دخلت كوريا الجنوبية هذا الأسبوع مرحلة حاسمة في مسيرتها الدفاعية، بإحراز تقدُّم كبير في الإنتاج الكمي لمقاتلتها المتقدمة من الجيل 4.5، KF-21 Boramae، وهو تطور يُسلط الضوء على طموح البلاد في تعزيز قدراتها الصناعية والعسكرية والاستقلال عن المنصات الغربية.

طائرة KF-21 تقدم حل متوازن بين التكنولوجيا المتطورة والتكلفة المعقولة

وفي عالم تتجه فيه بعض الجيوش نحو اقتناء طائرات الجيل الخامس باهظة التكلفة، تُقدّم المقاتلات من الفئة 4.5 حلاً متوازنًا يجمع بين التكنولوجيا المتطورة والتكلفة المعقولة. وتبرز KF-21 كمثال حي على هذا الاتجاه، حيث تجمع بين تقنيات متقدمة، مثل رادار AESA وإلكترونيات طيران متقدمة، وبين هيكل مرن يدعم تنوع المهام.

تمثل Boramae (أي “الصقر”) ثمرة تعاون بين شركة KAI الكورية وشركاء دوليين، على رأسهم إندونيسيا. وقد صُمّمت لتلبية متطلبات ساحة المعركة الحديثة، سواء في عمليات الاعتراض الجوي أو تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف أرضية.

بنية صناعية متطورة واستقلال تقني

في منشأة “ساتشيون” التابعة لشركة KAI، تسير خطوط الإنتاج بدقة عالية. ويتم دمج أنظمة متقدمة في هيكل الطائرة، مثل محركات F414 الأمريكية، التي تُنتج قوة دفع تصل إلى 22,000 رطل. وفي مؤشر على التقدم الصناعي الكوري، تمكنت الشركات المحلية مثل Hanwha Systems من تطوير مكونات حساسة مثل رادار AESA، ما يقلص الاعتماد على الخارج ويعزز الأمن القومي.

وقد استثمرت كوريا الجنوبية أيضًا في التقنيات الحديثة مثل المواد المركبة، ما جعل KF-21 أخف وزنًا وأكثر كفاءة. وتتماشى هذه الخطوات مع الاتجاه العالمي نحو التصنيع الذكي والمستدام.

شراكات دولية وتحديات واقعية

لم يكن النجاح الحالي وليد الجهد المحلي فقط، إذ لعبت الشراكة مع إندونيسيا دورًا مهمًا في تطوير KF-21. غير أن التعاون الدولي لا يخلو من العقبات، مثل التأخيرات الناتجة عن اختلافات السياسات الوطنية وتحديات سلاسل التوريد، والتي واجهتها أيضًا برامج مشابهة مثل “يوروفايتر”.

إلى جانب ذلك، تُشكل قيود التصدير الأمريكية على مكونات حساسة كالمحرك، عائقًا أمام مبيعات KF-21 لدول خارج التحالفات التقليدية، وهو ما أشار إليه تقرير لمؤسسة راند عام 2025.

اقرأ أيضاً.. القوات المسلحة تطلق أولى فعاليات الترويج لمعرض الدفاع الدولي “إيديكس 2025”

قدرات قتالية واعدة وسعر منافس

تُقدّر تكلفة الطائرة بحوالي 65 مليون دولار، ما يجعلها منافسًا قويًا لمقاتلات مثل Rafale وGripen. كما أن قدرتها على حمل صواريخ دقيقة التوجيه مثل Taurus KEPD 350 تمنحها ميزة استراتيجية في تنفيذ ضربات طويلة المدى. وقد تجاوزت الطائرة حاجز 1000 طلعة تجريبية بحلول 2025، ما يعزز من فرصها في دخول الخدمة الفعلية ضمن المعايير الدولية، بما فيها تلك الخاصة بحلف الناتو.

ومع أن الطائرة لا تتمتع بخصائص شبحية كاملة مثل F-35، إلا أنها توازن بين الكفاءة والكلفة، ما يجعلها خيارًا جذابًا للدول ذات الميزانيات المحدودة.

بنية تحتية وبشرية تدعم الاستمرار

يُعزز هذا البرنامج قدرة كوريا الجنوبية على التطوير الذاتي، بفضل توافر قاعدة بشرية قوية تتخرج من جامعاتها التقنية سنويًا. كما تستثمر الدولة في الذكاء الاصطناعي لأغراض الصيانة التنبؤية، ما يُعد جزءًا من استراتيجيتها الأوسع للتحول نحو صناعة دفاع ذكية.

نقطة تحول في التوازنات الصناعية والعسكرية

تمثل KF-21 Boramae نقطة تحول في التوازنات الصناعية والعسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بل وربما على الساحة العالمية .. ففي زمن يُعيد فيه العالم النظر في تبعية أنظمة التسليح للقوى الكبرى، تُقدّم كوريا الجنوبية نموذجًا فريدًا يجمع بين الطموح الصناعي والانضباط الاستراتيجي.

ومع أن الطريق أمام Boramae لا يخلو من العقبات، فإن التقدم المحقق حتى الآن يضعها في موقع تنافسي قد يُغيّر قواعد اللعبة في سوق مقاتلات الجيل 4.5.

وفي عالم يتسم بتعدد التهديدات وتقييد الميزانيات، فإن وجود منصة مثل KF-21 قد يُصبح ضرورة وليس ترفًا للعديد من الدول.

اقرأ أيضًا: قطر أول دولة أجنبية تحصل على نظام FS-LIDS الأمريكي- ما هو وكيف يكافح المسيّرات؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط