المصروف المدرسي أداة لترسيخ مبادئ المسؤولية وتنمية شخصيات الطلبة - تكنو بلس

nni 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المصروف المدرسي أداة لترسيخ مبادئ المسؤولية وتنمية شخصيات الطلبة - تكنو بلس, اليوم الأحد 4 مايو 2025 12:36 صباحاً

ابوظبي - ياسر ابراهيم - الأحد 4 مايو 2025 12:05 صباحاً - منح طلبة الحلقة الأولى مصروفاً يتناسب مع احتياجاتهم البسيطة

البطاقات البنكية لطلبة المرحلة الثانوية تعلّمهم كيفية إدارة أموالهم وتعدّهم للحياة مستقبلاً

قدرة الطالب على إدارة مصروفه تعكس فهمه لحدود المال وأولويات الحياة اليومية

الفروقات في قيمة المصروف قد تولّد مشاعر تمييز أو شعوراً بالنقص لدى الطلبة

لم يعد المصروف المدرسي مجرد مبلغ صغير يرافق الطالب إلى مدرسته صباح كل يوم، بل أصبح أداة تربوية تسهم في تشكيل ملامح شخصيته، وترسيخ قيم المسؤولية، أو، بالمقابل، تعزيز أنماط استهلاكية مقلقة.

وأكد تربويون، لـ«حال الخليج»، أن المصروف المدرسي يلعب دوراً جوهرياً في تعليم الطلبة مبادئ المسؤولية وتنمية شخصياتهم منذ الصغر، محذرين في الوقت ذاته من إهمال مراقبة مصروف الأبناء، خصوصاً في المراحل الكبرى، لما قد يترتب على ذلك من سلوكيات مالية غير منضبطة.

وأشار التربويون إلى أنه بالنسبة لطلبة الحلقة الأولى (المراحل المبكرة)، يُفضل منحهم مصروفاً يومياً يتناسب مع احتياجاتهم البسيطة، مع الحرص على مراجعة كيفية صرفه بشكل مستمر، ليتعلم الطفل الفرق بين الأولويات والرغبات.

أما في الحلقة الثانية (المتوسطة)، فقد نصح التربويون المدارس والأسر معاً بتفعيل نظام بطاقات المقاصف المدرسية، حيث تتيح هذه البطاقات للطلبة شراء احتياجاتهم بسهولة، وتمكّن أولياء الأمور من متابعة ما يصرفه أبناؤهم داخل المدرسة بدقة، مما يرسخ ثقافة الإنفاق الواعي ويخفف العبء على الأطفال في إدارة المال النقدي.

وفيما يخص المرحلة الثانوية، أوصى التربويون بتشجيع أولياء الأمور على تفعيل البطاقات البنكية وربطها بتطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بأبنائهم، بما يسمح بمراقبة عمليات الشراء خارج نطاق المدرسة، وتعليم الطلبة كيفية إدارة أموالهم بوعي ومسؤولية استعدادًا للمرحلة الجامعية والحياة العملية مستقبلاً.

التعامل الواعي

ويؤكد المختصون أن التعامل الواعي مع المصروف المدرسي يسهم في بناء جيل يدرك أن المال وسيلة لتحقيق الأهداف والطموحات، وليس مجرد أداة للاستهلاك الفوري أو المظاهر.

وكشفت دراسة علمية أجرتها جامعة هارفارد عام 2021 أن الأطفال الذين يتلقون تدريباً على إدارة المصروف في سن مبكرة، يسجلون أداءً أكاديمياً واجتماعياً أعلى بنسبة 32 % مقارنة بأقرانهم، والدراسة أكدت أن الإدارة المالية المبكرة تسهم في تعزيز مهارات التركيز، والتخطيط، والانضباط الذاتي، كما أظهرت دراسة لجامعة أوكسفورد عام 2022 أن الطلاب الذين اعتادوا على الادخار المنتظم من مصروفهم المدرسي كانوا أقل عرضة للوقوع تحت ضغط النزعة الاستهلاكية لاحقاً، وكان لديهم استعداد أكبر لتحمل المسؤوليات المالية في مرحلة البلوغ.

ورصدت دراسة من جامعة طوكيو نشرت في عام 2023 أن الطلاب الذين يحصلون على مصروف مرتفع دون ضوابط تربوية كانوا أكثر عرضة بنسبة 40 % لتبني أنماط سلوك استهلاكي مبالغ فيه، مما انعكس سلباً على تحصيلهم الدراسي وعلاقاتهم الاجتماعية.

