاس بعدد المرشحين أو تنوّعهم الطائفي، بل بمدى القدرة على اختراق البنية الحزبية الراسخة، وتحقيق حضور فعلي لا مجرد تمثيل رمزي.

نسب المشاركة في انتخابات بعلبك 2025
تُظهر نسبة الاقتراع البالغة نحو 50.43% في انتخابات بلدية بعلبك لعام 2025 مقارنة بـ43.68% عام 2016، حالة من الاستقرار النسبي في المزاج الانتخابي البعلبكي، مع ارتفاع ملحوظ في عدد المشاركين الفعليين. هذا الثبات في نسبة التصويت، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، يدل على أن الاهتمام المحلي بالاستحقاق البلدي لا يزال قوياً.
وتبرز المقارنة بين الدورتين إرتفاعاً في عدد الناخبين المسجلين والمقترعين على حدّ سواء، ما قد يُعزى إلى عوامل ديموغرافية طبيعية، أو إلى زيادة الحضور السياسي المحلي.

في انتخابات 2016، تنافست لائحة "التنمية والوفاء" (مدعومة من الحزب والحركة) مع لائحة "بعلبك مدينتي" (مدعومة من "تيار المستقبل" و"الجماعة الإسلامية"). وأسفرت النتائج يومها عن فوز لائحة "الثنائي الشيعي" بالمقاعد الـ21 بنسبة 55.2%، في مقابل 35.2% للائحة المنافسة، بفارق بلغ 2055 صوتاً.

أما في انتخابات 2025، فقد تكرّر المشهد نفسه، إذ حصدت "الوفاء والتنمية" كل المقاعد، مع تسجيل فارق أكبر في عدد الأصوات 6397 صوتاً، واستمرار تصدّع المعارضة وتشتتها.

تعكس هذه المؤشرات ثباتًا في الولاءات السياسية لدى الناخب البعلبكي، وسط ماكينة حزبية محكمة التنظيم، وغياب جبهة معارضة موحدة وقادرة على خرق اللوائح الكبرى. كما تؤكد أن التغيير في المدينة لا يزال بعيد المنال، ما لم تتغير أدوات الخطاب والتنظيم لدى القوى المدنية المعارضة.

كذلك شهدت انتخابات المخاتير ظاهرة غير مسبوقة، مع ارتفاع كبير في عدد المرشحين وتصاعد التنافس، خصوصاً في ما بين العائلات.

 انتخابات بعلبك 2025 كانت مناسبة لإعادة تثبيت الأحجام السياسية في المدينة، وأظهرت فوزاً ساحقاً لـ"الثنائي"، لكنه لم يأتِ من فراغ، بل من ماكينة انتخابية محكمة وقاعدة شعبية منضبطة. في المقابل، حضر صوت المعارضة كإشارة تحذيرية من أن المشهد ليس جامداً، وأن التغيير ممكن متى توافرت له أدواته. في المحصلة، قد تكون هذه الانتخابات نهاية مرحلة وبداية أخرى في المسار البلدي والسياسي لبعلبك.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق