يقظة الحقيقة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يقظة الحقيقة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 01:29 مساءً

 ريمون مرهج

 

 

أقبع وحيداً في الليل، أشعر بغربة قاسية عن نفسي. أدرك أنني تائه ضائع في غابات الحياة المظلمة. لقد ضللت درب العودة إلى ذاتي. الطفل في أعماقي مشرد جائع للبهجة. الشاب في قلبي يائس محبط والشيخ في ذهني مشوش الأفكار متعب مريض. الخوف غدا مسيطراً على أنفاسي ونور التفاؤل والأمل قد خمد من عيني. 
ماذا حدث لروحي؟ أين أنا؟ ولماذا انقلبت أجواء حياتي فجأة من مكافح فذّ لا ينكسر إلى مهزوم خاذل انطفأت في صدره شعلة الطموح والعنفوان. كل هذا حدث كالبرق بعد أن أصبت بوعكة صحية خطيرة هزت كياني وجعلتني أنتبه إلى أن قطار العمر قد عبر نصف الطريق وبدأ بالاقتراب من المحطة الأخيرة. استيقظت من سكرة الأحلام والأهداف الأرضية وأضحيت أمرؤاً لا يهتم لأي حدث يجري من حوله وفي العالم أجمع. غدوت سائحاً في هذه الأرض أشاهد مجرياتها من البعيد وأتأسف على بشر يتقاتلون ويتخاصمون من أجل أمور تبدو عظيمة، مهمة  ولكنها رخيصة تافهة زائلة. أصبحت أرى عن بعد هذا العالم دون أي تأثر وكأنني في المقلب الآخر من هذه الدنيا. لقد أضحيت صديق الطبيعة والتأمل، رفيق السكون والسماء، خليل الليل وضوء قمره، أنيس المدى والصدى بين الوهاد، لقد عدت إلى ذاتي التي سكنت في حنايا روحي قبل أن أولد وسأتمسك بها إلى الأبد. حقيقة النفس وكينونتها هي في البقاء على تواصلها مع خالقها، وارتباطها مع الأرض والسماء، مع الطبيعة ومخلوقاتها وإدراك جمالها وعظمة وجودها والأهم الإيمان بسر وجودها ودورها في سطوع نور الخير، المحبة، الثقافة والإبداع في وسط ظلمة الشر الحالكة وفي التحدث بلسان رب السموات قبل عودتها للأبد إلى كنفه بسلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق