أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن “لبنان عاد إلى العرب”، مؤكدًا أن بلاده تتطلع إلى عودة السياح والاستثمارات من دول الخليج العربي.

وبحسب وسائل إعلام جاءت تصريحات سلام خلال اجتماع رسمي جمعه بسفراء دول مجلس التعاون الخليجي في بيروت، في خطوة تُعدّ بمثابة إعلان نوايا واضحة لإعادة بناء العلاقات التاريخية مع الدول العربية، لا سيما الخليجية، بعد سنوات من القطيعة والتوترات الناتجة عن تغلغل النفوذ الإيراني عبر “حزب الله” في القرار اللبناني.

لبنان والخليج

تصريحات سلام، التي حملت نبرة تصالحية غير معهودة في السنوات الأخيرة، تفتح الباب أمام مرحلة سياسية جديدة تسعى فيها الحكومة اللبنانية إلى الانفتاح على الفضاء العربي، بعد عزلة قسرية فرضتها التحالفات الإقليمية للبنان.

وفي الوقت الذي يحاول فيه لبنان تجاوز أزماته الاقتصادية العميقة والانهيار المالي المستمر منذ عام 2019، تسعى الحكومة الحالية إلى كسب ثقة الخليج العربي، بوصفه الشريك الأكثر قدرة على إنعاش الاقتصاد وضخ الاستثمارات الحيوية.

الإمارات ترفع الحظر عن السفر إلي لبنان

في مؤشر عملي على بدء تحسن العلاقات، أعلنت الإمارات رفع الحظر عن سفر مواطنيها إلى لبنان اعتبارًا من 7 مايو الجاري، بعد زيارة رسمية قام بها الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى أبوظبي.

وأكدت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن ثلاث طائرات إماراتية ستصل إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ما يمثّل أول عودة للطيران الإماراتي منذ سنوات من الانقطاع، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والتوترات السياسية بين البلدين.

من القطيعة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية

وكانت أبوظبي قد سحبت دبلوماسييها من لبنان أواخر عام 2021، وأغلقت سفارتها في بيروت على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني الأسبق جورج قرداحي بشأن الحرب في اليمن، ما فجّر أزمة دبلوماسية شاملة مع دول الخليج.

إلا أن مطلع العام الحالي شهد تطورًا لافتًا مع إعلان الخارجية الإماراتية إعادة فتح سفارتها، في خطوة عكست توجهاً جديداً نحو إعادة بناء الثقة واستئناف العلاقات الرسمية.

خطة حكومية لإعادة الإعمار وتنشيط السياحة الخليجية

وفق تقارير تُعوّل الحكومة اللبنانية على هذا التقارب العربي لدعم خطط إعادة الإعمار، خصوصاً في الجنوب اللبناني، الذي تضرر بشدة نتيجة العدوان الإسرائيلي الأخير وتبعات المواجهات التي فرضها “حزب الله” على الداخل اللبناني.

وقال نواف سلام: “ما يهمنا هو القيام بكل ما يسهل عودة إخواننا العرب إلى ربوع لبنان”، مشدداً على أن الحكومة تعمل على إزالة أي محاذير أو مخاوف لدى دول الخليج، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة للمواطنين الخليجيين، خاصة خلال مواسم الأعياد والصيف.

استعدادات أمنية في لبنان لطمأنة سياح الخليج

في السياق نفسه، أكد قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون استعداد كافة الأجهزة الأمنية لضمان سلامة السياح الخليجيين، موضحًا أن مطار رفيق الحريري الدولي شهد تغييرات مهمة على المستويين الأمني والخدمي.

وأكد المسؤولون اللبنانيون أن هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة شاملة لإزالة الأسباب التي أدت إلى تدهور العلاقات مع دول مجلس التعاون، والتي كان الملف الأمني أحد أبرز عناوينها.

الخليج واقتصاد لبنان

منذ بداية الانهيار الاقتصادي في 2019، فقد لبنان غالبية مصادر تمويله الخارجية، وسط انسداد الأفق السياسي والمالي. وتُعتبر دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات وقطر، من الجهات القليلة القادرة على إنقاذ الاقتصاد اللبناني في حال تم ترميم الثقة وضمان الاستقرار السياسي والأمني.
ويُنظر إلى عودة السياحة الخليجية كعامل حاسم في تحريك عجلة الاقتصاد، خاصة في ظل غياب الاستثمارات الأجنبية وارتفاع نسب الفقر والبطالة.

هل بدأ تراجع نفوذ حزب الله فعلاً؟

يرى مراقبون أن هذا الانفتاح الخليجي الحذر قد لا يستمر ما لم تترجم الحكومة اللبنانية التزاماتها إلى خطوات ملموسة على الأرض، وأبرزها تحييد لبنان عن محاور الصراع الإقليمي.

فرغم مؤشرات التراجع النسبي لنفوذ “حزب الله” داخل مؤسسات الدولة، لا تزال الجماعة تحتفظ بتأثير فعلي في القرار الأمني والسياسي، ما يشكّل عامل قلق دائم لدى العواصم الخليجية.

اقرأ أيضا

نجاح جديد لمسقط.. كيف استطاعت سلطنة عمان إنهاء الحرب بين الحوثيين وأمريكا؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط