كتب .. مصطفى محمود

أصدرت الرئاسة السورية مرسوماً جمهورياً بتشكيل "الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية"، لتكون الجهة الرسمية المكلفة بكشف الحقيقة بشأن انتهاكات النظام السابق، ومحاسبة المسؤولين عنها، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، في خطوة وُصفت بأنها تأسيسية لمسار العدالة والمصالحة في البلاد.

وبحسب نص المرسوم رقم (20) لعام 2025، الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، فإن الهيئة ستتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وتمارس مهامها في كافة أنحاء سوريا.

وجاء في المرسوم، الموقع من الرئيس أحمد الشرع، أن "تشكيل الهيئة يأتي إيماناً بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية كركيزة أساسية لبناء دولة القانون، وضماناً لحقوق الضحايا، وتحقيقاً للمصالحة الوطنية الشاملة".

وأوضح المرسوم أن مهام الهيئة تشمل كشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت خلال حكم النظام البائدن ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر للضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار وتحقيق المصالحة الوطنية، وتم تعيين عبدالباسط عبداللطيف رئيساً للهيئة، مع منحه مهلة 30 يوماً لتشكيل فريق العمل وإعداد النظام الداخلي للهيئة.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب مطالبات محلية ودولية متكررة بتحقيق العدالة بشأن الانتهاكات التي ارتكبها نظام الأسد منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في مارس 2011، والتي تضمنت، وفق تقارير أممية، هجمات كيميائية، قصفاً جوياً بالبراميل المتفجرة، اعتقالات تعسفية، إخفاءً قسرياً، وتعذيباً ممنهجاً، أودت بحياة وفقدان مئات الآلاف من المدنيين.

وكان مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي انعقد في فبراير الماضي، قد شدد في توصياته على أهمية إنشاء آلية عدالة انتقالية مستقلة، تضمن محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات، تمهيداً لمصالحة وطنية حقيقية.

وفي سياق متصل، كان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد أكد في مارس الماضي، عقب لقائه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، أن سوريا "ماضية في محاسبة المجرمين، وتحقيق العدالة لشعبها".

يُشار إلى أن هذه التطورات تأتي بعد إعلان الفصائل السورية في 8 ديسمبر 2024 بسط سيطرتها الكاملة على البلاد، منهية بذلك 61 عاماً من حكم حزب البعث و53 سنة من سلطة عائلة الأسد، في تحول سياسي غير مسبوق في تاريخ سوريا الحديث.