نهر السند بين الدم والمياه... هل يفجّر حرباً نووية بين الهند وباكستان؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نهر السند بين الدم والمياه... هل يفجّر حرباً نووية بين الهند وباكستان؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 06:58 صباحاً

كشمير على حافة الانفجار في نزاع تأجّج مؤخّراً بين الهند وباكستان، بعد هجوم دامٍ أوقع 26 مدنيّاً كانوا في زيارة لموقع سياحي في الجزء الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير. بين السياسة والجغرافيا، يبرز ملف المياه كجزء أساسي في هذا الصراع التاريخي الذي يهدّد الاستقرار الإقليمي. 

تُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق حساسية في العالم من الناحية الجيوسياسية، فالهند تسيطر على حوالى 48% من مساحة منطقة تسميها ولاية "جامو وكشمير"، وباكستان تسيطر على حوالى 35% وتعرّفها بولاية "كشمير الحرة"، أمّا الصين فتسيطر على 17% وتسمّيها "أكساي تشين" وهي غير قابلة للسكن كونها جبالاً جليدية قاحلة.

تقع كشمير في قلب جبال الهيمالايا وتشكّل نقطة التقاء بين جنوب آسيا وآسيا الوسطى، ما يمنحها أهمية عسكرية واقتصادية وجغرافية.

وتتمثّل أهمية كشمير بأنّها تقع عند تقاطع حدود 3 دول تملك أسلحة نووية (الصين والهند وباكستان). بالإضافة إلى أن تضاريسها الجبلية الوعرة تمنحها نقطة استراتيجية عسكرية، إذ تضم ممرّات طبيعية يمكن أن تُستخدم لنقل عناصر أو صد الهجمات. وعلى أهمّيتها، تكتنز كشمير النفط والغاز.

 

عائلة هندية تحمل أمتعتها أثناء عودتها من باكستان. (أ ف ب)

 

"الدم والماء لا يمكن أن يتدفّقا معاً"
بعد هجوم مسلّحين باكستانيين على قاعدة عسكرية هندية في بلدة أوري في كشمير عام 2016، قال رئيس الوزراء ناريندرا مودي لمسؤولي معاهدة مياه نهر السند: "الدم والماء لا يمكن أن يتدفّقا معاً". 

تشكّل كشمير مصدراً مهمّاً للمياه العذبة في المنطقة إذ تنبع منها أنهار رئيسية عدّة من بينها نهر السند، الذي تعتمد عليه باكستان في ري أراضيها وتوليد الطاقة الكهرومائية.

في معاهدة أبرمت عام 1960 وبمفاوضات رعاها البنك الدولي على مدى سنوات، اتّفقت الهند وباكستان على "الاستخدام المنصف" لـ6 روافد تغذّي نهر السند.

تمنح المعاهدة أو "اتّفاقية شيملا" الهند الحق في الاستخدام غير المشروط لمياه الأنهار الشرقية الثلاثة: رافي، سوتليج وبياس، اثنان منها يتدفّقان لاحقاً إلى باكستان. أمّا باكستان فتمتلك السيطرة على الأنهار الغربية: السند، تشيناب وجيلوم، التي تمر عبر أراضٍ هندية قبل أن تصب في باكستان. 

وتُلزم المعاهدة الهند بالسماح بتدفّق هذه المياه إلى باكستان من دون عوائق، وتضمن لها المياه لنحو 80% من المزارع فيها.

 

الصراع في كشمير... تاريخ مقفل على الحلول ومفتوح على الحروب الكبرى

مع تداخل العلاقات الدولية والمصالح السياسية أو الاقتصادية أو تنافرها في جنوب آسيا، فإن تداعيات النزاع بين الهند وباكستان لا يمكن أن تبقى محصورة في إطارها الجغرافي "الضيق".

 

وهذه المعاهدة علّقتها الهند بعد هجوم كشمير الأخير معتبرة أن "هذا التعليق سيظل سارياً حتى تتخلّى باكستان بشكل موثوق ولا رجعة فيه عن دعمها للإرهاب عبر الحدود"، فيما ردّت باكستان بأن "أي محاولة لوقف أو تحويل تدفّق المياه التابعة لباكستان ستُعتبر عملاً حربياً".

تعليق المعاهدة المائية جاء ضمن سلسلة إجراءات متبادلة بين القوّتين النوويتين بعد الهجوم، إذ أُغلق المعبر الحدودي البري الرئيسي "واغاه-أتاري" بين الجارتين وخُفّض عدد الديبلوماسيين وطلبت نيودلهي من جميع الباكستانيين الخروج من الهند خلال 48 ساعة، معلنة أن تأشيرات كل هؤلاء ملغاة. بدورها، أغلقت إسلام آباد الأجواء بوجه الطائرات الهندية وعلّقت التجارة وألغت التأشيرات وأعلنت ضرورة إعادة النظر في كل الاتفاقيات معها.


تاريخ من النزاع...
وقع الهجوم الذي أغضب الهند وحكومتها في باهالغام، وهي مقصد سياحي شهير في الإقليم الخلاب الذي شهد انتعاشاً في السياحة مع تراجع العنف فيه خلال السنوات القليلة الماضية. إلّا أنّ الهجوم شكّل ضربة لجهود مودي للترويج لهذه الصورة بأنها منطقة تتمتّع بـ"السلام والتنمية".

 

إحراق العلم الهندي وصور مودي في باكستان. (أ ف ب)

إحراق العلم الهندي وصور مودي في باكستان. (أ ف ب)

 

وتعود جذور النزاع إلى عام 1947 حين قسّمت بريطانيا مستعمرتها الهندية إلى دولتين مستقلّتين: باكستان ذات الغالبية المسلمة والهند ذات الغالبية الهندوسية. إلّا أن وضع إقليم كشمير بأغلبيته المسلمة كان معقّداً إذ رفض حاكمه الهندوسي هاري سينغ الانضمام لأي من الدولتين، لكنه وافق لاحقاً على الانضمام إلى الهند ما فجّر أولى الحروب بين البلدين (1947-1948) وأدّى إلى تقسيم الإقليم فعلياً. يفصل بين القسمين خط المراقبة أو خط وقف النار الذي أقرّته الأمم المتحدة مع الدولتين في تموز/يوليو عام 1949 وعيّنت قوّة مراقبة دولية عرفت باسم "UNMOGIP".

ودارت الحرب الثانية عام 1965. أمّا الحرب الثالثة فكانت عام 1971 والتي انتهت بانفصال باكستان الشرقية وتأسيس بما يُعرف اليوم بجمهورية بنغلادش.

حصلت حوادث عدّة تخلّلتها عمليات مسلّحة وتفجيرات وتبادل إطلاق نار بين الطرفين بسبب كشمير، كانت آخرها عامي 1999 و2019 وأودت بحياة أكثر من 40 جندياً هندياً.

ورغم محاولات التوسّط الأممية ومساعي التهدئة، وآخرها من البوابتين السعودية والإماراتية، بقيت مواقف الطرفين على حالها. فالهند تتّهم باكستان بدعم الانفصاليين، في حين تطالب إسلام آباد باستفتاء أممي يمنح الكشميريين حق تقرير المصير. كلّ هذا في ظلّ تفاقم القلق الدولي بسبب امتلاك البلدين السلاح النووي.

 

مسار الأنهار. (أ ف ب)

مسار الأنهار. (أ ف ب)

 

ووفق صحيفة "التلغراف"، فإن "نهر السند الذي شهد ولادة إحدى أقدم الحضارات وأكثرها غموضاً على وجه الأرض وأوقف تقدّم الإسكندر الأكبر ويدعم اليوم بعضاً من أكثر مدن العالم اكتظاظاً بالسكّان، قد يشعل الحرب العالمية الثالثة".

قالها صراحة وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف: "إذ كان المواطن الباكستاني لا يعيش في أمان، فالمواطن الهندي لن يعيش في أمان  أيضاً ".

وعليه، إلى أين ستؤدّي المواجهة بين القوّتين النوويتين؟ وهل ستستخدم الهند المياه كسلاح؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق