حصّة لبنان من جولة ترامب... كيف "يتعلّم الدرس" من الشرع؟! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حصّة لبنان من جولة ترامب... كيف "يتعلّم الدرس" من الشرع؟! - تكنو بلس, اليوم السبت 17 مايو 2025 05:17 صباحاً

بصراحةٍ ووضوح، قالتها نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، بالتزامن مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المنطقة، التي وُصِفت بالتاريخية والمفصليّة: "الرئيس السوري أحمد الشرع كان ليّنًا كثيرًا (...) ويمكن للبنان أن يتعلم درسًا من الشرع وكيف عمل مع السعودية للتحدث مع الرئيس دونالد ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات وخصوصاً تلك المتعلقة بقانون قيصر من أجل السماح بالاستثمار".

جاء هذا الكلام بعدما فرض أحمد الشرع نفسه "نجمًا بلا منازع" لجولةٍ لم تكن سوريا مشمولة بها في الشكل، لكنّها كانت في المضمون عنوانها الأبرز، وشغلها الشاغل، بدءًا من "المصافحة الاستثنائية" التي جمعت ترامب بمن كان يصفه "إرهابيًا" في يوم من الأيام، فإذا به يتحوّل "رائعًا ومذهلاً" اليوم، وذلك برعاية وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، وصولاً إلى "القنبلة" التي فجّرها الرئيس الأميركي، حين أعلن عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا.

في المقابل، بدا لبنان "الغائب الأكبر" عن الجولة، ولو حضر على هامشها، في بعض الكلمات التي صدرت عن ترامب، أو مضيفيه العرب، من بوابة "حزب الله" تحديدًا، مع حديث الرئيس الأميركي عن "فرصة تأتي مرّة في العمر للتحرّر من قبضة الحزب"، منوّهًا بما "يسمعه" عن الإدارة الجديدة في لبنان، ولا سيما رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، "القادرين" وفق قوله، على بناء دولة، بعيدًا عن "حزب الله".

إزاء ذلك، يصبح مشروعًا السؤال عمّا تقصده أورتاغوس، بـ"تعلم الدرس من الشرع"، وهو كلام صدر بالتزامن مع هذه الجولة، التي قيل إنّها تؤسّس لـ"شرق أوسط جديد"، خصوصًا مع خطوة رفع العقوبات عن سوريا، التي لم يستبعد كثيرون أن يكون "ثمنها" انضمام سوريا إلى الاتفاقات الإبراهيمية، كما صدر أيضًا بعد حزمة عقوبات جديدة ضدّ مسؤولين في "حزب الله"، بدا توقيتها بما ينطوي عليها من رسائل، أكثر فعاليّة من مضمونها المكرّر!.

في المبدأ، قد لا يكون مُبالَغًا به توصيف جولة ترامب في المنطقة بـ"المفصليّة والاستثنائية"، وإن لم تفضِ إلى ما كان يأمله الرجل من وقف لإطلاق النار في غزة، وسط التعثّر المستمرّ في المفاوضات، الذي دفع الرئيس الأميركي إلى "استثناء" إسرائيل من جولته، وهو ما أغضب مسؤوليها، وسط حديث عن تدهور العلاقة "الشخصية" بينه وبين رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وإن بقي في دائرة التكهّنات والتسريبات الصحفية، ليس إلا.

لا يحجب هذا "الإخفاق"، إن صحّ، أهمية الزيارة، التي يريد الأميركيون من خلال التأسيس للشرق الأوسط الجديد الذي يريده ترامب تحديدًا، وهو الذي استبق وصوله إلى البيت الأبيض برسم معالمه، وهو ما ترجمه سريعًا بمحاولته إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، من غزة حيث تزامن انتخابه مع اتفاق لوقف لإطلاق النار لم يصمد طويلاً، إلى لبنان، وإن استمرّت الحرب عليه بصورة أو بأخرى، متّخذة طابعًا "أحاديًا" لا لبس فيه.

بالتوازي، يريد ترامب أن تكون جولته هذه "بوابة" لتكريس هذا التغيير الجذري، الذي بدأ نظريًا مع الحرب الإسرائيلية على غزة، ومن ثمّ على لبنان، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول 2023، واستُكمِل عمليًا مع المتغيّرات "الدراماتيكية" التي شهدتها المنطقة، على مر الأشهر الأخيرة، خصوصًا على مستوى المعادلات التي تغيّرت، خصوصًا فيما يتعلق بحركات المقاومة، ولا سيما "حزب الله" وحركة "حماس".