أداة تربوية

وأوضحت وئام جبر، مديرة مدرسة الأهلية الخيرية – بنات دبي، أن التعامل مع المصروف المدرسي يجب أن لا يُختزل في كونه مسألة مالية فقط، بل هو أداة تربوية تسهم في بناء شخصية الطالب وتنمية وعيه المالي والاجتماعي.

وأكدت أهمية تحديد قيمة المصروف بما يتناسب مع المرحلة العمرية واحتياجات الطالب، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تساعد في غرس مبادئ التوازن والمسؤولية منذ الصغر.

وشددت على ضرورة إشراك الطلاب في وضع خطط أسبوعية أو شهرية لإدارة مصروفهم، وهو ما يُنمّي لديهم حس التخطيط والوعي المالي المبكر.

وأضافت أن تخصيص جزء من المصروف للادخار وآخر للإنفاق الواعي يمثل تجربة عملية مهمة، تجعل الطالب أكثر إدراكاً لقيمة المال وتعلمه كيفية اتخاذ قرارات مالية مدروسة.

ودعت إلى تنظيم ورش عمل مدرسية تهدف إلى تعليم الطلبة مبادئ الإدارة المالية بطريقة مبسطة وعملية، مما يرسخ لديهم مهارات التخطيط والإنفاق الذكي.

كما شددت على أهمية تعزيز ثقافة التبرع والعمل الخيري من خلال المصروف المدرسي، لما لذلك من دور في بناء قيم العطاء والمسؤولية الاجتماعية لدى النشء.

وأشارت إلى ضرورة أن تكون هناك مراقبة مستمرة للسلوك المالي للطلبة، مع إعطائهم مساحة للخطأ والتعلم، معتبرة أن التجربة والخطأ جزء لا يتجزأ من عملية النضج المالي.

عدم المبالغة

من جانبها، شددت الخبيرة التربوية الدكتور إيناس غازي على أهمية عدم مبالغة الوالدين في قيمة المصروف، حتى لا يُعزز لدى الأبناء سلوكيات الاستهلاك المفرط أو التباهي، وحذرت من عدم تجاهله في الوقت ذاته إذ إن هناك عدداً من أولياء الأمور لا يقومون بمنح أبنائهم مصروفاً نهائياً.

ونصحت بأن يتم تخصيص مصروف يومي لطلبة المرحلة الابتدائية، بما يتناسب مع احتياجاتهم البسيطة خلال اليوم الدراسي، بينما يكون المصروف أسبوعياً لطلبة الحلقة الثانية، بهدف تعليمهم إدارة المال على مدى أطول نسبيًا، مع إعطائهم فرصة التخطيط والادخار.

أما طلبة الحلقة الثالثة، فترى أنه من الأنسب اعتماد مصروف شهري لهم، لتعزيز مهاراتهم في وضع الميزانيات الصغيرة وضبط الإنفاق الشخصي.

ولفتت إلى أن عدداً من المدارس قامت بتفعيل نظام بطاقات المقاصف المدرسية، بحيث يتم شحنها بمبالغ محددة، ويستطيع أولياء الأمور من خلالها متابعة ما ينفقه أبناؤهم داخل المدرسة، مما يتيح درجة عالية من الرقابة على مشتريات الطلبة، ويحد من شراء الأطعمة غير الصحية أو المنتجات غير الضرورية.

واقترحت أن يقوم أولياء الأمور كذلك بتفعيل خاصية المصروف الرقمي لطلبة الحلقة الثانية والثالثة، عبر ربط البطاقات البنكية بهواتفهم الذكية، ليتمكنوا من متابعة كل عمليات الشراء التي يجريها أبناؤهم خارج المدرسة، ما يوفر أداة رقابية ذكية، تدعم توجيه سلوكهم المالي وتزرع فيهم ثقافة الإنفاق الواعي والمسؤول.

مدرسة مصغرة

ومن جانبه، يرى الخبير التربوي الدكتور محمد البستاوي أن المصروف المدرسي يجب أن يُنظر إليه باعتباره «مدرسة مصغرة» لتعليم الطلبة فنون الإدارة المالية المبكرة، موضحاً أن الطفل الذي يتعامل مع مبلغ يومي محدد يتعلم التخطيط، والموازنة بين الرغبات والحاجات، وهي مهارات أساسية ستلازمه مدى الحياة.

