في تصريحات غير مسبوقة من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فجّر الجنرال السابق يائير جولان، النائب الأسبق لرئيس هيئة الأركان، عاصفة من الجدل بعد أن وجّه انتقادات حادة لحكومة بنيامين نتنياهو، متهمًا إياها بتقويض أسس الدولة وتوظيف الجيش لأغراض سياسية.

ووفق وسائل إعلام عبرية فقد شن جولان وهو رئيس حزب الديمقراطيين المعارض الإسرائيلي، هجوما شديدا على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قائلا إنها تقتل الأطفال كهواية، مشيرا إلى أن تل أبيب ستصبح منبوذة بين الأمم.

تصريحات جولان جاءت في خضم استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وفشل المؤسسة العسكرية في تحقيق أهدافها المعلنة بعد أكثر من سبعة أشهر من العمليات.

من هو يائير جولان؟

يُعد يائير جولان واحدًا من أبرز القيادات العسكرية التي تحوّلت لاحقًا إلى العمل السياسي. وُلد عام 1962، وخدم في وحدات النخبة بالجيش الإسرائيلي،

وتدرج حتى أصبح نائبًا لرئيس هيئة الأركان بين عامي 2014 و2017. اشتهر بمواقفه اليسارية المنتقدة للتيار القومي والديني المتشدد في إسرائيل، وسبق أن أثار جدلًا واسعًا عام 2016 حين قارن بعض الظواهر السياسية الإسرائيلية بما شهده المجتمع الألماني قبيل صعود النازية.

انتقادات لاذعة لحكومة نتنياهو

في مقابلات متلفزة وتصريحات صحفية، قال جولان إن حكومة نتنياهو “تدير الدولة من منطلقات فئوية وشخصية”، مضيفًا أن رئيس الوزراء يستخدم المؤسسة الأمنية “كأداة لإطالة عمره السياسي”.

وقال جولان: “نحن أمام حكومة فقدت بوصلتها الأخلاقية، وتجرّ الجيش إلى معارك غير محسوبة، في وقت تعاني فيه البلاد من انقسامات عميقة على المستويين السياسي والاجتماعي”.

واعتبر أن استمرار الحرب في غزة دون أفق سياسي، هو دليل على “فشل استراتيجي”، وأن القيادة السياسية تدفع البلاد نحو “هاوية تاريخية”، على حد تعبيره.

المعارضة تتبنى خطاب يائير جولان

تصريحات جولان وجدت صدى واسعًا لدى قوى المعارضة التي سارعت إلى تبنّي خطابه، واعتباره “تعبيرًا صادقًا عن تململ المؤسسة العسكرية من أداء القيادة السياسية”.

زعيمة حزب “ميرتس” السابقة، زهافا غال-أون، قالت إن جولان “يمثل الضمير الحي للجيش”، مشيدة بشجاعته في كشف ما يجري داخل غرف اتخاذ القرار.

كما أكدت قوى المعارضة أن تصريحات جولان تكشف “حقيقة الأزمة الداخلية التي تحاول حكومة نتنياهو إخفاءها خلف خطابات الانتصار الوهمي”.

ردود فعل عنيفة من اليمين

في المقابل، شنّ وزراء من التيار اليميني، وعلى رأسهم إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هجومًا حادًا على جولان، ووصفوه بـ”الخطر الداخلي” و”الناطق باسم العدو”.

وقال بن غفير في بيان رسمي: “يائير جولان تجاوز كل الخطوط الحمراء، ويجب التحقيق معه بتهمة تقويض الروح القومية خلال زمن الحرب”.

كما دعا بعض نواب الليكود إلى تجريد جولان من امتيازاته العسكرية، واتهامه بـ”تحريض الرأي العام ضد الجيش والدولة”.

تحركات ميدانية ودعوات للعصيان المدني

لم يكتف جولان بالتصريحات، بل شارك في سلسلة من التظاهرات أمام مقر الكنيست، وفي ميادين تل أبيب، داعيًا إلى إسقاط الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.

وفي إحدى الوقفات قال:”الجيش لم يُبنَ ليُستخدم كأداة لخدمة السياسيين، بل لحماية الدولة والمجتمع. ما نشهده اليوم هو انقلاب صامت ضد الديمقراطية”.

كما ألقى خطابات في جامعات إسرائيلية، دعا خلالها الشباب إلى رفض التجنيد الإجباري في ظل السياسات الحالية، ما أثار استياء المؤسسة الأمنية.

مؤشرات على تصدع داخلي في إسرائيل

تُظهر تصريحات وتحركات جولان أن هناك تصدّعًا حقيقيًا داخل النخبة الإسرائيلية الحاكمة، وأن الحرب في غزة لم تُعد تحظى بإجماع المؤسسة العسكرية كما في السابق.

وسائل إعلام عبرية نقلت عن ضباط في الاحتياط أنهم “يشعرون بالخديعة”، ويعتبرون أن القيادة السياسية “تدير المعركة على حساب الجنود والمدنيين”.

ويرى محللون أن تصريحات جولان تمثل أول تحرّك من داخل الدوائر العليا لكسر جدار الصمت، وتُعد مؤشرًا على بداية تمرد نخبوي قد يُضعف قبضة نتنياهو.

مستقبل نتنياهو في مهب الريح

في ظل تصاعد الانتقادات وغياب إنجاز عسكري حاسم في غزة، تواجه حكومة نتنياهو أزمة غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي.

ووفق مراقبون قد تؤدي التحركات الجريئة من شخصيات عسكرية وسياسية وازنة مثل جولان إلى إضعاف الدعم الشعبي والبرلماني لرئيس الحكومة، ما يعزز سيناريوهات التغيير السياسي خلال الفترة المقبلة.

اقرأ أيضا

إسرائيل في مرمى العقوبات الأوروبية بسبب غزة.. هل تفعلها القارة العجوز؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط