في خطوة تُجسّد التحول المتسارع نحو الحروب الشبكية، نجحت مقاتلات إف-35 لايتنينغ 2 التابعة للقوات الجوية الملكية الدنماركية، في اختبار نظام DAGGR-2 لنقل البيانات السرية في الوقت الفعلي عبر الأطلسي، ضمن عرض تشغيلي أُقيم في قاعدة سكريدستروب الجوية.

اختبار يحول F-35 من مقاتلة شبحية إلى محور استخباراتي متكامل

شهد الحدث، الذي أُقيم في قاعدة سكريدستروب الجوية في الدنمارك، قيام طائرات إف-35 الدنماركية العاملة من فورت وورث، تكساس، بنقل معلومات حساسة عبر نظام متطور يُعرف باسم DAGGR-2، والذي طُوّر بالشراكة مع وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية.

باستخدام اتصالات الأقمار الصناعية التجارية، عُرضت البيانات بسلاسة في الدنمارك، مما يُبرز قدرة الطائرة على مضاعفة القوة في العمليات متعددة المجالات.

ويُؤكد هذا الإنجاز الأهمية المتزايدة للحرب الشبكية، حيث يُمكن لتبادل المعلومات في الوقت الفعلي أن يُحدد نتائج الصراعات، ويُرسّخ مكانة الدنمارك كلاعب رئيسي في استراتيجية الدفاع المتطورة لحلف الناتو.

اقرأ أيضًا: المقاتلة الشبحية Su-57M| روسيا تتحدى الهيمنة الغربية بسلاح خارق مدعّم بالذكاء الاصطناعي

F-35 المقاتلة الأكثر تطوراً في العالم

لطالما اعتُبرت طائرة F-35 من أكثر المقاتلات تطورًا على مستوى العالم، بفضل أنظمتها المتقدمة في الاستشعار والاستطلاع والهجوم. غير أن العقبة الكبرى بقيت في قدرتها على مشاركة هذه البيانات مع أنظمة ومنصات أخرى في الوقت الفعلي.

هنا تبرز أهمية نظام DAGGR-2، الذي يُمثل تطورًا نوعيًا في ربط الطائرات بمنظومات قيادة وتحكم من مختلف الأجيال والمنشآت الصناعية، وهو ما يفوق قدرات الروابط التقليدية مثل Link-16 أو MADL.

DAGGR-2:  “مترجم رقمي” للحرب الحديثة

طوّر قسم “سكونك ووركس” نظام DAGGR-2 كبوابة أنظمة مفتوحة (OSG)، تتيح للـF-35 تبادل المعلومات المشفرة مع مختلف المنصات الجوية والبحرية والبرية وحتى الفضائية، باستخدام بروتوكولات متنوعة مثل TTNT وIFDL.

يعتمد DAGGR-2 على أقمار صناعية تجارية، ما يجعله حلًا مرنًا وأقل تكلفة مقارنةً بالبنية التحتية التقليدية العسكرية، إلا أن هذا التوجه يُثير مخاوف أمنية في ظل تصاعد التهديدات السيبرانية من دول كروسيا والصين

الدنمارك: فاعل صغير بدور استراتيجي

رغم أن سلاح الجو الدنماركي يُعد من بين الأصغر في الناتو، فإن استثمار كوبنهاغن في طائرات F-35 (بمجموع مخطط يبلغ 27 طائرة) بات يُشكّل رافعة استراتيجية لدورها في دفاع البلطيق.

وقد عززت الاختبارات الأخيرة من موقع الدنمارك داخل الحلف، مع إمكانية أن تُوفر طائراتها معلومات استخباراتية في الوقت الحقيقي لبقية وحدات الناتو حتى في البيئات المتنازع عليها.

تجربة تتجاوز حدود الدولة

يُعدّ هذا العرض استكمالًا لمبادرات سابقة أبرزها مشروع “ريوت” (RIOT) في 2019، الذي ربط F-35 بطائرة U-2، ثم مشروع “هيدرا” (Hydra) في 2021، الذي جمع F-35 وF-22 وU-2 عبر شبكة TTNT.

وتُشير مشاركة طائرات F-35 الهولندية في مناورة “رامشتاين فلاغ” مؤخرًا إلى تنامي الاعتماد على الربط الشبكي القتالي، مع انتقال تدريجي نحو منصات قادرة على تجميع البيانات وتحليلها ونقلها إلى صناع القرار خلال ثوانٍ.

نحو معيار جديد للحرب

بينما تُطوّر الولايات المتحدة نظام ABMS لدمج الأصول عبر مختلف المجالات، فإن DAGGR-2 يُعد حاليًا النظام العملي الوحيد الذي يُوفر هذه القابلية على نطاق واسع.

ويُرجّح أن يكون الاختبار الدنماركي بمثابة نقطة انطلاق لتعميم DAGGR-2 بين مشغلي F-35 الأوروبيين، خاصة بلجيكا وفنلندا وبولندا وألمانيا.

التحديات: الأمن والتدريب

رغم نجاح الاختبار، تُطرح تساؤلات حول مدى مقاومة DAGGR-2 للتهديدات السيبرانية، لا سيما عند استخدام أقمار صناعية تجارية يُمكن استهدافها بالتشويش أو القرصنة.

كما أن تدريب الأطقم الجوية والمشغلين على التعامل مع منظومة بهذا التعقيد قد يُمثل تحديًا للقوات الجوية الصغيرة.

الاختبار الدنماركي يُعيد تعريف دور F-35 من مجرد مقاتلة شبح إلى عقدة عملياتية مركزية في ساحة معركة متصلة. وبينما تسعى الدول الكبرى لتطوير بنى اتصال مشابهة، تُقدم DAGGR-2، اليوم، نموذجًا عمليًا على جاهزية الحلف للقتال في عصر تُقاس فيه القوة بسرعة وكفاءة تدفق البيانات.

اقرأ أيضًا: أثقل حزم الدعم العسكري.. أستراليا ترسل دبابات أبرامز M1A1  إلى أوكرانيا رغم اعتراض أمريكا

نسخ الرابط تم نسخ الرابط