في الوقت الذي يحيي فيه الشعب الفلسطيني الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، يواجه قطاع غزة مأساة إنسانية جديدة تفوق كل التصورات.

وبحسب تقارير فإن العدوان الإسرائيلي المستمر  منذ أكتوبر 2023 تحول إلى نكبة جديدة تستحق الوقوف عندها في تاريخ فلسطين.

وكشف التقرير الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووزارة الصحة عن الوضع الكارثي الذي يعيشه أكثر من 2.2 مليون فلسطيني في القطاع، حيث تتواصل معاناتهم بفعل الحرب والحصار، مما يجعلهم يواجهون نفس ملامح النكبة الأولى التي شهدت تهجيرهم من أراضيهم في 1948.

حرب غزة… نكبة جديدة تحت وطأة القصف والدمار

منذ السابع من أكتوبر 2023، بدأ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي أسفر عن تدمير مئات الآلاف من الوحدات السكنية والمنشآت الحيوية. هذا العدوان لم يقتصر فقط على تدمير المنازل، بل طال أيضًا المدارس، المستشفيات، المساجد، والكنائس، فضلًا عن تدمير البنية التحتية التي كانت قد تحطمت من قبل بفعل الحروب السابقة. ورغم محاولة الفلسطينيين بناء حياتهم بعد كل حرب، يأتي هذا العدوان ليُدمّر ما تبقى من أمل في حياة كريمة.

نزوح قسري… غزة تكرر مأساة 1948

وفق التقرير فإن أحد الملامح الواضحة التي تبرز من هذا العدوان هي نزوح السكان عن منازلهم بشكل قسري، ليجد ما يقرب من مليونَيْ فلسطيني أنفسهم بلا مأوى، يعيشون في الخيام والملاجئ المؤقتة.

هذا النزوح، الذي يعكس معاناة النكبة الأولى، يذكر الفلسطينيين بكارثة التهجير التي وقعت في 1948، حيث جُرّدت آلاف العائلات الفلسطينية من أراضيها وأجبرت على الهجرة إلى مناطق مختلفة، سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو حتى في الدول العربية المجاورة.

أزمة إنسانية غير مسبوقة في غزة

الدمار الكبير الذي طال القطاع وتدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي جعل من الحياة في غزة جحيمًا لا يُحتمل. لا تقتصر الأزمة على نقص المنازل والملاجئ، بل يعاني الفلسطينيون في غزة من نقص حاد في الغذاء والمياه.

ومع الحصار المستمر منذ سنوات، أصبح ما يقرب من مليونَيْ فلسطيني على حافة المجاعة، حيث يشير التقرير إلى أن أكثر من مليون طفل يعانون من الجوع وسوء التغذية الحاد، ما يهدد حياتهم بشكل يومي.

الدمار الذي لحق بشبكة المياه جعل من الحصول على المياه النظيفة أمرًا صعبًا للغاية، حيث انخفض معدل التزويد بالمياه إلى 3-5 لترات للفرد يوميًا، وهي كمية أقل بكثير من الحد الأدنى الذي حددته منظمة الصحة العالمية (15 لترًا للفرد في اليوم). ونتيجة لذلك، يعاني السكان من الأمراض والأوبئة التي تنتشر في ظل الظروف الصحية الصعبة.

تدمير قطاع غزة وتغيير ملامحه

التدمير الذي لحق بقطاع غزة منذ بداية العدوان وحتى اليوم فاق كل الحدود، حيث دُمرت أكثر من 68,900 مبنى وتضرر نحو 110,000 آخرين.

هذا التدمير يشمل المنازل، المدارس، المستشفيات، وحتى المساجد والكنائس، ليصبح القطاع مكانًا غير قابل للعيش. الأمر الذي يذكر الفلسطينيين بنكبتهم الأولى في 1948، حيث تعرضوا لتهجير جماعي ودمار شامل لمدنهم وقراهم.

التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية

لا تقتصر النكبة الجديدة على قطاع غزة فقط، بل تمتد إلى الضفة الغربية أيضًا. فالتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة بلغ أوجه في السنوات الأخيرة، حيث أصبح الاحتلال يفرض سيطرته على مزيد من الأراضي الفلسطينية ويزيد من عدد المستوطنات في المنطقة.

وقد أشار التقرير إلى أن الاحتلال صادر أكثر من 46,000 دونم من الأراضي الفلسطينية في عام 2024 وحده، وهو ما يساهم في تعزيز عملية التطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.

ما بعد النكبة

في الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، يري مراقبون أن غزة، التي كانت في يوم من الأيام معقلًا للصمود، أصبحت اليوم نموذجًا حيًا لمعركة الفلسطينيين المستمرة ضد الظلم والاحتلال.

ووفق خبراء فإن الحرب الحالية على غزة تمثل نكبة جديدة بكل معاني الكلمة، حيث يعيش الفلسطينيون اليوم نفس معاناة أسلافهم في عام 1948. نزوح قسري، تدمير للمنازل والمرافق الحيوية، أزمة غذائية ومائية خانقة، وتوسع استيطاني غير مسبوق في الضفة الغربية.

في الوقت نفسه، تظل مقاومة الشعب الفلسطيني للظلم والاحتلال شعلة أمل في ظل هذه الظروف القاسية، مما يبرز أن تاريخ فلسطين لا يزال يُكتب بالدم والدموع.

اقرأ أيضًا: بعد إطلاق سراح الأسير الأمريكي.. هل يتدخل ترامب لوقف الحرب في غزة؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط