في خطوة مفاجئة قبيل الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر المقبل، صعّد نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون، من هجومه ضد حكومة محمد شياع السوداني، ما يثير تساؤلات حول نواياه السياسية في هذا التوقيت الحساس، فهل يسعى المالكي لإضعاف حكومة السوداني استعدادًا لخلافته؟

المالكي يوجه انتقادات حادة لحكومة السوداني

في تصريح مفاجئ، وصف النائب عن ائتلاف دولة القانون، ثائر مخيف، الوضع المالي في العراق بـ”الخطير جدًا”، محذرًا من أن رواتب موظفي القطاع العام قد تكون مهددة نتيجة الأزمة المالية التي تعيشها البلاد.

وبحسب وسل إعلام عراقية، انتقد النائب الإجراءات الحكومية الأخيرة التي شملت سحب أموال من الأمانات الضريبية لتغطية النفقات التشغيلية، وهو ما وصفه بأنه خيار “اضطراري” لمنع انفجار اجتماعي.

هذه التصريحات تأتي في وقت حساس للغاية، إذ يعاني العراق من تراجع أسعار النفط، ما يفاقم من الأزمة المالية، ويضع الحكومة العراقية في موقف صعب.

ويخشى البعض أن يؤدي هذا الوضع إلى إلغاء موازنة عام 2025، وهو ما سيكون له تأثيرات كبيرة على الاستقرار المالي والاجتماعي في البلاد.

المالكي وخلافة السوداني

رغم أن المالكي كان في يوم من الأيام أحد أبرز الداعمين لوصول محمد شياع السوداني إلى رئاسة الحكومة، فإن هجومه الأخير على الأداء الحكومي يكشف عن تباين داخلي كبير داخل الإطار التنسيقي، وهي التحالف السياسي الذي يضم أبرز القوى الشيعية في العراق.

ويطرح هذا الموقف تساؤلات حول ما إذا كان المالكي يخطط لخلافة السوداني في رئاسة الحكومة.

يعتبر العديد من المراقبين أن المالكي، الذي شهد تراجعًا كبيرًا في نفوذه السياسي في السنوات الأخيرة، يحاول استغلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة لتقديم نفسه كـ”المعارض الجاد” داخل المنظومة الحاكمة.

وتمكن المالكي سابقًا من إعادة تشكيل التحالفات السياسية لصالحه، وقد يراهن على الأزمة الاقتصادية الحالية لصالحه في سعيه لاستعادة الزعامة السياسية داخل البيت الشيعي.

السوداني يدافع عن حكومته أمام انتقادات المالكي

في المقابل، حاول رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الدفاع عن حكومته، مؤكدًا أنها حققت العديد من الإنجازات رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها البلاد.

ومن بين هذه الإنجازات، تحدث السوداني عن استقرار أمني نسبي، ودفع رواتب الموظفين بانتظام، إضافة إلى الشروع في تنفيذ مشاريع خدمية وتنموية في بعض المحافظات.

ويبدو أن السوداني يحاول بناء صورته كـ”رجل الدولة القوي”، الذي يملك القدرة على قيادة البلاد في ظروف صعبة، ويأمل أن يقنع الشارع العراقي بأن حكومته قادرة على التصدي للتحديات الداخلية والخارجية.

المالكي والأزمة الاقتصادية في العراق

على الرغم من محاولات السوداني لتسليط الضوء على إنجازات حكومته، يظل الوضع الاقتصادي في العراق مهددًا بالتدهور.

ووفقًا لبعض التقارير الحكومية، فإن العراق يواجه أزمة عجز مالي متزايدة بسبب تراجع أسعار النفط العالمية، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الموازنة العامة.

وتثير هذه الأوضاع المالية المتأزمة المخاوف من إلغاء موازنة عام 2025، وهو ما قد يعمق الأزمة الاقتصادية ويزيد من السخط الشعبي.

في هذا السياق، يواصل المالكي توجيه انتقاداته للحكومة، مشيرًا إلى أن الحلول التي تم تبنيها ليست كافية لمواجهة الأزمة. وبهذا الشكل، يبدو أن المالكي يواصل تحريك المواقف السياسية لصالحه، مستغلًا تراجع أداء الحكومة في الملف الاقتصادي لضمان تعزيز موقفه داخل التحالفات السياسية.

صراع داخلي على السلطة في العراق

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، يبدو أن العراق مقبل على فترة من الصراع السياسي الداخلي. فبينما يسعى المالكي إلى تعزيز موقفه داخل الإطار التنسيقي، يحاول السوداني أيضًا توطيد سلطته في وجه الانتقادات المتزايدة.

وبحسب تقارير فإن هذا التنافس بين المالكي والسوداني يعكس عمق الانقسامات السياسية داخل القوى الشيعية، ويضع العراق أمام تحديات جديدة قبيل الاستحقاق الانتخابي.

ويعتقد العديد من المراقبين أن الانتخابات المقبلة ستكون بمثابة اختبار حاسم للطرفين. فهل يستطيع المالكي توظيف الأزمة الاقتصادية لمصلحته، وتحقيق ما يطمح إليه من نفوذ؟ أم أن السوداني، رغم التحديات، سينجح في الحفاظ على استقرار حكومته وحصد ثقة الناخبين؟

اقرأ أيضا

وسط مخاوف من فقدان نفوذها.. هل تنجح إيران في توحيد القوى الشيعية بـ العراق؟

نسخ الرابط تم نسخ الرابط