نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أفكار ضد الرصاص.. عادل إمام بين زعامة الفن ومعركة الوعي - تكنو بلس, اليوم السبت 17 مايو 2025 03:18 صباحاً
في عام 1976، بدأ عادل إمام أولى بطولاته المطلقة من خلال مسرحية "شاهد ماشفش حاجة"، لتبدأ معها رحلة نجم سيظل لأكثر من أربعة عقود متربعًا على عرش الفن المصري والعربي، وحتى مع ابتعاده عن السينما والتليفزيون في السنوات الأخيرة، لم يعلن اعتزاله يومًا، وكأنه يرفض الانفصال عن الفن، الذي كان دومًا أكثر ما أحبه.
الزعيم الذى يحتفل اليوم بعيد ميلاده كانت جماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي على الجانب آخر، تعود تدريجًيا إلى المشهد، بعد أن استعان بها النظام آنذاك لمواجهة بقايا الناصرية، مستفيدة من المد الوهابي الذي غيّر ملامح المجتمع المصري، وتمددت هذه الجماعات، وصارت تسعى للهيمنة على الفضاء الثقافي والفني.
تزامن صعود عادل إمام مع صعود هذه القوى، وكان الصدام بينهما محتومًا، فبينما لجأ أولئك إلى التكفير والعنف، اختار هو المسرح والسينما سلاحًا، ليتحول تدريجيًا إلى ما يشبه "الزعيم المدني" في مواجهة التطرف، ولتصبح أعماله حائط صد فني واجتماعي في وجه محاولات سلب هوية المجتمع.
"الناس دي أصرت على إتمام عرضها المسرحي، رغم متطرفين وقفوا لهم بمدافع وجنازير.. أنا بحييهم"، كان هذا التصريح بمثابة أول مواجهة مباشرة للزعيم مع التطرف، بلا مواربة أو رمزية هذه المرة.. ففي عام 1988، وبينما عادل إمام قد وصل إلى قمة المشهد الفني في مصر والعالم العربي، محققًا زعامة فنية واضحة، حتى قبل أن يقدّم مسرحية "الزعيم" التي سيصبح اسمها لاحقًا مرادفًا لاسمه، لكن الزعامة، كما يبدو، لم تكن بالنسبة له مجرد لقب، بل مسؤولية اختار أن يواجهها بمواقف تتجاوز حدود خشبة المسرح وشاشة السينما.
في قرية "كودية الإسلام" إحدى قرى محافظة أسيوط، قررت فرقة مسرحية شبابية مغمورة تقديم عرض مسرحي، متحدّية تهديدات جماعات متطرفة كانت تفرض سطوتها على المنطقة، لكن المعركة لم تكن متكافئة على الإطلاق، سكاكين وجنازير في مواجهة كلمات تُلقى على خشبة المسرح، وانتهى العرض، لا بنهاية درامية فنية، بل بمأساة واقعية؛ سقط اثنان من أعضاء الفرقة قتلى، وأُصيب آخرون، فقط لأنهم اختاروا الفن كوسيلة للتعبير في وجه الظلام.
عندما علم عادل إمام بالحادثة، لم يكتفِ بالتعاطف من بعيد، ولم يختبئ خلف بيانات الإدانة، بل قرر أن يتوجه بنفسه إلى أسيوط، برفقة فرقة "الواد سيد الشغال" التي كانت تعرض آنذاك، ورغم التحذيرات الأمنية واعتبار الزيارة مغامرة غير محسوبة، لم يتردد، واكتفى بقوله "الناس هي اللي هتحمينا".
وما إن وصل القطار إلى محطة أسيوط، حتى تجمّع الآلاف في استقباله، لم يكن ذلك مجرد احتفاء بنجم كبير، بل أشبه بإعلان شعبي منحه لقب "الزعيم" خارج حدود الدوائر السياسية التقليدية، وداخل لحظة نادرة اجتمع فيها الفن بالموقف، والكلمة بالمخاطرة، وحين حملته الجماهير على الأعناق، لم يكن ذلك تكريمًا لفنان وحسب، بل تتويجًا لزعيم اختار الناس، فاختاروه.
لكن، ورغم الهالة الأسطورية التي أحاطت بهذا الدور وموقف "الزعيم" آنذاك، فإن الأهم هو إدراكه التام لأهمية موقعه، ووعيه المتزايد بحجم الصراع الذي بدأ يخوضه في مواجهة "طيور الظلام"، ومن هنا، بدأت اختياراته الفنية تتخذ منحًى مختلفًا كليًا، منتقلة من سياق تجاري بحت إلى أعمال تحمل أبعادًا سياسية واضحة، وهو تحول يثير التأمل في مشهد فني ظل حبيس الترفيه لعدة سنوات، قبل أن يتحول "الزعيم" فيه إلى صوت مقاوم في مواجهة العنف الديني، ليس فقط على الشاشة، بل وعلى أرض الواقع أيضًا.
من هنا بدأ صدامه المباشر مع الجماعات المتطرفة، وفي التسعينيات، قاد هجومًا فنيًا شرسًا عليهم "الإرهابي" كان صدمة للجميع، مجسّدًا بجرأة أحد وجوه القتل باسم الدين، مستلهمًا أجواء اغتيال المفكر الكبير فرج فودة، تلاه بعد ذلك أعمال مثل "الإرهاب والكباب" و"طيور الظلام"، وغيرهم، وكلها أعمال كشفت الزيف والتناقض في خطاب تلك الجماعات.
ورغم أنه لم يُعرف عن عادل إمام تبني موقف سياسي مباشر، لكنه كان ناقدًا للجميع، سخر من اليساري المقولب، ومن الداعية المتشدد، ومن المثقف المنعزل، أعماله كانت مرآة لمجتمع مأزوم، وأحيانًا جرس إنذار.
هكذا استمر الزعيم نفوذه الفني في التصاعد، بينما كانت الجماعة تسعى للسيطرة والتغلغل في المجتمع بشتى الطرق، وفي النهاية وفي لحظة خارجة عن الزمن، وصلت إلى سدة الحكم، هنا لم يُغيّر موقفه، لم يتودد ولم يهادن، بل واصل سخريته منهم في أحاديثه وأعماله، ومثلما وصولوا سريعًا إلى الحكم، زال حكمهم سريعًا، أيضًا، بعد أن لفظهم الشعب، بينما أعاد هو تشكيل علاقة جديدة مع جمهوره عبر الشاشة الصغيرة، لتصبح تلك المرحلة الأخيرة في الذاكرة الحية لمحبيه، وفي تلك اللحظة، بدا وكأن دوره التاريخي قد اكتمل، فانسحب تدريجيًا من الأضواء دون إعلان، لكنه بقي حاضرًا في الوجدان، كما لو أن وجوده تحوّل إلى فكرة لا تغيب.
اليوم، ومع كل ظهور جديد للتيارات المتشددة، يعود عادل إمام حتى وإن لم يعود فعليًا، تعود مشاهد أفلامه، تعود سخريته، تعود ضرباته الخفيفة التي كانت أبلغ من ألف خطبة، لم يحمل سلاحًا، لكنه واجه الرصاص بأفكار، وواجه التكفير بالفن، وظل زعيماً بلا منازع.. زعيمًا بالكلمة والموقف.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة اليوم السابع ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من اليوم السابع ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : أفكار ضد الرصاص.. عادل إمام بين زعامة الفن ومعركة الوعي - تكنو بلس, اليوم السبت 17 مايو 2025 03:18 صباحاً
0 تعليق