في ذكرى رحيله الخامسة، نستذكر الشيخ محمد محمود الطبلاوي، أحد أعظم قراء القرآن الكريم في العالم الإسلامي، الذي ترك بصمة خالدة في تاريخ التلاوة القرآنية بصوته العذب وأدائه المميز. وُلد عام 1934 ورحل في 5 مايو 2020، تاركًا إرثًا قيمًا من التسجيلات والتلاوات التي تجعل اسمه حيًا في قلوب وأذهان المسلمين عبر الزمان.

البدايات المبكرة للشيخ محمد محمود الطبلاوي

وُلد الشيخ محمد محمود الطبلاوي في حي ميت عقبة بمحافظة الجيزة بتاريخ 14 نوفمبر 1934، بينما ترجع أصول عائلته إلى قرية صفط جدام بمحافظة المنوفية. منذ طفولته، أظهر موهبة استثنائية في حفظ القرآن الكريم، حيث بدأ الحفظ وهو في الرابعة وأتمه كاملًا في التاسعة، بإشراف عدد من المشايخ المميزين الذين مهدوا له طريق التفوق في مجال التلاوة القرآنية. كان للكُتّاب دور أساسي في تربيته الدينية، حيث تعلم أحكام التجويد ومهارات الأداء بصوته المميز.

الشيخ محمد محمود الطبلاوي نجم القراء في الإذاعة المصرية

في الثانية عشرة من عمره، بدأ الشيخ الطبلاوي مشواره في تلاوة القرآن في المناسبات العامة، حيث جذب انتباه الحاضرين بقدرته الفريدة على الأداء بصوته القوي المؤثر. استمرت شهرته بالانتشار حتى تم اعتماده رسميًا كقارئ إذاعي في الإذاعة المصرية عام 1970، ليصبح واحدًا من أعظم قراء العالم الإسلامي. اشتهر الشيخ بأدائه الفريد في تلاوة آيات الترغيب والترهيب، وتميز بأسلوب يجمع بين الجلال والخشوع، ما جعله يحتل مكانة خاصة في قلوب المسلمين داخل مصر وخارجها.

دور الشيخ محمد محمود الطبلاوي في المحافل الدولية

سافر الشيخ محمد محمود الطبلاوي إلى أكثر من 80 دولة، وكان رسولا يحمل صوت القرآن الكريم للعالم، حيث لُقّب بـ “قارئ الرؤساء والملوك”. شارك في العديد من المناسبات الدينية والرسمية لقادة الدول الإسلامية، وأدى تلاوات خاشعة في الحرمين الشريفين والمساجد الكبرى في إندونيسيا وماليزيا وتركيا وغيرها. كان لصوته الشجي دور بارز في إيصال الرسالة القرآنية إلى جماهير عريضة من الشعوب الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء.

الشيخ الطبلاوي لم يكن قارئًا وحسب، بل كان صاحب دور ريادي في الدفاع عن حقوق قراء القرآن الكريم، حيث شغل منصب نقيب قراء ومحفظي القرآن لفترة طويلة، وساهم في تحسين أوضاع القراء الاجتماعية والمهنية. كما عرف بحس الفكاهة وشخصيته المتواضعة، مما جعل كل من عرفه يبجله.

افتقدته الأمة يوم وفاته، 5 مايو 2020، لكن إرثه العظيم المتمثل في تسجيلاته القرآنية سيبقى نورًا يهدي الأجيال القادمة إليه وإلى حب كتاب الله، حيث يبقى صوته شاهدًا على إخلاصه للقرآن وحبّه لنشر رسالته.