سجّل القطاع الخاص السعودي أعلى معدل توظيف له منذ أكثر من عشر سنوات، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصادر عن “بنك الرياض”، في مؤشر قوي على استمرار زخم النمو الاقتصادي غير القائم على النفط.

ويأتي هذا الارتفاع اللافت نتيجة لتسارع المبيعات وزيادة النشاط التجاري، حيث عمدت الشركات إلى تعزيز قواها العاملة لمواكبة الطلب المتزايد.

وأشار التقرير إلى أن أعداد العمالة سجلت نمواً حاداً منذ فبراير 2023، إلا أن الوتيرة الحالية للتوظيف تُعد الأسرع منذ أكتوبر 2014، ما يعكس تحسناً نوعياً في بيئة الأعمال السعودية.

طلب مرتفع على الكفاءات في مجالات حيوية في القطاع الخاص السعودي

استجابت الشركات السعودية لتزايد أعباء العمل من خلال توظيف أعداد إضافية من الموظفين، وركزت عمليات التوظيف على مجالات استراتيجية مثل تكنولوجيا المعلومات والتسويق، التي تشهد طلباً متزايداً بالتوازي مع التوسع الرقمي في المملكة.

وقد ساعد هذا الارتفاع في معدلات التوظيف على تخفيف الضغوط عن الطاقة الإنتاجية للمؤسسات، مما عزز من مرونتها التشغيلية وقدرتها على تلبية الطلب المتنامي.

زيادة الرواتب في القطاع الخاص السعودي ترفع تكلفة الإنتاج

ورغم أن التوسع في التوظيف يُعد مؤشراً إيجابياً، إلا أن النمو الملحوظ في أعداد الموظفين تزامن مع ارتفاع غير مسبوق في تكاليف الرواتب، التي بلغت أعلى مستوياتها منذ بدء إجراء الدراسة.

ويشكل هذا الأمر عاملاً جديداً في معادلة تضخم أسعار مستلزمات الإنتاج، ما قد يفرض ضغوطاً مستقبلية على أسعار السلع والخدمات.

اقتصاد غير نفطي يقود النمو المحلي

وفي تعليقه على البيانات، قال نايف الغيث، الخبير الاقتصادي الأول في “بنك الرياض”، إن الاقتصاد السعودي غير النفطي يثبت مجدداً أنه عنصر أساسي في المشهد الاقتصادي الوطني.

موضحاً أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة سجل نمواً حقيقياً بنسبة 4.3% في عام 2024، مقارنة بـ1.3% في عام 2023، مدعوماً بزيادة في الأنشطة غير النفطية بلغت 4.5%.

وأشار الغيث إلى أن هذا النمو تحقق رغم انكماش الأنشطة النفطية بنسبة 2.6% نتيجة لخفض الإنتاج الطوعي، وفق اتفاق “أوبك بلس”، ما يؤكد تنوع مصادر النمو الاقتصادي في المملكة.

انعكاس مباشر لرؤية 2030 وتقدم إصلاحات سوق العمل

تعكس هذه المؤشرات التحول الاستراتيجي الذي تتبناه المملكة ضمن إطار “رؤية 2030” الرامية إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط.

وتستهدف الرؤية خفض مساهمة النفط في الإيرادات العامة إلى نحو 50% فقط، مقارنةً بالاعتماد شبه الكامل عليه في العقود السابقة.

وفي هذا السياق، باتت قطاعات مثل السياحة، والخدمات، والصناعة، والترفيه، والرياضة، محركات أساسية للنمو، بدعم من مبادرات مثل برنامج تنمية القدرات البشرية واستراتيجية سوق العمل.

ارتفاع مساهمة الاقتصاد غير النفطي إلى 53.2%

وفي أحدث البيانات الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، كشف وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم أن مساهمة الاقتصاد غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت إلى 53.2%، بزيادة نسبتها 5.7% عن التقديرات السابقة.

وأكد الإبراهيم أن نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.2% في الربع الأول من 2025 يُعد مؤشراً واضحاً على مرونة الاقتصاد السعودي.

وكان الإبراهيم قد توقع، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أن يشهد الاقتصاد غير النفطي في المملكة نمواً يتجاوز 6% في عام 2026، مدفوعاً بالإصلاحات البنيوية ومناخ الأعمال المتطور.

اقرأ أيضًا… السعودية تقفز إلى المركز 41 عالميـًا في تخزين البيانات المفتوحة 2024

انخفاض البطالة وتنامي مشاركة المرأة

أثمرت السياسات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة عن تراجع غير مسبوق في معدل البطالة، الذي وصل إلى 7%، وهو المستوى المستهدف لعام 2030، أي قبل ست سنوات من الموعد المحدد.

كما سجلت مشاركة المرأة في سوق العمل ارتفاعاً إلى 36%، متجاوزةً المستهدف الأصلي البالغ 30%، مما دفع المخططين إلى رفع سقف الطموحات إلى 40%.

وبحسب تقرير “رؤية 2030” الصادر عام 2024، فإن عدد السعوديين العاملين في القطاع الخاص تجاوز 2.4 مليون موظف، بدعم من البيئة التشريعية المحفزة ومبادرات تمكين الكفاءات الوطنية.

ويعكس نمو التوظيف في القطاع الخاص السعودي – خاصة في الأنشطة غير النفطية – نقلة نوعية في مسار الاقتصاد الوطني، ويمثل مؤشراً على نجاح برامج الإصلاح والتحول الاقتصادي، كما يُعد دليلاً واضحاً على نجاعة السياسات التي تتبناها المملكة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة في مختلف القطاعات.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط