دخلت العلاقة بين جماعة الحوثي في اليمن وإسرائيل مرحلة المواجهة المباشرة بعد الهجوم الذى شنته الجماعة اليمنية على مطار بو غوريون ما قابلته إسرائيل باستهداف مطاري صنعاء والحديدة.

وفي تصعيد غير مسبوق، شنّت المقاتلات الإسرائيلية، فجر الثلاثاء، سلسلة غارات جوية مركّزة استهدفت مطارات يمنية، أبرزها مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، وذلك في أول هجوم علني من نوعه في إطار ما وصفته تل أبيب بـ”الردع البعيد” بعد سقوط صاروخ حوثي قرب مطار بن غوريون.

تحذير من إسرائيل ثم قصف لـ مناطق سيطرة الحوثي

مساء الثلاثاء، بثّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، تحذيرًا علنيًا عبر منصة “إكس”، دعا فيه المدنيين إلى “إخلاء فوري” لمطار صنعاء الدولي، محذرًا من أن البقاء في محيطه “يعرضهم للخطر”.

لم تمضِ ساعات حتى بدأت طائرات إسرائيلية تنفيذ أكثر من 20 غارة جوية استهدفت مرافق حيوية، من بينها مبنى الركاب في مطار صنعاء، ومحطة كهرباء ذهبان شمال العاصمة، ومصنع إسمنت في عمران، تقول إسرائيل إن الحوثيين يستخدمونه لصناعة رؤوس صواريخ.

وترافقت الغارات مع قصف على ميناء الحديدة، حيث أكد الجيش الإسرائيلي إسقاط أكثر من خمسين قنبلة وصاروخًا على منشآت استراتيجية وصفها بأنها “قنوات تهريب أسلحة إيرانية”.

أهمية مطاري صنعاء وميناء الحديدة

يشكل مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة رئتي الحوثيين في شمال اليمن، بحسب تقارير غربية وإسرائيلية.

مطار صنعاء، الذي خرج عن الخدمة تمامًا بعد القصف، كان يمثل نافذة حيوية استخدمتها جماعة الحوثي – بحسب تل أبيب – لنقل الأسلحة الإيرانية، وتسيير طائرات مسيرة عبر خطوط دعم لوجستي إيرانية. وهو ما اعتبرته إسرائيل “خطًا أحمر” عقب الهجوم الصاروخي الذي استهدف تل أبيب.

أما ميناء الحديدة، فهو أبرز الموانئ اليمنية على البحر الأحمر، ويُعد الشريان الرئيسي لدخول الغذاء والوقود والمساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وبحسب تقارر فقد وفر هذا الميناء منفذًا استراتيجيًا سهّل – وفق الرواية الإسرائيلية – تهريب صواريخ ومعدات عسكرية إيرانية، وكذلك إطلاق عمليات بحرية تهدد الملاحة في باب المندب.

وتقول صحيفة نيويورك تايمز نقلًا عن مصادر عسكرية إسرائيلية، إن الضربات استهدفت بشكل خاص “مصادر الدخل والتمويل اللوجستي للحوثيين”، ما يجعل العملية بداية استراتيجية “تجفيف المنابع” عن بعد، دون الحاجة لتورط بري مباشر.

 رسالة إسرائيلية مزدوجة لـ الحوثي

وكشفت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن العملية الإسرائيلية حملت اسم “مدينة الميناء”، في إشارة إلى استهداف الحديدة تحديدًا، مؤكدة أن الضربات جاءت بتنسيق استخباراتي مع الولايات المتحدة، في محاولة لكبح الدعم الإيراني للحوثيين، ومنعهم من استهداف العمق الإسرائيلي.

ونقلت القناة 12 العبرية عن مصدر أمني قوله: “ألقينا 48 قنبلة على اليمن خلال ساعات قليلة، والميناء تلقّى ضربة قاسية”، مؤكدة أن “الرسالة واضحة: لن يُسمح لأي جهة بتهديد المطارات الإسرائيلية دون رد”.

جماعة الحوثي تتعهد بالرد على هجمات إسرائيل

في المقابل، أقر الإعلام التابع لجماعة الحوثي بوقوع الهجوم، مؤكدًا أن الغارات أسفرت عن مقتل 4 مدنيين وإصابة 39 آخرين، بينهم موظفون في مطار صنعاء.

كما وصف الهجوم بـ”العدوان الإسرائيلي السافر على سيادة اليمن”، وسط دعوات من قادة الجماعة إلى “تصعيد الرد الصاروخي على أهداف حساسة داخل إسرائيل”.

وتوقعت مصادر عسكرية يمنية في صنعاء، أن تُقابل هذه الضربات برد نوعي قد يتضمن هجمات صاروخية أو بطائرات مسيرة على مدن إسرائيلية أو سفن في البحر الأحمر، في إطار ما تطلق عليه الجماعة “عملية إسناد غزة”، والتي بدأت منذ أكتوبر 2023 بعد الحرب بين إسرائيل وحركة حماس.

سيناريوهات الرد الحوثي على هجمات إسرائيل

في ظل هذا التصعيد، تشير تقديرات عسكرية إلى أن الحوثيين قد يردون باستهداف جديد لمنشآت إسرائيلية أو مصالح أمريكية في المنطقة.

كما لا يُستبعد أن تعود الجماعة إلى تكثيف هجماتها البحرية في مضيق باب المندب، ما يهدد طرق التجارة العالمية، وخاصة مع تزايد اعتماد إسرائيل على خطوط إمداد بحرية بعد تعثر الشحن الجوي.

ورغم أن العملية قد تؤدي إلى تهدئة مؤقتة، إلا أن مراقبين يرون أن المواجهة المفتوحة بين إسرائيل والحوثيين باتت حقيقة واقعة، وقد تفتح جبهة بعيدة لكنها مؤثرة في معادلات الأمن القومي الإسرائيلي.

اقرأ أيضا

وصفوها بـ خيار نووي للفلسطينيين.. هل تنفجر خطة “جدعون” في وجه حكومة نتنياهو ؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط