تتجه بعض الدول العربية إلى توطين الصناعات العسكرية وتطوير قدراتها التصنيعية في مجالات استراتيجية تشمل الطائرات المقاتلة، الطائرات المُسيّرة، المدرعات، السفن الحربية، والذخائر الذكية.

يأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدفع نحو تقليل الاعتماد على مصادر السلاح الخارجية، وتبرز المغرب والسعودية ومصر والإمارات كأكثر الفاعلين في هذا الاتجاه، في ظل شراكات مع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، وتركيا.

المغرب.. تصنيع مقاتلات F-16 وتطوير صناعات الطيران

يُعتبر المغرب حاليًا من أكثر الدول العربية تطورًا في مجال تصنيع بعض مكونات الطائرات الحربية، وخاصة مقاتلات F-16 الأمريكية.

وافتتحت شركة Sabca Maroc (فرع من مجموعة Sabca البلجيكية) وحدة صناعية بمدينة القنيطرة، تقوم بتصنيع هياكل ومكونات طائرات F-16 وPilatus PC-12.

ووفقاً لتقارير رسمية من وزارة الصناعة المغربية، فإن هذه المنشأة تدخل ضمن مخطط تسريع التنمية الصناعية، بدعم من شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، وتُعد جزءًا من اتفاقيات نقل التكنولوجيا.

المغرب أيضًا يستثمر في تصنيع الطائرات المُسيّرة، وقد وقّع شراكة مع إسرائيل لتصنيع طائرات مسيّرة من طراز WanderB وThunderB داخل المملكة، بحسب تقارير من صحيفة Haaretz الإسرائيلية في 2022.

السعودية.. مصنع طائرات مسيرة

السعودية تسعى وفقاً لخطة توطين أكثر من 50% من الإنفاق العسكري بحلول عام 2030، وفق رؤية المملكة 2030.

أبرز ما أنجزته:

مصنع الطائرات المُسيّرة: دشنت السعودية في 2022 أول مصنع لطائرات مسيرة عسكرية بالتعاون مع شركة تركية، لصناعة طائرات Karayel.

الذخائر الذكية: عبر الشركة السعودية للصناعات العسكرية SAMI، يتم تصنيع ذخائر دقيقة بالتعاون مع شركات مثل Raytheon وRheinmetall.

أجزاء منظومة صواريخ الدفاع الجوي ثاد.

وقد أعلن اتحاد الغرف السعودية تأسيس أول لجنة وطنية خاصة من نوعها للصناعات العسكرية، إذ تعنى بقطاع الصناعات العسكرية في إطار القطاع الخاص ممثلًا بالاتحاد، فيما تتكامل “اللجنة” ذاتها مع الجهات والهيئات ذات الصلة على غرار الهيئة العامة للصناعات العسكرية، والشركة السعودية للصناعات العسكرية.

ويواكب تأسيس “اللجنة الوطنية” استراتيجية الاتحاد للقطاعات الاقتصادية الحديثة في البلاد ضمن رؤية 2030، أحدها قطاع الصناعات العسكرية، إذ تنظم الرؤية واقع القطاع وتسهم في تطويره وتوطينه بنحو 50% بحلول عام تحقيق الرؤية 2030، ووصلت نسبة توطين الإنفاق العسكري بالسعودية تصل إلى 19.35 %.

مصر الأقدم عربياً.. مدرعات وطائرات ومسيرات ودبابات وسفن حربية

تُعد مصر من أقدم الدول العربية في مجال التصنيع العسكري، ويشرف على هذا الملف الهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربي، وترسانة الإسكندرية.

من أبرز الإنجازات:

تصنيع الفرقاطة ميكو A-200 بالتعاون مع ألمانيا.

تصنيع مدرعات ST-100 وST-500، وتُستخدم من قِبل القوات الخاصة المصرية.

تصنيع طائرات مسيرة طراز “6 أكتوبر و30 يونيو”.

مشاركة في تصنيع قطع غيار للمقاتلات الروسية والفرنسية، إضافة إلى الذخائر والأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

تصنيع الدبابة الأمريكية M1A1 أبرامز في مصانع وزارة الإنتاج الحربي.

تصنيع طائرة التدريب K-8E، بالتعاون مع الصين.

الإمارات.. تطور صناعي في الطائرات المسيرة والسفن الحربية

تُعد الإمارات من أكثر الدول العربية تطورًا تقنيًا في هذا المجال.

تحت مظلة EDGE Group، وهي تكتل يضم أكثر من 25 شركة دفاعية، استطاعت الإمارات تصنيع:

طائرات مسيّرة من طراز “Reach-S” و”RW-24” و”Shadow 25”.

سفن حربية وزوارق هجومية من تصنيع شركة Abu Dhabi Ship Building.

ذخائر ذكية وأسلحة خفيفة عبر شركات مثل Caracal.

الإمارات أيضًا وقّعت في 2023 اتفاقيات مع إسرائيل لتطوير مشاريع تكنولوجية دفاعية مشتركة.

الجزائر.. إنتاج المدرعات والذخائر

الجزائر تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من روسيا، لكنها بدأت خطوات تصنيعية:

مشروع لتجميع دبابات T-90 بالتعاون مع روسيا.

مصنع للذخائر والأسلحة الخفيفة في “خنشلة” بالشراكة مع الصين.

استثمارات في مجال تطوير الطائرات بدون طيار، ولكن لم تصل بعد لمرحلة التصنيع المستقل.

تحليل ختامي: من يقود السباق العربي؟

وفقًا لتقارير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) لعام 2024، فإن السعودية والمغرب والإمارات هم الأكثر تقدمًا من حيث نقل التكنولوجيا والتصنيع المحلي، بينما تحافظ مصر على موقعها التاريخي، وتسعى الجزائر إلى تعزيز قدراتها تدريجيًا.

نقل التكنولوجيا لا يعني تصنيعاً كاملاً، لكنه خطوة مهمة لبناء قاعدة صناعية عسكرية، والتحول من مجرد مشترٍ إلى شريك منتج.

إقرأ أيضاً: جوهرة البحرية المصرية.. كيف غيرت ميسترال موازين القوى في شرق المتوسط؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط