تشهد العاصمة الإيطالية روما اليوم الأحد حدثًا استثنائيًا، مع احتشاد عشرات القادة وممثلي نحو 200 دولة في ساحة القديس بطرس، للمشاركة في قداس تنصيب البابا الجديد ليو الرابع عشر، الذي يتسلم رسميًا مهام زعامة الكنيسة الكاثوليكية خلفاً للبابا الراحل فرنسيس.

ويُعد ليو الرابع عشر أول بابا أمريكي في تاريخ الفاتيكان، إذ وُلد في مدينة شيكاغو، وسبق له أن عاش سنوات طويلة في البيرو، ما يمنحه جذوراً لاتينية وهوية متعددة الثقافات.

ويقود البابا الجديد نحو 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم، وسط ترقب واسع لتوجهاته المستقبلية في ظل التحديات السياسية والروحية المعقدة التي تواجه الكنيسة.

حضور عالمي لافت في حفل تنصيب بابا الفاتيكان

ومن بين الزعماء المشاركين في الحفل؛ رؤساء بيرو ونيجيريا، ورؤساء وزراء كندا وأستراليا وإيطاليا، إلى جانب المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. كما يحضر العديد من أفراد العائلات الملكية الأوروبية، من بينهم ملك إسبانيا فيليبي السادس والملكة ليتيثيا.

وقدّر مكتب الإعلام في الفاتيكان أن أكثر من ربع مليون شخص يتابعون مراسم التنصيب من ساحة القديس بطرس، فيما يشاهدها ما يزيد عن مليار ونصف المليار عبر شاشات التلفزة ومنصات البث المباشر.

ملامح خطاب الحبر الأعظم

في أول خطاب دبلوماسي له، أكد ليو الرابع عشر أمام السلك الدبلوماسي المعتمد في الفاتيكان أنه يتبنى الخطوط العريضة لسلفه البابا فرنسيس، لكنه أشار إلى اختلافات في بعض الملفات التي أثارت جدلاً واسعاً داخل أروقة الكنيسة، خصوصاً في أوساط المحافظين الذين سبق أن اتهموا البابا الراحل بـ”الزندقة”.

وشدد البابا الجديد على أن تحقيق السلام يمر عبر اجتثاث جذور النزاعات، ونبذ سياسات الهيمنة، داعياً إلى تعزيز دور المؤسسات المتعددة الأطراف للوقاية من الأزمات. كما استعاد كلمات سلفه بأن السلام لا يعني هدنة مؤقتة، بل يستند إلى العدالة الاجتماعية، والحوار بين الأديان، ووقف إنتاج أدوات القتل والدمار.

وفي موقف شخصي لافت، قال البابا ليو: “هذه قصتي أنا… قصة المواطن المهاجر المتحدر من أصول مهاجرة”، في إشارة إلى قضايا المهاجرين التي شكلت محوراً أساسياً في عهد البابا فرنسيس.

تفاعلات سياسية على هامش حفل تنصيب بابا الفاتيكان

تزامن الحدث مع إعلان وزير خارجية الفاتيكان، بيترو بارولين، أن البابا الجديد عرض استضافة مفاوضات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا، بعد فشل جولة إسطنبول الأخيرة، مع توفير الضمانات الكاملة للطرفين.

وأكد بارولين أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيحضر مراسم التنصيب، بينما ستمثل روسيا وزيرة الثقافة أولغا ليوبيموفا.

وكان زيلينسكي قد التقى نظيره الأمريكي دونالد ترمب على هامش جنازة البابا فرنسيس الشهر الماضي، فيما كشفت مصادر دبلوماسية عن طلب الإدارة الأمريكية عقد لقاء بين نائب الرئيس جاي دي فانس والبابا ليو الرابع عشر، إلا أن كثافة البرنامج الرسمي قد تحول دون ذلك.

الفاتيكان والحروب المفتوحة

رغم دعوات الفاتيكان المستمرة لوقف إطلاق النار في غزة، اعتبر بارولين أن “الظروف غير مهيأة” لاستضافة مفاوضات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الراهن.

وفي كل عظاته السابقة، شدد البابا الجديد على أن إنهاء الحرب في القطاع أولوية روحية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل.

ترتيبات أمنية مشددة في حفل تنصيب بابا الفاتيكان

ينتشر أكثر من 10 آلاف عنصر من الشرطة والجيش والدفاع المدني في العاصمة روما لتأمين فعاليات القداس ومواكب الزعماء.

ويُرتقب أن تستمر الاحتفالات لساعات طويلة، حيث يرتدي البابا الوشاح الأبيض التقليدي المزيّن بست صلبان سوداء، ترمز إلى جراح السيد المسيح، وتُذكّر بكلام الإنجيل: “أنا هو الراعي الصالح”.

اقرا أيضا: صفقة جديدة حول غزة.. تفاصيل مفاوضات الحسم بين إسرائيل وحماس في الدوحة

نسخ الرابط تم نسخ الرابط