وليس خافيًا على أحد أنّ ترامب الرافض للحروب العسكرية، والذي يميل أكثر لعقليّة "رجل الأعمال" الباحث دائمًا وأبدًا عن الاستثمارات، يسعى من خلال هذه الجولة، للعودة إلى الاتفاقات الإبراهيمية، التي يسعى إلى ضمّ المزيد من الدول إليها، وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية، التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التوقيع، قبل أن تندلع الحرب على غزة، فتعيد الأمور إلى نقطة الصفر، مع عودة القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام.

وليس سرًا أيضًا أنّ خطوة رفع العقوبات عن سوريا، قد تكون متّصلة برغبة إسرائيلية بضمّ دمشق إلى هذه الاتفاقات، علمًا أنّ النظام الجديد بقيادة أحمد الشرع لم يتردّد في توجيه رسائل "الطمأنة" إلى إسرائيل في أكثر من مناسبة، على الرغم من الاعتداءات المتكرّرة من جانب تل أبيب على السيادة السورية، تارة بذريعة الخشية من الجماعات الإسلامية، وطورًا تحت عنوان "حماية الأقليات"، وخصوصًا الدروز، في ظلّ التضييق الذي يتعرّضون له.

لكن، أين لبنان من كلّ ذلك؟ يبدو السؤال أكثر من مشروع، فأيّ مسؤول رسمي لبنان لم يحضر كما حضر أحمد الشرع، والملف اللبناني لم ينل "نصيبه" من البحث والنقاش، بعيدًا عن الكلام "النظري" الذي أطلقه ترامب، عن "الفرصة المتاحة حاليًا" للبنان، على الرغم من وجود الكثير من النقاط "الإشكالية" على مستوى لبنان، من بينها استمرار الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية عليه بوتيرة يومية، رغم اتفاق وقف إطلاق النار.

يتوقف البعض عند "رسالتين معبّرتين" في هذا السياق، تزامنتا مع "تغييب" لبنان عن "أجندة" جولة ترامب، تتمثّل الأولى في إعلان الولايات المتحدة عن فرض عقوبات مالية جديدة على "حزب الله"، فحتى لو أنّ هذه الخطوة قد لا تشكّل "مفاجأة" بحدّ ذاتها، باعتبار أنها تندرج في سياق ضغوط متواصلة ومستمرّة على الحزب، إلا أنّ تزامنها مع الإعلان عن رفع العقوبات عن سوريا انطوى على رسائل لم يكن بالإمكان حجبها.

ومع أنّ المقارنة بين العقوبات المفروضة على سوريا، وتلك المفروضة على مسؤولين في "حزب الله" (وليس على الدولة اللبنانية)، قد لا تكون في مكانها، إلا أنّ هناك من يقرأ رسالة "معنوية" بهذا المعنى، مفادها أنّ على لبنان الإسراع بإنجاز ما هو مطلوبٌ منه على مستوى نزع سلاح الحزب، و"التحرّر من قبضته"، وفق تعبير ترامب، وذلك بعيدًا عن أيّ اعتبارات أخرى، ومن بينها ربما الحوار الذي يتمسّك به رئيس الجمهورية.

ولعلّ الرسالة الثانية جاءت لتستكمل، أو ربما لتترجم الرسالة الأولى، من خلال الكلام الذي أطلقته نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، عبر وسيلة إعلام لبنانية تحديدًا، حيث أكّدت أنّ المطلوب "نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كلّه"، لكنّها ذهبت أبعد من ذلك، بدعوة لبنان إلى "تعلّم الدرس من الشرع"، الذي قالت إنه كان "ليّنًا كثيرًا"، في إشارة ربما إلى تجاوبه مع المطالب الأميركية، من أجل رفع العقوبات.

ماذا يعني ذلك؟ أيّ "ليونة" يريدها الأميركيون من لبنان في هذه المرحلة؟ هل يريدونه أن يمضي قدمًا حتى "التطبيع" مع إسرائيل، خصوصًا أنه سيبقى الدولة الحدودية الوحيدة في حالة "عداء" مع إسرائيل، إذا ما انضمّت سوريا إلى "قطار التطبيع"؟ يقول العارفون إنّ كل الاحتمالات والسيناريوهات واردة، لكنّ الأكيد أنّ المطلوب في مرحلة أولى، خطوات جدّية وملموسة، لا تفتح باب المساعدات للبنان فحسب، بل تجعله "الرابح الأكبر" حتى من رفع عقوبات سوريا؟!.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق