في تطور مفاجئ أنهى سنوات من الجدل القانوني والإعلامي، أفرجت السلطات الأمريكية عن المواطن السعودي حميدان التركي، بعد أن أمضى قرابة 19 عامًا خلف القضبان في ولاية كولورادو، في قضية أثارت اهتمامًا واسعًا في الأوساط الحقوقية والإعلامية، محليًا ودوليًا.

وبحسب ما نقلته وسائل إعلام أمريكية وسعودية، فإن قرار الإفراج عن التركي جاء بعد مداولات قضائية طويلة، وجرى نقله مباشرة إلى دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) تمهيدًا لترحيله إلى السعودية، بحسب ما أفادت قناة Denver7 الأمريكية.

من هو حميدان التركي؟

حميدان علي التركي، سعودي الجنسية، وعالم لغويات حاصل على الماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في الصوتيات من جامعة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية.

وُلد عام 1969، وكان طالب دكتوراه مبتعثًا من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، قبل أن تتغير حياته جذريًا إثر اتهامه في قضية اعتداء واحتجاز خادمة منزلية.

بداية القضية: اعتقال ومداهمة

تعود بداية القضية إلى عام 2004، عندما داهمت السلطات الأمريكية منزل التركي وزوجته سارة الخنيزان، ووجهت لهما اتهامات تتعلق بانتهاك قوانين الإقامة والهجرة.

وعلى الرغم من الإفراج عنهما لاحقًا، أعيد اعتقال حميدان التركي في عام 2006، ووجهت له اتهامات أشد خطورة، من بينها إساءة معاملة خادمته الإندونيسية واحتجازها دون أجر، والتحرش بها، وهي التهم التي ظل التركي ينفيها جملة وتفصيلًا.

حكم قضائي قاسٍ على حميدان التركي وتهم مثيرة للجدل

في أغسطس 2006، أصدرت محكمة كولورادو حكمًا بالسجن لمدة 28 عامًا بحق حميدان التركي.

وعلى مدار سنوات، ظل ينفي هذه التهم، معتبرًا ما تعرض له “مؤامرة سياسية ذات خلفية دينية”، حيث أشار في أكثر من مناسبة إلى أنه استُهدف لكونه مسلمًا، في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، التي خلقت مناخًا عامًا معاديًا للعرب والمسلمين في الولايات المتحدة.

ووفق تصريحات نقلها نجله، تركي الحميدان، فإن والده رفض “خيانة بلاده” عندما طُلب منه التعاون مع جهات أمنية، وهو ما تسبب في تلفيق التهم له، بحسب وصف الأسرة.

محاولات قانونية متكررة لإعادة النظر في قضية حميدان التركي

طوال فترة سجنه، تقدمت أسرة التركي وفريقه القانوني بعدة التماسات لإعادة النظر في الحكم، شملت طلبات تخفيف الحكم وإعادة المحاكمة، كان أبرزها في عام 2011، حين تم تخفيض العقوبة من 28 عامًا إلى 8 سنوات، لكن تم تمديدها لاحقًا.

وفي أبريل 2024، شهدت المحكمة جلسة جديدة ضمن سلسلة محاولات الدفاع لإسقاط الحكم أو الطعن في نزاهة المحاكمة.

وشارك في الجلسة عدد من المحامين السابقين للتركي، وحضرها أفراد من الجالية الإسلامية في كولورادو، إضافة إلى ممثلين من السفارة السعودية.

ورغم تأجيل النطق بالحكم في تلك الجلسة، إلا أن المداولات انتهت مؤخرًا بالإفراج عن التركي وإغلاق ملف القضية، بحسب ما ذكرته صحيفة الشرق الأوسط نقلًا عن مصادر مطلعة.

ترحيل وشيك إلى السعودية

بعد قرار المحكمة، جرى تحويل حميدان التركي إلى سجن دائرة الهجرة، بانتظار استكمال إجراءات ترحيله إلى بلاده.

وذكرت تقارير إعلامية أن أسرته فضلت التكتم على نبأ الإفراج حتى وصوله إلى السعودية، بناءً على نصيحة فريق الدفاع، إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية سبقت بالإعلان.

ومن المتوقع أن يصل التركي إلى الرياض خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وسط ترحيب واسع من المجتمع السعودي، الذي تابع قضيته على مدى سنوات بتعاطف كبير.

دعم شعبي ورسمي واسع لـ حميدان التركي

حظيت قضية التركي بمتابعة كثيفة من السعوديين عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدر اسمه محركات البحث ومواقع “إكس” و”إنستجرام”، عقب الإعلان عن الإفراج عنه.

وعبّر آلاف المستخدمين عن فرحتهم بهذه النهاية، التي وصفوها بـ”الانتصار للعدالة”.

ووجهت أسرة التركي شكرًا خاصًا للسفارة السعودية في واشنطن، على ما قدمته من دعم قانوني ومتابعة مستمرة، إضافة إلى تقديرهم لكل من وقف معهم في هذه القضية.

اقرأ أيضًا.. وفاة جواهر بنت بندر آل سعود تُفجع السعودية.. فمن هي؟

قضية تثير أسئلة كثيرة

رغم إغلاق ملف القضية رسميًا، لا تزال قضية حميدان التركي تثير العديد من الأسئلة حول العدالة الجنائية في الولايات المتحدة، ودور الإعلام في التأثير على الرأي العام.

واليوم، ومع بلوغه سن 56، يغادر حميدان التركي السجون الأمريكية بعد نحو عقدين من الاحتجاز، تاركًا خلفه قصة معقدة جمعت بين السياسة والقانون والدين والإعلام. ويأمل محبوه أن تكون عودته إلى الوطن بداية جديدة، بعد سنوات طويلة من المحنة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط