نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تريليونات متطايرة وسلام زاحف... ولبنان؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 16 مايو 2025 02:15 صباحاً
لا يمكن اللبنانيين التذمر من أن موقع لبنان ووضعه لم يأخذا مكانة كافية في "أيام ترامب" الخليجية المتوهجة التي شهدت ما يذهل من عصي عليهم الإذهال أمام الضخامة الهائلة لفصول تلك الجولة في مزيجها الديبلوماسي والمالي والمعنوي والسياسي، كأنها ترسم معالم تحول هائل في كل المنطقة . فالعبارات المحدودة المقتضبة عن لبنان في خطب الرئيس الأميركي المسهبة كما في كلمات ولي العهد السعودي تدعو واقعياً أصحاب التقديرات المغالية والمفرطة على أن لبنان كان حجر رحى في سياسات كبرى، حتى بعد الحرب ومع الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه، إلى التواضع والتزام الواقعية الصعبة القاسية. وهو ما يعني أن الاستراتيجيات الكبيرة الأميركية والخليجية سواء بسواء، لا تهمل لبنان ولولاها ربما لما كان فراغه الرئاسي قد أنهي بانتخاب الرئيس جوزف عون وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام بعد الضربة القاصمة التي ألحقتها إسرائيل بـ"حزب الله". ولكن ذلك لا يكفي للاستفاقة من الحسابات المغالية في الاتكاء على الظروف الدولية قبل فرض صورة الدولة المقتدرة بشكل يلائم ما ينتظره الخارج الدولي المؤثر وفي مقدمه الأميركي – الخليجي سواء أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا. وها هو الدرس الصادم يأتينا، كلبنانيين، من صورة الرئيس الأميركي مصافحاً أحمد الشرع بعرابة ورعاية وحنوّ ولي العهد السعودي.
لا ينفع التكاذب لطمس حقيقة أن اللبنانيين، كما سواهم على الأرجح في دول كثيرة، صدموا لهذا المشهد ولهذا الانقلاب الخيالي في الموقف الأميركي حيال سوريا والرئيس الانتقالي أحمد الشرع شخصياً. بدا شكل هذا التطور بما لا يقبل جدلاً الدرس الأشد دلالات دراماتيكية للبنان قبل سواه من الدول والبلدان المعنية بالمصير السوري.
لا يمكن لبنان الرسمي أو الحكم اللبناني بشقيه الرئاسي والحكومي، والأهم أيضاً القوى السياسية اللبنانية على اختلاف اتجاهاتها، إلا استقاء حقيقة تشربها لبنان على مدى العصور ولا سيما في الستين عاماً المنصرمة، وهي أن مصالح الدول متى تقاطعت أو تصادمت لا تقيم اعتباراً لأي نوع من الانتظارات على رصيف السذاجة.
سوريا هذه الآن، المقطعة الأوصال والجاهزة للتقسيم والمزيد من الحروب الأهلية، تقدمت لبنان في أيام دونالد ترامب الخليجية وصارت بموازاة ثلاثة تريليونات دولار قياسية بلغتها حصيلة التبادلات الأكبر في تاريخ العلاقات الاقتصادية والتجارية بين عملاق الاقتصاد العالمي وعمالقة الخليج العربي. كان اللبنانيون ليفرحوا أكثر بطبيعة الحال لو تلازم الاختراق المفاجئ باستقبال ترامب للشرع مع شرط إضافي ما دامت لائحة الشروط التي طرحها عليه كشفت على الملأ ولم تحجب وفي أساسها السلام مع إسرائيل، وهو شرط تخليص لبنان بأسرع ما يمكن من ثقل "شعب سوري نازح" يناهز المليونين ويوازي نصف عدد اللبنانيين والمقيمين على أرضه. سيقال فوراً إن الاستراتيجيات الكبيرة لا تتسع للتفاصيل المتعلقة بعلاقات ثنائية بين لبنان وسوريا، ولكن هذا التبرير لا يجدي متى تنبهنا إلى أن الكبار أيضاً يذهلون متى استنسبوا وميزوا تبعاً لمصالحهم الفورية وليس في الكثير مما شهدته جولة ترامب من قفشات وملاحظات شخصية إلا الدليل على أن موجة المصالح متى عصفت، فلا تحنِ رأسك بل حدق جيداً في ما هو آت بعدها.. فعسى يدرك لبنان كيف يمسك على الأقل بالآتي مما يخصه من ترددات هذا التحول الضخم وإلا بقينا على رصيف التنظير والثرثرة !!!
0 تعليق