وسط أجواء التوترات السياسية والعسكرية القائمة حاليا بين الهند وباكستان، يعود إلى الذاكرة فيلم إنساني بامتياز استطاع أن يلمس قلوب الملايين ويتجاوز حواجز السياسة والدين واللغة، إنه الفيلم الهندي Bajrangi Bhaijaan، الذي أُنتج عام 2015، وقام ببطولته النجم الشهير سلمان خان إلى جانب النجمة كارينا كابور، وحقق نجاحًا جماهيريًا ونقديًا واسعًا، ليس فقط في الهند بل عبر الحدود أيضًا.

فيلم إنساني يتجاوز حدود الجغرافيا والسياسة

ببساطة مؤثرة وبحبكة درامية متقنة، يعالج فيلم Bajrangi Bhaijaan الذي يرصد تفاصيله موقع تحيا مصر قضية شائكة ومعقدة هي الحدود بين الهند وباكستان، لكنّه يفعل ذلك من خلال قصة إنسانية عاطفية، تحمل رسائل سلام عابرة للحدود والجدران والأسلاك الشائكة، ويدعو الفيلم إلى تجاوز الكراهية المتوارثة والعنصرية المتجذّرة، مؤكدًا أن الإنسانية تظل الرابط الأقوى بين البشر.

وتدور أحداث الفيلم حول فتاة صغيرة باكستانية خرساء تُدعى شاهدة، تفقد طريقها في الهند أثناء زيارتها مع والدتها لأحد الأضرحة الدينية، ولكن تضيع الطفلة وتجد نفسها وحيدة في بلد لا تعرف لغته، حينها يلتقي بها "باوان" – رجل هندي بسيط ومتدين، يجسده سلمان خان – ويأخذ على عاتقه مهمة إعادتها إلى عائلتها في باكستان، متجاهلًا كل القيود السياسية والحدودية التي تفصل بين البلدين.

قصة فيلم Bajrangi Bhaijaan

ورغم التحديات والصعوبات القانونية والأمنية، يخوض باوان مغامرة محفوفة بالمخاطر، ويتعرض للاعتقال على الحدود بتهمة التسلل، لكنه لا يتراجع عن هدفه. وبمساعدة صحفي باكستاني يتعاطف مع قضيته، يتمكن أخيرًا من إعادة شاهدة إلى أسرتها.

في مشهد ختامي مؤثر، تكتمل رسالة الفيلم، حين تنطق الطفلة البكماء للمرة الأولى لتنادي "ماما" و"باوان جي"، وتشكر الرجل الذي أنقذها، في لحظة عاطفية تهز القلوب وتؤكد أن السلام لا يحتاج إلى كلمات كثيرة، بل إلى أفعال صادقة.

فيلم Bajrangi Bhaijaan بين السينما والواقع

اليوم، ومع تصاعد التوترات العسكرية مجددًا بين الهند وباكستان، يستعيد الجمهور هذا الفيلم الذي بدا وقت صدوره وكأنه "صرخة في واد"، لكنه اليوم يُعاد تداوله بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي كدعوة إلى العودة للعقل والإنسانية. الفيلم يُذكّر بأن ما يجمع الشعوب قد يكون أقوى من كل ما تفرّقه السياسة، وأن الفن يمكنه أن يكون جسرًا بدلًا من أن يكون سلاحًا.

فيلم Bajrangi Bhaijaan ليس مجرد فيلم ترفيهي، بل هو موقف إنساني واضح، ورسالة سلام موجهة للعالم، تنبع من ثقافة تمتلك القدرة على مخاطبة القلوب قبل العقول. في زمن تكثر فيه الصراعات، يظل هذا العمل الفني مثالًا على القوة الناعمة للسينما في بناء الجسور، وكأنّه يقول: "ربما لا نستطيع تغيير الجغرافيا، لكن يمكننا تغيير النظرة إليها."