وأشار إلى أن المصروف يتيح فرصة فريدة لتعزيز مفاهيم اقتصادية بطريقة مبسطة، فعندما يخطط الطالب لإنفاق مصروفه خلال الأسبوع، أو يدخر جزءاً منه، يتعلم عملياً مفاهيم مثل الميزانية، وتأجيل الإشباع، وتحقيق الأهداف، وهي مفاهيم تسهم لاحقاً في بناء جيل اقتصادي واعٍ.

ودعا الأسر والمدارس إلى التعامل مع المصروف كأداة تربوية منهجية، وليست مجرد استجابة لعادات اجتماعية. وقال: «الاهتمام بالمصروف المدرسي ينبغي أن يكون جزءاً من خطة التربية الشاملة، تماماً كما نهتم بتعليم الأطفال القراءة والكتابة، لأن الوعي المالي جزء لا يتجزأ من إعدادهم لمستقبلهم».

مقياس لنضج الطالب

من جهتها، اعتبرت التربوية ياسمين عبدالحميد مصطفى أن المصروف المدرسي يشكّل مقياساً عملياً لنضج الطالب في اتخاذ القرار، موضحة أن قدرة الطالب على إدارة مصروفه تعكس مستوى فهمه لحدود المال، وأولويات الحياة اليومية.

وأكدت أن كثيراً من المشكلات السلوكية التي تظهر في المدارس، مثل الإسراف، والمنافسة السلبية بين الطلبة، ترتبط بسوء إدارة المصروف.

وقالت: «الطالب الذي ينفق مصروفه فور استلامه دون تفكير، عادة ما يظهر ميولاً لعدم ضبط النفس في مجالات أخرى أيضاً، مثل إدارة وقته أو التزامه بالواجبات الدراسية».

ورأت أن معالجة هذا الملف تتطلب شراكة حقيقية بين البيت والمدرسة، مشيرة إلى أهمية تنظيم ورش عمل تثقيفية منتظمة، موجهة للطلبة وأولياء أمورهم معاً، لتعزيز ثقافة الوعي المالي، ولتحويل المصروف إلى تجربة تعليمية متكاملة.

اختبار لشخصية الطفل

أما سينميس ناجي الاختصاصية النفسية فوصفت المصروف المدرسي بأنه اختبار يومي لشخصية الطفل، موضحة أن الطريقة التي يتعامل بها الطفل مع ماله الصغير تكشف الكثير عن سماته الشخصية مثل الصبر، والقدرة على التخطيط، واحترام الموارد.

وأشارت إلى أن المصروف قد يكون أداة لبناء الثقة بالنفس لدى الطالب، فعندما يتمكن الطفل من اتخاذ قرارات مالية بسيطة بنفسه، يشعر بالاستقلالية، ويتعلم تحمّل نتائج قراراته، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، وهو أمر ضروري لنموه النفسي والاجتماعي.

وحذرت من مخاطر غياب الرقابة الأسرية على مصروف الأطفال، لافتة إلى أن الإنفاق العشوائي قد يقود إلى تعميق نزعات استهلاكية خطيرة، ويؤسس لعلاقة غير صحية مع المال مستقبلاً، تتسم بالإسراف وعدم المسؤولية.

انتماء اجتماعي

وترى الاختصاصية الاجتماعية فاطمة الظنحاني أن المصروف المدرسي يلعب دوراً خفياً لكنه بالغ التأثير في علاقات الطلبة الاجتماعية داخل المدرسة، مؤكدة أن الفروقات في قيمة المصروف قد تولد مشاعر تمييز أو شعوراً بالنقص لدى الطلبة، مما يؤثر على تفاعلهم مع أقرانهم.

وأوضحت أن الأطفال ذوي المصروف المرتفع أحياناً يستخدمون المال لبناء مكانة اجتماعية زائفة، ما يؤدي إلى تكوين تكتلات طلابية مغلقة على أساس القدرة المالية، وهو ما يهدد قيم العدالة والمساواة التي ينبغي أن تسود البيئة المدرسية.

وأوصت المدارس والأسر بالعمل على تعزيز قيم أخرى غير مادية بين الطلبة، مثل التعاون والإنجاز الأكاديمي والأخلاقي، مؤكدة أن الوقاية من النزعة الطبقية تبدأ من تصحيح ثقافة التعامل مع المال في سن مبكرة.

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : المصروف المدرسي أداة لترسيخ مبادئ المسؤولية وتنمية شخصيات الطلبة - تكنو بلس, اليوم الأحد 4 مايو 2025 12:36 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق