شهدت مدينة البتراء الأثرية في الأردن، اليوم (الأحد)، أزمة طارئة بعد هطول أمطار غزيرة تسببت في سيول جارفة اجتاحت المناطق المنخفضة والأودية المحيطة بالموقع الأثري، وأدت الأمطار الغزيرة إلى إجلاء مئات السياح من المدينة، التي تُعد إحدى عجائب الدنيا السبع وموقعاً مدرجاً على قائمة التراث العالمي لليونسكو، وسط جهود مكثفة من السلطات الأردنية لضمان سلامة الزوار.

بدأت الأمطار الغزيرة مع تأثير منخفض جوي قوي ضرب جنوب الأردن، حيث تحولت الأودية المحيطة بالبتراء إلى أنهار من السيول، وغمرت المياه ممرات السيق الشهيرة، وهي المدخل الضيق للمدينة الأثرية.

ووثّقت مقاطع فيديو متداولة لحظات الذعر، حيث شوهد السياح وهم يهرعون إلى مناطق مرتفعة، بينما كانت المياه تتدفق بسرعة عبر الشوارع والممرات الحجرية، وأظهرت لقطات أخرى شاحنات الأمن العام وهي تنقل السياح بعجلة إلى مناطق آمنة.

وتحركت مركبات الأمن العام ومفوضية إقليم البتراء بسرعة لتنفيذ إجراءات احترازية استباقية، وأكدت سلطة إقليم البتراء، إجلاء مئات السياح دون تسجيل إصابات، مع إغلاق الموقع مؤقتاً لتأمينه، كما عملت فرق الطوارئ على إخلاء منازل بعض المواطنين في المناطق المنخفضة التي غمرتها السيول، وقد ساهمت أنظمة الإنذار المبكر، التي أُنشئت بعد فيضانات سابقة، في تسريع عمليات الإجلاء.

أدت السيول إلى أضرار مادية في بعض المنازل والبنية التحتية المحيطة بالبتراء، مع تقارير عن انخفاض ملموس في درجات الحرارة ونشاط قوي للرياح، ودعت سلطة إقليم البتراء المواطنين إلى توخي الحذر وتجنب الأودية والمناطق المنخفضة، فيما أعلنت السلطات تعليق الدراسة في بعض المناطق المتضررة حتى استقرار الأحوال الجوية.

تأتي هذه الفيضانات في ظل تحذيرات من خبراء الأرصاد بتزايد حدة الظواهر الجوية المتطرفة في المنطقة، نتيجة التغيرات المناخية، وتشير التقارير إلى أن الأمطار التي هطلت في البتراء كانت جزءاً من منخفض جوي قوي أثر على جنوب الأردن، مع توقعات باستمرار الطقس غير المستقر لبضعة أيام.

وتُعد البتراء، المدينة النبطية التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، واحدة من أهم المواقع السياحية في العالم، لكن موقعها الجغرافي في وادٍ محاط بالجبال يجعلها عرضة للسيول المفاجئة، وشهد 2018 عملية إجلاء واسعة للسياح من المدينة بسبب السيول، حيث تم إجلاء نحو 4000 سائح من البتراء، مع ارتفاع منسوب المياه إلى أربعة أمتار في بعض المناطق، وأسفرت الفيضانات عن مقتل 12 شخصاً في مناطق أخرى من الأردن، بينما نجا زوار البتراء بفضل تدخل السلطات.

وفي 1963 شهدت البتراء فيضاناً كارثياً أودى بحياة 22 سائحاً فرنسياً ومرشدهم الأردني، بعد أن اجتاحت المياه ممر السيق الضيق، وفي 2022 تسببت أمطار غزيرة في إجلاء 1700 سائح من البتراء، مع هطول 80 ملم من الأمطار في يوم واحد، أي ما يعادل نصف المعدل السنوي للمنطقة، ولم تسجل إصابات، لكن السيول تسببت في أضرار مادية وإصابة ثلاثة أشخاص في محافظة معان.