شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا بعد أن سجلت مستويات تاريخية في أبريل، مدفوعة بانحسار التوترات التجارية وتحسن بيانات التوظيف الأمريكية، ما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الذهب كملاذ آمن، بحسب تقرير نشرته صحيفة ذا إيكونوميك تايمز الهندية.

تراجع ملحوظ بعد القمة التاريخية

انخفض سعر الذهب الفوري إلى أدنى مستوى له في أسبوعين يوم الخميس، قبل أن يسجل انتعاشًا طفيفًا يوم الجمعة بنسبة 0.5% ليصل إلى 3255.01 دولارًا للأوقية، مقارنة بـ 3211.53 دولارًا يوم الخميس، وهو أدنى مستوى له منذ 14 أبريل.
ورغم مكاسب الجمعة، لا تزال أسعار الذهب منخفضة بنسبة 2.1% خلال الأسبوع، بعد أن بلغت ذروتها التاريخية عند 3500.05 دولارًا للأوقية في 22 أبريل. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 1.3% لتصل إلى 3262.10 دولارًا.

لماذا تراجعت أسعار الذهب؟

يعود الانخفاض الأخير إلى تحسن شهية المخاطرة في الأسواق العالمية، بعد تصريحات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أشار فيها إلى احتمالات عقد اتفاقيات تجارية جديدة مع دول مثل الصين، الهند، اليابان وكوريا الجنوبية.
كما زعمت وسائل إعلام صينية أن الولايات المتحدة أعادت فتح قنوات الاتصال لمناقشة إلغاء أو تعديل الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها ترامب، والتي وصلت إلى 145%.
هذه المؤشرات دفعت المستثمرين للتحول إلى الأصول الأعلى مخاطرة مثل الأسهم، ما أدى إلى عمليات بيع للذهب وجني الأرباح.

عمليات جني أرباح في بيئة أقل توترًا

قال بوب هابركورن، كبير استراتيجيي السوق في "آر جي أو فيوتشرز": "هناك تلميحات إلى صفقات تجارية قادمة... وهذا ما يدفع المستثمرين إلى التخلي مؤقتًا عن الذهب والاتجاه نحو التداول الأكثر مخاطرة".
وأسهمت عطلة عيد العمال في الصين (من 1 إلى 5 مايو) في زيادة الضغط على أسعار الذهب، حيث تُعد الصين أكبر مستهلك عالمي للمعدن.
وأشارت شركة "تي دي سيكيوريتيز" إلى أن الذهب "وقع في فراغ سيولة" ناجم عن إغلاق الأسواق الصينية، مما أدى إلى تراجع في الطلب الفوري خلال فترة حرجة.
اقرأ أيضاً: لماذا تتقلب أسعار الذهب بشدة حالياً.. وما توقعات المعدن النفيس؟

تقرير الوظائف الأمريكي يغير التوقعات

جاء تقرير الوظائف غير الزراعية في أبريل ليسلط الضوء على متانة سوق العمل الأمريكي، إذ أضاف الاقتصاد 177 ألف وظيفة مقارنة بـ 185 ألفًا في مارس، ورغم هذا التراجع الطفيف، فإن الرقم تجاوز توقعات رويترز البالغة 130 ألف وظيفة.
هذا الأداء فاق التوقعات، مما دفع المستثمرين إلى تخفيض رهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وأدى ذلك إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وبالتالي تراجعت جاذبية الذهب باعتباره أصلًا غير مدرّ للعائد.

هل ما زال الذهب مدعومًا على المدى الطويل؟

رغم التراجعات، يؤكد محللون أن الذهب لا يزال يتمتع بدعم هيكلي على المدى البعيد. وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك": "العوامل الأساسية التي تدعم الذهب لا تزال قائمة، وسيظل الذهب قويًا طالما لم تظهر إشارات واضحة على تراجع التضخم أو ضعف سوق العمل".
اقرأ أيضاً: الذهب في أسبوع.. استقرار الأسعار ومكاسب بختام التعاملات رغم التقلبات
ومن غير المرجح أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة قبل الحصول على إشارات اقتصادية أكثر وضوحًا، وهو ما قد يدعم الذهب مستقبلًا، حتى في ظل التصحيحات قصيرة الأجل.

مستقبل الذهب: ما بين القمم السابقة والتقلبات المقبلة

رغم التراجع الأخير، لا يزال الذهب في موقع مهم على الساحة العالمية، خصوصًا في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي.
ويتابع المستثمرون عن كثب قرارات الفيدرالي المقبلة، وتطورات العلاقات التجارية مع الصين، بالإضافة إلى أي تطورات سياسية قد تؤثر على توجهات السوق.
ورغم تسجيل الذهب لقمة قصيرة الأجل عند 3500 دولار للأوقية، فإن مستقبل المعدن النفيس لم يُحسم بعد، وتظل العوامل طويلة الأمد داعمة له في المدى المتوسط والبعيد.